الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط
الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط - Page 33
عودة كيسنجر!
(الاسبوع العربي 29-12 – 1980 محمد سماك)
ليس من الواضح بعد, ما اذا كان الدكتور هنري كيسنجر يعود مرة جديدة الى الشرق الأوسط, "بالهراوة" او "بالجزرة" الأميركية. غير انه من الواضح ان عودته تتم في ضوء المواقف الهامة الآتية:
أولاً: الاتفاق الذي تم بين اسرائيل وادارة الرئيس المنتخب رونالد ريغان على تشكيل لجنة دفاع مشتركة.
ثانياً: تعيين الجنرال الكسندر هيغ وزيراً للخارجية الاميركية, وهو الذي طالب في عام 1979 بعقد تحالف بين اسرائيل وحلف شمال الاطلسي, "باعتبار ان اسرائيل تحتل مركزاً استراتيجياً في الجناح الجنوبي للحلف في مواجهة الاتحاد السوفياتي".
ثالثاً: دعوة وزير الدفاع الاميركي الجديد كاسبار وينبرغر "الى تقديم المساعدات الجوهرية الاقتصادية والعسكرية لاسرائيل, وزيادة التواجد الاميركي العسكري فيها, وفي بعض دول المنطقة الاخرى.. لمواجهة الكتلة السوفياتية لصالح الولايات المتحدة".
رابعاً: اعلان نائب الرئيس الاميركي المنتخب جورج بوش " انه من اجل المصلحة الاميركية الذاتية لا يمكننا ان نتخلى عن مسؤوليتنا كحارس للحرية في عالم مهدد بقوى عدوانية معادية لمفهوم الحرية".. و"ان السلام على طريق القوة.. القوة العسكرية ليس مجرد شعار في حملة انتخابية.."
خامساً: اعتراف وزير الدفاع الاميركي الحالي هارولد براون رسمياً, وبصورة علنية "ان الولايات المتحدة فكرت عدة مرات اثناء حكم الرئيس كارتر في استخدام القوة العسكرية في الشرق الاوسط وافريقيا واميركا اللاتينية".
في ضوء هذه المواقف يمكن ادراك ابعاد الرفض الاميركي الحاد لمقترحات الرئيس السوفياتي ليونيد بريجنيف حول أمن المحيط الهندي والخليج العربي. ذلك ان هذه المنطقة التي تشكل شريان الحياة اقتصادياً وبالتالي عسكرياً للعالم كله, تعتبرها الولايات المتحدة جزءاً من امنها الستراتيجي. ومن اجل ذلك فهي ترفض اي مساومة دولية حول مشاركتها الهيمنة على هذه المنطقة. وهي – اي الولايات المتحدة – مستعدة لأن تذهب من اجل تأكيد ذلك, ومن اجل فرض هذا الواقع في لعبة الامم الى حد استعمال القوة العسكرية وليس مجرد التلويح بها.
فالاستياء الاميركي من العملية العسكرية التي قام بها الرئيس كارتر في صحراء لوط في ايران لتحرير رهائن السفارة الاميركية لم يكن استياء ضد مبدأ استعمال القوة, انما كان استياء بسبب فشل العملية العسكرية.
وقد رأينا بعد ذلك كيف ان البنتاغون عمد الى رفع كفاية القوات التي تم تشكيلها للتدخل السريع في منطقة الخليج عن طريق التدريبات التي جرت في مصر.. ثم عن طريق تعزيز مواقعه العسكرية في المنطقة.
ان العقد التي تتحكم في عملية اتخاذ القرار في البيت الابيض هي اللاثقة لدى اصدقاء الولايات المتحدة... واللااحترام لدى خصومها في العالم.
وقد عززت سلسلة التراجعات الاميركية في الشرق الاقصى, وافريقيا واميركا اللاتينية, والخليج العربي, من هذه العقد, ولذلك فإن الهاجس الاساسي الذي يهم الادارة الاميركية الجديدة, هو استعادة الثقة المفقودة, والاحترام الضائع.
ولا توجد في العالم منطقة يتجمع فيها اصدقاء وخصوم الولايات المتحدة كالشرق الاوسط والخليج العربي. ولا توجد منطقة تهم الولايات المتحدة استراتيجياً, كما تهمها هذه المنطقة بالذات. فإذا كان كيسنجر يحمل "الجزرة", فمن اجل استعادة ود الاصدقاء.. واذا كان يحمل العصا.. فمن اجل فرض الاحترام على الاعداء.
انها سياسة جديدة.. باسلوب بال.. (انتهى)
___________________




