الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط

الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط - Page 17

Friday, 05 June 2009 19:19 | PostAuthorIconWritten by | PDF Print E-mail
Article Index
الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط
Page 2
Page 3
Page 4
Page 5
Page 6
Page 7
Page 8
Page 9
Page 10
Page 11
Page 12
Page 13
Page 14
Page 15
Page 16
Page 17
Page 18
Page 19
Page 20
Page 21
Page 22
Page 23
Page 24
Page 25
Page 26
Page 27
Page 28
Page 29
Page 30
Page 31
Page 32
Page 33
Page 34
Page 35
Page 36
Page 37
Page 38
Page 39
Page 40
Page 41
Page 42
Page 43
Page 44
Page 45
Page 46
Page 47
Page 48
Page 49
Page 50
All Pages
Page 17 of 50

الحوادث
الغرب لا يحارب بإسم الدين
بل يستغل الصليب لش حروبه!

16-11-79 الحوادث بقلم د .تيسير كوى

قرأت في عدد مجلة "الحوادث" الصادر في 26/10/1979 مقالا للسيد جلال الكشك، مراسلكم في الولايات المتحدة الأميركية، تتعلق بزيارة البابا لتلك البلاد. تعليقي على ما كتب ينقسم إلى تعليق على الشكل وتعليق على المضمون.
في تقديري أن العنوان/ السؤال على الغراف الخارجي للمجلة لم يعكس كل ما جاء في مقال السيج الكشك، وبالتالي فهو معرض للاتهام بأنه عنوان، قصدت منه الإثارة والتشويق أو الترويج للمجلة.
وفي ضوء ما يجري في العالم العربي حالياً وخاصة في لبنان، فهذا العنوان/ السؤال هو إثارة آثمة. وفي داخل العدد، في الصفحة 44. تظهر صورة شرطي أميركي، لا شك مؤمن، يقبل يد البابا راكعاً، وتكتبون مانشيتا فوق الصورة "الأمن الأميركي يقبل يده تبركا..." هذا أصبح شرطي أميركي واحد يمثل الأمن الأميركي؟ أهذا ما يسمى في هذه الأيام صحافة رصينة مسؤولة؟ ثم أنني أود أن أسأل السيد كشك عن اللغة التي تفاهم بواسطتها مع صديقيه الكافرين (على اعتبار أنه هو ناقل كفر فقط!) الإيراني والباكستاني وعن طبيعة مقالته: هل هي حوار بينه وبين شخصين، ومن هما هذان الشخصان؟ أم هل أن مقالته نقل أراء تداولها مع أصدقائه في سهرة ورأى بثاقب نظره الصحفي أن يتحف القراء بما تبادلوه من درر قبل أن تضيع في ضباب الفكر، وفي ثنايا الليالي وذكرياتها؟
هذا كله من ناحية الشكل. أما من ناحية المضمون فأنا أعتبر أن لا فرق بين ما قاله المضمون فأنا أعتبر أن لا فرق بين ما قاله صديقا جلال الكشك، وما نقله هذا الأخير عنهما، فالنتيجة واحدة وهي أن أموراً أثيرت كان من الأفضل، بل من واجب الأمانة والصدق والمسؤولية الصحفية، ألا تثار في مجلة سياسية إخبارية أسبوعية وبهذا الشكل. مقال الأستاذ كشك  هو مجموعة من الشطحات الفكرية والآراء الفجة  والأوهام التي تلبست لباس "الحقائق" والتي لا يدعمها لا علم ولا واقع تاريخي أو اجتماعي، ولعل تكاثر هذه الآراء في الآونة هو من أشد مصائب العالم الإسلامي إيلاماً، هذا العالم الذي يبدو أن المقال يتنطح لتمثير وجهة نظره والدفاع عنها. في تقديري أن ما خرب لبنان وهو في "العالم الإسلامي" كان تكاثر وتزاحم الأفكار التي من هذا النوع، أي المبنية في الأساس على أوهام وخرافات وأضاليل، وانصافا للسيد كشك ولمخبريه، لم يكن مصدر هذه الأفكار في الجيلين الماضيين إيرانيا متعصباً وباكستانيا ملحدا فقط، ولا طلاب المدارس المتوسطة، بل هناك مؤسسات سمت نفسها جامعات أفرزت عقليات من هذا النوع، وعبرت عن أفكار وآراء لا تختلف كثيراً عما قرأناه في هذه القالة:
يثول السيد كشك أنه بعث "بهذه الرسالة – غير الودية – عن زيارة البابا"... فمن قصد بالحرمان من مودته الغالية، إلى من يكتب هذا الرجل؟ ومن وما يستوحي في كتاباته؟
إن هذه المقالة مليئة بالشطحات والأحكام التي لا يسندها لعم ولا واقع ولا تاريخ. أمثلة؟ هاكم بعض ما جاء فيها: من قال أن أشرس الحروب هي التي قامت باسم الدين؟ ومن قال أن أشرس هذه الحروب أعلنت بإسم الدين؟ الحروب التي وقعت بين المسيحيين حتى في أوج ما سمي بالحروب الصليبية، والحروب التي وقعت بين المسيحيين في أوروبا نفسها وفي آسيا وأفريقيا والأميركتين كانت أشرس بكثير من كل الحروب التي خاضها المسلمون مع المسيحيين ثم إن الحروب وقطع الأعناق والمؤامرات اتي قام بها مسلمون ضد مسلمين كانت ولا تزال أشرس مما جرى بين المسلمين والمسيحيين. هل في الأمر شك؟ أطلبوا من العلماء والباحثين الجديدين، لا من مراسلي الصحف الذين هم من صف السيد كشك وصديقه مدرس الإلكترونيات، ألبوا ممن يعرف أن يعطيكم الخبر اليقين. الحروب، الصليبية منها وغير الصليبية، لا يقررها عامل واحد بل تقررها عوامل عدة وقلما يكون السبب المعلن للحرب أهمها، ابتدأت أشرس حرب في هذا القرن بسبب اغتيال أمير مسيحي في بلد مسيحي في أوروبا بيد مسيحي أوروبي شاب. هكذا قيل، راجع التاريخ يا سيد كشل، التاريخ الذي علموك إياه في المدارس الإبتدائية هذا إذا كنت قد تخرجت من واحدة منها، راجع التاريخ لتعرف خلفيات الحرب تلك.
يوحي المقال وكان الكنيسة الكاثوليكية، ممثلة الغرب المسيحي، تحاول أخذ دور القيادة في مهاجمة الشرق الإسلامي، أو أ، الكنيسة قادرة على استقطاب الغرب أو هي بالفعل في سياق استقطاب الغرب المسيحي للتهيئة لحرب ضد الشرق المسلم. الكنيسة الكاثوليكية لم تتوقف منذ نشأتها وحتى هذه الساعة عن محاولة القيادة أو استعادة دور قيادي ذاقت حلاوته في عصر من العصور الغابرة، لا ش في أن الكنيسة الكاثوليكية تنظيم عالمي ديني في الدرجة الأولى، ولكنها تحاول منذ عصور وعصور أن تستعيد صفتها السياسية التي كانت لها في فترة من الفترات. أما نتيجة المحاولات اليائة فهي أن الكنيسة لم تنج حتى الآن في قيادة أي حركة من الحركات في الغرب، ولم تتمكن من القيام بأكثر من بعض الخدمات الاجتماعية، وفي آخر الأخبار أنها لم تتمكن من جمع أكثر من مائة ألف شخص في "اليانكي ستاديوم" وفي غير "ستاديوم" في الولايات المتحدة. الجموع الأميركية التي استقبلت البابا لا تبلغ حتى نصف واحد بالمائة من الأميركيين وعندما كان البابا في إيرلندا طلب إلى الإيرلنديين أن يحاولوا العيش بسلام،  وما أن غادر إيرلندا حتى عادت الحرب إلى ما كانت عليه تماماً قبل قدومه. وفي الولايات المتحدة نفسها، وهذا ما يجدر بالسيد كشك أن يخبر صديقه الإيراني حسين بيه، أعطلت الـ "N.B.C" معلومات إحصائية تفيد أن "66 بالمائة من الكاثوليك يؤيدون استخدام وسائل منع الحمل و 63 بالمائة منهم يؤيدون حرية الطلاق و53 بالمائة يعتقدون بضرورة السماح للقس بالزواج" إلخ... أي أن أكثرية الكاثوليك الذين هللوا للبابا وفرحوا به "وعيشوه" وقبلوا أطراف جبته يعارضون تعاليم الكنيسة الكاثوليكية التي يمثلها البابا، أي البابا الذي هو "قيادة أوروبا الروحية" (لا أعرف ماذا تعني هذه الكلمة في هذا الموضع) وقد جاء إلى الولايات المتحدة يعرض بركاته وعضلاته ويطلب التفويض بالتحرك الأوروبي. عضلات حقا!! يا سيدي، الكنيسة الكاثوليكية ككل مؤسسة عالمية لها عقيدة معينة لم، لا، ولن تكف (وهذا من حقها بل من واجبها) عن محاولة إظهار فسها وكأنها هي الحل للمشاكل والمآسي والمصائب والأزمات البشرية في العالم، وككل مؤسسة عالمية لها اتباعها ومريدوها، ستحاول مؤسسات سياسية وغير سياسية وسيحاول سياسيون محترفون وهواة أن يستغلوها. إذا أمكن، ويمتطوها كما يستغلون ويمتطون الدين نفسه، وذلك للإستفادة السياسية ولتحقيق المصالح. كنيدي الذي ركع أمام البابا، هذا إذا ركع، قد يكون فعل هذا أما لإنه مؤمن وبهذا يكون قد فعل ما يفعله المسلمع المؤمن عندما يخر ساجداً إلى الأرض، فلكل دين ولكل متدين طريقته الخاصة في التعبير عن مشاعره وعقائده الدينية وإما أن يكون كنيدي قد ركع وهذا المرجح، وهو على يقين بأن أعين الكاثوليكيين الأميركيين مصوبة عليه لترى مدى احترامه للمؤسسات ولممثليها ومدى احترامه لكنيسة الكاثوليكية بشكل خاص.
أما أن نعتبر أن ما فعله كنيدي وغير كنيدي وأنه بداية حملة غربية مسيحية هجومية ضد شرق مسلم فهذا منتهى السذاجة والاجتزاء للواقع والسخف وقصور النظر. لن تحدث حروب أخرى، صليبية أو غير صليبية، ما لم تتوافر العوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية ذاتها التي توافرت عندما شنت أوروبا حروبها الصليبية الأولى وغير حروبها الصليبية. وإذا حدثت حروب شرقية – غربية جديدة فلن يجرؤ على تسميتها بالصليبية إلا من كان في عينه عور وفي قلبه غرض. أمراء الغرب، قادة الحروب الصليبية، كانوا يغرون جنودهم بكنوز الشرق وبجمال نسائه قبل أن يذكروا لهم الموت في سبيل المسيح والصليب. الغرب  يحارب باسم الدين أو الصليب بل يستغل الصليب إذا تيسر هذا في أي حرب من حروبه. حدث هذا في أوروبا المسيحية وفي كوريا وفي فيتنام وفي فلسطين وأفريقيا. يقال عن لسان كميل شمعون أن الأميركيين لم يردوا على نداءاته في عام 1958 لإقاذ لبنان، مع علمهم بأن حكام لبنان وقتئذ كانوا يتوسلون المسيحية ويحكمون باسم حمايتها، لم ينزل الأميركيون جنودهم على شواطئ لبنان إلا عندما حدث انقلاب عبد الكريم قاسم في العراق. لقد أنزلت أميركا إيزنهاور – المتدين – جنودها في لبنان دفاعا عن مصالحها وخوفا على هذه المصالح من نفوذ الشيوعيين وللحيلولة دون وصول هذا النفوذ إلى البحر الأبيض المتوسط.
   المسلمون يا سيد كشك، بدأوا حربا أشد فتكا في المدى الويل وأدهى مما تريد أنت وأصحابك إحياءه، أي ذكريات الحروب الصليبية. كيف؟ دعني أخبرك: البابا بولندي وبولندا يحكمها الشيوعيون والبابا حيي اليهود في أميركا التي تعادي الشيوعيين ويتحكم بمعظم شؤونها اليهود، حيي اليهود والق عليهم "الشالوم". بولندا والفاتيكان على ما أعرف لم تحاربا إسرائيل ولا إسرائيل حاربتهما فلماذا العتب؟ البابا بولندي والغربي المثقف العادي والبابا يبدو كذلك، لا يهتم بمشاكلنا كما نهتم نحن أو كما يهتم مثقفونا بالمشاكل الدولية وفي اعتقادي أن البابا مع كل الاحترام والتقدير لا يعرف الكثير عن المأساة الفلسطينية بعد. دع هذه الأمور جانباً وقل لي، هل فعل البابا أكثر مما فعل محمد أنور السادات، ألم يلق هذا الأخير وفي حمى الأزهر معقل من معاقل الإسلام، ألم يلق نفس "الشالوم" على بيغن في القدس: ألم يصافح محمد أنور السادات ووزراؤه المصريون المسلمون يد وزير الدفاع اليهودي وقت كانت طائرات هذا الأخير تصب الحمم والنار على المسلمين وإلى غير المسلمين وتدنس شرف الإسلام والعروبة وذلك بعد 400 كلم فقط وفي أرض محسوبة على الشرق المسلم؟
يا سيدي، فقدت الكنيسة الكاثوليكية الكثير الكثير منذ كانت في أوج عنفوانها وقوتها والحبر الأعظم يحاول الآن كما حاول أسلافه استعاد المفقود لكن كرامته وكرامة الكنيسة أبت عليه إلا أن يعلن إصراره على التمسك بمعتقدات الكنيسة الأساسية في خطبه في إيرلندا وفي الولايات المتحدة. الكنيسة تبحث عن دور، عن وظيفة، عن مهمة لتبرز وكأنها دولة، تريد أن تكون أكثر مما يريد العالم الغربي أن يعطيها. قدموا للبابا منبر "الهايد بارك كورنز" الدولي، أي منبر الأمم المتحدة. النتيجة: ضجة واحتفالات وعواطف ودموع الفرح واسهم نارية وولائم وصور تلفزيون ثم ماذا؟ لا شيء. جاء البابا إلى الولايات المتحدة ليأخذ البركة لا ليعطيها ولعله جاء يفاوض ويتوسط بين العالمين الغربي والشيوعي، أما الإعلام الغربي فقد صور الأمر للعالم المجمن على التلفزيون وكأن المقصود كان العكس. لا يا سيد كشك، الغربيون يستقبلون من لهم في استقباله مصلحة واضحة أو يستقبلون من يتوسمون به الاستعداد ليكون مطية هذه المصالح سواء أكان مسلما شرقيا أو مسيحيا شرقيا أو مسيحيا غربيا أو كائنا من كان.
   إن الطريفة التي طرحت فيها مسألة الحضارة الغربية وأزمتها الأخلاقية الحالية في المقال طريقة أقل ما يقال فيها أنها بدائية وانفعالية. أشير هنا إلى جلال كشك الباكستاني. يبدو لي أن هذا الإنسان لم ينظر إلا إلى ما بهره من الحضارة الغربية، نظر إلى القشور فاندفع في سبيل ما أسماه الإلحاد وكأن الغرب مسؤول عن إلحاده. هذا الإنسان لا يعرف كيف ينظر الغرب إلى التدين والإلحاد وأشك في ما إذا كان مفهومه للأخلاق ينطبق على مفهوم الغربي لهذه الأمور، في الغرب كما في الشرق، عند المسيحيين كما عند المسلمين، تدين ومتدينون والتدين يعني طقوسا (من جملة ما يعني) وتقاليد. لكل دين طقوسه ولكل دين رموزه حتى الإلحاد له طقوس ورموز!! في السلوط البشري طقوس ورموز أكثر مما فيه من أشياء أخرى، حتى اللغة نفسها هي في السياق الطويل مجموعة رموز وطقوس. تناول الخبز والنبيذ رمز واعتبارهما رمزاً لدم السيد الناصري وجسده يصب في القوس الدينية كما يصب ذهاب ما لا يقل عن مليون مسلم في السنة، ومن كل أطراف الأرض، إلى مكة المكرمة وتقبيلهم الحجر الأسود (في جملة ما يقومون به من واجبات وطقوس). الغرب لم يتخل عن إيمانه ولا عن الطقوس التي عادة ما ترافق الإيمان (الطقوس والرمووز الدينية لها وظائف اجتماعية نفسية لا مجال للخوض فيها الآن)، ولكن الغرب فصل ما بين الإيمان بالخالث وبالدين وبين المؤسسات التي تتدبر شءون الناس الدنيوية، فصل الدين عن الدولة. ولقد لجأت الدول في الغرب، كما لجأت الدول في العصور والأزمات، خصوصاً في الأزمات، إلى معتقدات الناس العامة فاستحثتها وأثارتها لخلق تيار فكري يهيء الناس لعمل معين ولكن هذا اللجوء لم يكن للدين فقط ولم يؤد دائما إلى المطلوب، ولجوء الدول إلى التعبئة النفسية أو إلى الشحن النفسي لا ينجج في جعل الناس تندفع في عمل معين ما لم تتهيأ وتتوافر شروط اجتماعية واقتصادية ونفسية معينة. إن ما يجري في الغرب في الوقت الحاضر هو تهيئة الناس لمشاكل محتملة مع الغير، عندما كانت الشيوعية الروسية أكبر عدو للغرب كان التحريض وكانت التعبئة وكان الشحن النفسي موجها ضد الشيوعية والآن يخاف الغرب من انقطاع البترول عنه أو من استيلاء الروس عليه فهو لذلك يحاول أن يعبئ الغربيين العاديين ويهيئهم لمعركة مع أصحاب البترول أو مع أصحاب البترول أو مع غيره من الطامعين في البترول إذ قد يحتاج يوماً محاربتهم وسيكون من جملة المحاربين إلى جانب الغرب مسلمون، إذا بقيت التطورات تسير في الخط الذي تسير فيه الآن.
   لا يمكن لإنسان مهما بلغ من القوة والجبروت إن يجعل من المسلم كافرا أو مسيحيا، فالمسلم مسلم بما في قلبه من إيمان وكذلك المسيحي، أما خلط الإيمان والدين بشؤون الدنيا وبالشؤون الدولية وبإدارات السياسات العالمية فهذا منتهى الغباء والجهل. يسهل على الحاكم الأميركي إقناع الأميركيين بمقاتلة المسلمين أو العرب أكثر مما يسهل عليه مقاتلة المسيحيين الأوروبيين مثلا وذلك لأسباب لا مجال للخوض فيها هنا، ولكننا رأينا في الحرب العالمية الثانية كيف قاتل المسيحيون الأميركيون المسيحيين الألمان ويغر المسيحيين اليابانيين!! إن العداء الموجه للشرق الآن ليس ضد المسلمين بل ضد القوة الغافية التي تمثلها إمكانيات الشرق، كل الشرق بمسلمين ومسيحيين. إذا كانت هناك حروب صليبية يعدها الغرب "المسيحي" للشرق "المسلم" فلقد أطلقت أول رصاصة في هذه الحرب، أطلقها محمد أنور السادات وكل المسلمين الذين يناصرونه في السر والعلانية وهم كثيرون، وقد أطلقت هذه الرصاصة باتجاه "الشرق المسلم"، الموارنة المتسيسون في لبنان وهم قلة حتى بين المسيحيين الذين أتشرف بمشاركتهم لبنان والمواطنة، ما كانوا ليجرؤا على الإعلان عما في نفوسهم وفي نفوس غيرهم من مسلمين ومسيحيين في لبنان وفي غير لبنان لو لم يأت الدعم العلني والقدوة لهم من محمد أنور السادات ومناصريه السريين، وهم كثيرون.
    لا يزال منبع مصائبنا فينا، الغرب لا يريد لنا ما يريده الشرفاء المخلصون منا لنا، هذا طبيعي، الغرب لا يريد أن يخسر ما يملك: هذا طبيعي ولكننا نحن نخسر ما لدينا بالاستهتار والجهل والغباء وبالأحكام التي لا يضبطها علم ولا تبصر ولا عقل. إن المواضيع التي أثارها جلال كشك عبر صديقيه خطيرة ومعقدة ولا يجوز بأي حال من الأحوال إن تبحث بهذه الصورة وبهده الطريقة في مجلة تعلن عن نفسها أنها أسبوعية سياسية إخبارية. آخر عامود من مقالة السيد كشك هراء، أرجو منكم رجاء حارا وأطلب إلى القراء إعادة قراءة ما جاء في هذه المقالة على الصفحة 38 ابتداء من "وتحركت الكنيسة" إلى نهاية المقال. هذا هذيان لا كلام صحفي مسؤول في عصر لم يعد يسمح لنا بالخلط والتهريج والتدجيل. إن أبلغ رد على ما يعده الغرب لنا هو الإعداد الفعلي الصامت، إعداد النفوس والزنود والعقول إعداداً يهيئها لمعركة، لا إعداداً يهيئها لتظاهرة جديدة وحفلة مهاترات وصخب. إذا قال أستاذ إيراني أن "البابا أراد إزالة أثار الخميني والإسلام من الإعلام الأميركي" فصدقوه. مسكين هذا البابا الذي كان في يوم من الأيام يستدعي الملوك والتيجان إلى حضرته فأصبح يتوجه إلى الولايات المتحدة ليعرض خدماته ويبدأ الحرب الصليبية الجديدة من ذلك المكان النائي. لا يا سيدي، الخميني سيبقى في الإعلام الأميركي طالما أنه على رأس دولة فيها من المصالح الحيوية للغرب ما فيها. حبذا لو عكفت أدمغة نيرة وأقلام حرة على تحليل ما يجري على الساحة الدولية وعلى تحليل الدور الذي تحاول الكنيسة الكاثوليكية أن تلعبه على هذه الساحة وفي هذه الأوقات العصيبة.
   مقالة السيد جلال كشك تسهم في نشر الجهل ولا تنير. (انتهى)
___________________


<< Prev - Next >>

 
القائمة الرئيسية
  • الرئيسية
  • الأرشيف
  • عن الوكالة
  • عباس بدر الدين
  • قالوا في عباس بدر الدين
  • الصحف اليومية
  • راسلنا
Banner
Banner
حول ملف الإخفاء
  • س س
  • العقيد القذافي
    • ليبيا القذافي
  • لكلمته صولة
  • مطالبات
  • مطالبات - تابع
  • التوطين
  • د.مسيكة :هذه هي وقائع التحقيق
  • التحقيق الايطالي في جريمة الاخفاء
  • من المؤكد
  • قانون انشاء المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ونظامه الداخلي وملاك موظفيه العام
  • موسى الصدر لماذا هو؟
  • معلومات عن خطف الإمام وصحبه
Banner
للعلم والمعرفة
  • العلمنة
  • الوفاق الذي عاش 30 عاماً
  • مصير لبنان في مشاريع
  • تاريخ قوات حفظ السلام في لبنان
  • الخريطة الاميركية للشرق الاوسط
  • الاستراتيجية الاميركية في المنطقة
  • الثورة الإسلامية الإيرانية
  • طائرة الموت الايرانية
Banner
Banner
Banner
Banner

Copyright © 2010 LNA.
All Rights Reserved.

Designed by MS Graphics.