الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط
الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط - Page 6
العميد ريمون اده للمستقبل
اسرائيل ستنسحب وانا متفائل لأول مرة!
على مجلس النواب الغاء اتفاقية القاهرة ... رسمياً!
كيسنجر وضع خطة "قبرصة لبنان" وتقسيمه الى دولتين
الفلسطينيون نجحوا في خلق قضية لهم
اما منحن فقد فشلنا في طرح قضيتنا على العالم!
(المستقبل :العدد58 في 1 نيسان 1978 كتب نبيل خوري)(مصحح)
... مع العميد ريمون اده, انت لست في حاجة الى اسئلة, او حتى الى ورقة وقلم.
أنت بحاجة فقط الى ألة تسجيل تضعها أمامه, وهو يتولى الاسئلة والاجوبة, ثم الخروج بالنتائج.
وبعد ما حدث في لبنان. بعد الغزو الاسرائيلي. وبعد وصول القوات الدولية, عادت اذهان الناس في لبنان والعالم العربي الى ريمون اده. لقد تحقق ما قاله ويقوله منذ عام 1968. وانتصرت وجهة نظره, رغم ان هذا "الانتصار" جاء متأخراً ... وعلى أثر مذبحة في الجنوب.
ومع العميد أده, في شقته بفندق "البرينس دو غال" في باريس, كان هذا الحوار – عفواً ... هذا التسجيل:
قلنا للعميد:
يكتشف الجميع الآن ان كل ما اعلنته وطالبت به سابقاً كان صحيحاً. من مطالبتك باستقدام القوات الدولية عقب الاعتداء الاسرائيلي على مطار بيروت عام 1968, الى مطالبتك بالغاء اتفاقية القاهرة, الى استمرارك في الكلام عن "المؤامرة". لذلك وبعد الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان ينتظر الجميع توقعاتك ورأيك بالنسبة للمستقبل الغامض!
- لا اعرف من أين أبدأ ... ولكن فلنبدأ بالمؤامرة التي تكلمت عنها كثيراً. الخيط الاول من المؤامرة امسكت به اثناء وجودي في باريس في شهر آب من عام 1974 عندما اخبرني مصدر مطلع بأن لبنان مقبل على احداث شبيهة بأحداث قبرص. بعد وصولي الى بيروت اجتمعت بكميل شمعون وبيار الجميل في مقر البطريركية الكاثوليكية في عين تريز, واخبرتهما بما قيل لي حول الاحداث الخطيرة التي تنتظر لبنان, وابلغتهما ان المؤامرة التي ترمي الى تقسيم لبنان هدفها توطين 400 الف فلسطيني في لبنان. منذ ذلك التاريخ بدأت اتحدث عن "قبرصة لبنان" و"فتنة لبنان" و"تقسيم لبنان", فالمؤامرة كان هذا هدفها. لأن الاربعمئة الف فلسطيني لا تريدهم اسرائيل ضمن حدودها, ولا يريدهم الاردن. وسوريا رغم مساحتها الواسعة لا يريدهم الواسعة لا تريدهم, ومصر لا تريدهم ...ولا اية دولة عربية تريدهم. بالاضافة الى ان الفلسطينيين انفسهم يفضلون في هذه الحال البقاء قريبين من دولتهم السابقة والحاضرة والمستقبلة التي هي فلسطين, كي يستمروا في شن العمليات الحربية مذكرين العالم دائماً بقضية اسمها قضية فلسطين. ان الفلسطينيين هم اللاجئون الوحيدون في التاريخ الحديث الذين استطاعوا خلق قضية لهم. اما نحن اللبنانيين ورغم ان لنا قضية, فلم نستطع حتى الآن اظهار هذه القضية للعالم. ان فلسطين اصبحت قضية, وهذا واضح في صحافة الغرب ففي كل يوم ذكر دائم "لقضية فلسطين" والفضل في ذلك يعود الى لبنان واللبنانيين الذين رحبوا بالفلسطينيين. ان الرئيس الاميركي كارتر يحتج ويطالب بحقوق الانسان في بولونيا, وكان عليه ان يتحدث عن حقوق الانسان في لبنان سواء كان الانسان لبنانياً او فلسطينياً. لقد اضاع الفلسطيني كل شيء وهو يعيش في ظروف صعبة, لذلك لا يهمه اذا خسر كل عربي وطنه. والعرب يعرفهم الفلسطيني جيداً, فهم ينسون بسرعة ويتعانقون بسرعة, ولكن العناق الذي يضمر غير ما يعلن. لقد اصبح الصدق خارج المفاهيم العربية.
والمؤامرة يا عميد؟
- لبنان كان ضحية مؤامرة. وقد اعلنت مراراً ان هذه المؤامرة هي من وضع كيسنجر وترمي الى "قبرصة" لبنان اكراماً لإسرائيل, وبالتالي القضاء على كل ما هو ديمقراطي وجعل لبنان دولتين. واحدة مسيحية واخرى اسلامية, والانتقال بعد ذلك الى "بلقنة" دول عربية اخرى في الشرق الاوسط. فإذا لم يضع الرئيس كارتر حداً لهذه المؤامرة, ستستمر الحوادث في لبنان وفي غير لبنان. لكن في الافق بوادر جديدة ... ربما....
... بوادر تضع حداً للمؤامرة؟
- اجل. يجب ان ندرك مغزى مشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة الى مجلس الامن بشأن الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان. كما يجب ان ندرك مغزى السرعة التي تم بها التصديق على هذا القرار. استنتاجي: هو ان الولايات المتحدة ارادت مجابهة مناحيم بيغن بالامر الواقع خلال زيارته الاخيرة لواشنطن, كما ارادت ان تعيد المحادثات الاميركية الاسرائيلية الى اطار المبادرة المصرية. وبرأيي ان الرئيس كارتر امتنع اخيراً عن مباحثة بيغن في موضوع جنوب لبنان مركزاً على آخر ما توصلت اليه محادثات السلام بين مصر واسرائيل. وبالاضافة الى هذه المبادرة هناك عامل جديد, وهو اعلان الرئيس كارتر لمناحيم بيغن بأن قرار مجلس الامن رقم 242 يشمل الضفة الغربية, برغم ان هذا التفسير الاميركي الجديد للقرار لا يوضح اذا كان الانسحاب يتم من اراض او من كل الاراضي المحتلة. ومن البوادر ايضاً ان قرار مجلس الامن الجديد رقم 425 ينص على انسحاب اسرائيل من جميع الاراضي اللبنانية. وقد صرحت لوكالة الصحافة الفرنسية قبل التصديق على هذا القرار "بأن الانسحاب يجب ان يكون من جميع الاراضي اللبنانية". ان ما يمكنني استنتاجه الآن هو ان تغييراً قد حصل في سياسة الرئيس كارتر تجاه ازمة الشرق الاوسط فالقرار 242 سيشمل تنفيذه كل الجبهات رغم ان التفسير – برأيي- سيبقى هو هو: أي الانسحاب من قسم من الاراضي. لكنني لا اعتقد بأن اسرائيل ستنسحب من كل الجولان, وذلك بالاتفاق مع اميركا. فأنا اتذكر ما قرأته في كتاب الرئيس كارتر الذي نشره قبل انتخابه رئيساً للولايات المتحدة حيث قال "بأنه زار اسرائيل واعلن بعد زيارته لمنطقة الجولان بأنها منطقة استراتيجية لا يجوز ان ينسحب منها الجيش الاسرائيلي لن يتخلى عن الجولان لأسباب استراتيجية وهذا سبب من اسباب المؤامرة التي وضعها كيسنجر ضد لبنان. (انتهى)
___________________




