الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط
الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط - Page 26
لعبة الامم
مايلز كوبلاند
اذا اردت ان تفهم "لعبة الامم" فعليك ان تضع نصب عينيك القواعد التالية:
1- ان من اول اهداف اية أمة كانت ان تبقى في اللعبة ولا تخرج منها
2- وغالباً ما تتصرف الامة بصورة لا تهدف معها الى احراز اي نجاح في داخل اللعبة بقدر ما تهدف الى استمرار التأييد الجماهيري لزعيمها.
3- ومن السذاجة الخاطئة بمكان ان يفسّر اي تصريح رسمي حول السياسة الخارجية بصفاء النية وخلوص السريرة, فالمناورة شرط اساسي لاي زعيم في اللعبة, فهو يُظهر ما لا يبطن, ويقول شيئاً ويعني به شيئاً اخر.
4- ان اظهار حسن النية والتصريح بوجود اهداف مشتركة لأمم متعادية لا يهدفان الا الى تحسين الاوضاع الداخلية او الى ممارسة ضغط على فريق ثالث, ويندر ان يحملا معهما اي امل مخلص لتحقيق ما يعلنان عنه حقيقة.
5- ان مداعبة دولة عظمى لامة ضعيفة وملاطفتها لها غالباً ما تتمخضان عن التفات الاخيرة نحو الخصم الرئيسي للدولة العظمى وذلك لتدفع بهما الى التنافس على كسب ودّها وعندئذٍ تنتهز الفرصة لتجني الارباح وتحقق المكاسب.
6- وعندما تُصبح الامة الضعيفة ذات قوة دبلوماسية عن طريق استغلالها ذلك التنافس بين الدول العظمى على كسب ودها فإنها تتبوأ هي الاخرى مركزاً استراتيجياً يساعدها على احراز قوة اكبر عن طريق التهديد بالقيام بمغامرات ترغب عنها الدول العظمى. (انتهى)
المصدر: الاسبوع العربي في 11/2/1980
سركيس في اجواء جديدة:
"عند تغيير الدول... احفظ رأسك"
مصحح
"عند تغيير الدول.. احفظ رأسك!" هذه هي الحكمة التي كان يرددها زوار الرئيس الياس سركيس وهم يغادرون القصر الجمهوري الاسبوع الماضي. وقد ساد اعتقاد الناس بأن المنطقة, ومنها لبنان, مقبلة على تطورات مهمة, وخطرة, تصل الى حد تغيير حدود بعض الدول وإطاحة بعض الرؤوس الكبيرة؟!
والواقع ان الرئيس سركيس, بما عنده من معطيات ومعلومات, حرص على ان يضع زواره في الاجواء الحقيقية للتطورات "حتى لا يخطىء احد في التقدير, او يلوم, بحجة انه لم يطلع على ما في هذه الاجواء.." وأعاد الى الاذهان كلاماً قديماً له, قاله في الايام الاولى لانتخابه, وخلاصته انه سيكون سعيداً, وناجحاً, إذا سلم لبنان لخلفه كما تسلمه, هو, من سلفه.
ويقول بعض المسؤولين إن المؤشرات التي تخيفهم كثيرة, ومتنوعة, اهمها:
اولا – تصاعد التوتر في الجنوب وتسارعه, وتنامي الحشود العسكرية السورية والاسرائيلية فيه وحوله.
ثانياً – الانسحابات السورية من المواقع الردعية, في بيروت والضواحي, بعد الانسحابات السابقة من المواقع الجنوبية والشمالية.
ثالثاً – تسابق الفئات المسلحة على تسلم معظم المواقع التي يخليها السوريون, أو بعضها, وعودة المسلحين الى نقاط المواجهة المباشرة, مع ما في ذلك من خطر على البلاد والعباد.
رابعاً – عودة التوتر بين مسلحي الكتائب والاحرار, بعد احداث اهمج –
خامساً – تشابك الخيوط والمصالح الدولية في المنطقة, وعبرها وحولها, وانصراف الاشقاء والاصدقاء الى الاهتمام بشؤونهم الخاصة وحفظ رؤوسهم في معمعان الصراع على الدول ومواردها وانظمتها وكياناتها.
سادساً – امتلاء الاجواء باخبار احتمالات الصدام المسلح بين سورية واسرائيل, وما يمكن ان ينتج عنه من تطورات وآثار محلية وأقليمية. خصوصاً ان هناك كلاماً كثيراً عن وعد سوفياتي بنجدة سورية ومنع اسرائيل من النيل منها. وهذا يعني ان هناك إمكاناً لوقوع مجابهة مباشرة بين اميركا والاتحاد السوفياتي بسبب التزام واشنطن باسرائيل وسلامتهاوتفوقها العسكري.
ويضيف المسؤولون قائلين: " ان كل ما في الجو يحمل على التصور ان لبنان, اليوم, هو على عتبة احداث جسام, قد تكون مشابهة لحرب السنتين التي لم تنته فصولاً بعد"؟!.
وعندما يقال لهؤلاء المسؤولين إن ما يطلعون به على الناس, الآن, يناقض ما كانوا يقولونه قبل فترة وجيزة عن "وضع الازمة اللبنانية في ثلاجة الانتظار" يجيبون بقولهم: ليس هناك اي تناقض او تعارض. نحن ندرك ان "الهدنة" العامة الممنوحة لنا "يجب" ان تستمر حتى شهر ايار (مايو) المقبل, موعد الانتهاء من مفاوضات الحكم الذاتي للفلسطينيين بين مصر واسرائيل. لأنه ليس هناك مصلحة لأي من هاتين الدولتين بتفجير الوضع قبل انتهاء هذه المفاوضات بالفشل او بالنجاح. ولكن من يضمن لنا ان لا تتحرك المصالح الاخرى, الاقليمية والدولية, قبل ايار (مايو) وتنسف المعادلات القائمة حالاً في لبنان والمنطقة؟!
ويمضي المسؤولون في اعلان تصوراتهم ويقولون: من الملاحظ ان وتيرة التحرك على الساحة اللبنانية تتبدل باستمرار تبعاً لتبدل اهداف هذا التحرك, وذلك بفعل التأثيرات الاقليمية والدولية في الواقع اللبناني. فقبل قمة تونس كان التحرك اللبناني يستهدف عقد هذه القمة لتناقش الوضع في جنوب لبنان وتصوغ له القرار المناسب والمقبول لبنانياً وفلسطينياً.
وعقدت القمة وظهر التناقض بين الموقفين اللبناني والفلسطيني,وعجز القادة العرب عن التوفيق بينهما, رغم الاجتماعات الطويلة والمساعي الحثيثة. وكان ان صدرت القرارات المعلومة التي لم ترض لبنان, ولكنه تعامل معها على اساس: "اذا لم يكن ما تريد فارد ما يكون", علماً بأن في هذه القرارات شيئاً إيجابياً يتعلق بارسال الجيش الشرعي الى الجنوب.
وبدأت المفاوضات والاتصالات للاتفاق على "شكليات" تنفيذ قرار إرسال الجيش الى الجنوب لأن الجميع وافقوا على مبدأ هذا الارسال. واظهر التعاطي المباشر مع الموافقين على المبدأ, والجوهر, ان "الشكل" عندهم له منزلة تتساوى مع المبدأ والجوهر ان لم تتقدم عليها؟!
وطال الجدل وتشعب, ووقف من يقول بنشر الجيش في المناطق المسيحية (جبيل وكسروان) قبل إرساله الى الجنوب (!) ومن ينادي بجعل دخوله الجنوب متوازناً: اي يدخل صور ومرجعيون في وقت واحد؟! ومن يرى ان مبدأ انتشار الجيش يجب ان يكون من صور الى طرابلس, مروراً بالوسط التجاري لبيروت, على ان تكون الافضلية لصور..
وفيما الجدل ناشط بصدد هذه الامور "التشكلية" بدأت الانسحابات السورية من بعض المواقع الردعية. ثم انفجرت احداث إهمج – عنايا وجاء الانتصار السوري بالانسحاب من وسط بيروت – وكان قد سبق ذلك ما حدث في افغانستان وما تركه من انعكاسات على الصعيد العالمي كله – وهكذا اختلط حابل إرسال الجيش الى الجنوب بنابل تسلم جيش التحرير الفلسطيني بعض المواقع التي أخلاها السوريون وتحفز المسلحون من هنا وهناك, لتسلم مواقع غيرها. وتبدلت الصورة وتغيرت المعطيات وصار الذي كان مطلوباً بالامس,وملحاً, غير مطلوب اليوم ويحتمل التأجيل, بينما صار المؤجل معجلاً لا يقدر على الانتظار ولو على الصعيد التكتيكي على الاقل.
ويقول المسؤولون في النهاية: ويتضح من هذا العرض السريع ان الوضع في لبنان لا يخضع لقاعدة ثابته ذات مقاييس دائمة بل انه شبيه بالرمال المتحركة التي تتلاعب بها الانواء, في حين ان الاهواء هي التي تلعب بلبنان وتبدل حاله من حال الى حال بين يوم وآخر.
-وما هي النهاية ومتى تكون؟
ويجيب الرئيس سركيس عن هذا السؤال بقوله: "حاولنا فصل الازمة اللبنانية عن ازمة الجنوب فكان نجاحنا جزئياً. وحاولنا فصل الجنوب عن ازمة الشرق الاوسط فلم نوفق, ولذلك ليس عندنا غير الانتظار والعمل على تجنب الوقوع في مهاوي الخطر ومطباته. وما دام فرض علينا الانتظار فلنحاول ان ننتظر بأقل ما يمكن من الخطر والضرر".
اما رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص الذي "خطف رجله" الى دمشق يوم الاثنين الماضي في 4-2-80, وناقش مع الرئيس حافظ بالاسد وكبار معاونيه اخطار الانسحاب السوري من بيروت ولبنان, في هذا الوقت, فانه لا يستهين بالصعوبات التي تواجه الحكم والشعب, ويرى ان النتائج تتوقف على التحرك الذي بدأه المسؤولون ونوع هذا التحرك وشموله وأبعاده. "لأن القرار السوري بالانسحاب هو قرار نهائي وما نستطيعه هو التفاهم على حدوده وحجمه وتوقيته".
ويعترف رئيس الحكومة بأن ليس عند الحكم بديل للجيش يتسلم المواقع التي يخليها السوريون. ولكن وضع الجيش وواقع القوى المسلحة الموجودة يفرضان على الجميع ان يدعموا الجيش ويسهلوا له مهمته اذا كانوا فعلاً,لا قولاً يرغبون في مشاهدته يعود الاقوى ولاانقى على الارض اللبنانية. واذا كانوا, حقاً, يريدون ان تبسط الشرعية سلطتها على لبنان كله من الناقورة حتى النهر الكبير. (انتهى)
___________________




