الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط
الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط - Page 12
العالم على ابواب ازمة بترولية اسوأ من ازمة عام 1973
الذهب الأسود يهز البيت الأبيض
• شبح الكساد الاقتصادي يخيم على الولايات المتحدة والعالم
• أزمة البترول تدخل اللعبة الدولية الكبرى...
(الجمهور:24-5-1979 بقلم إدغارج. خوري)
"لقد عدنا الى مناخات 1973 ... وما حدث لأوروبا واليابان سيحدث لنا قريبا".
بهذه العبارة خاطب الرئيس كارتر المسؤولين عن الطاقة في الولايات المتحدة. وهو بهذه العبارة, أراد ان يضع العبء الاكبر على الدول المصدرة وخاصة الدول العربية, التي يتهمها بأنها كانت تقف مباشرة وراء عملية رفع الاسعار في "الاوبيك". ويقول المراقبون ان الشعب في اميركا يعيش فعلاً حالة غير مألوفة من الذعر "بانيك" النفطي. فقد وضعته تصاريح الرئيس كارتر ووزير الطاقة جيمس شليسنجر وأصحاب الشركات النفطية, تحت تأثير هاجس معين خلاصته ان هبوط المخزون العالمي في تصاعد مستمر, وان الناس في الولايات المتحدة, سيعودون قريباً الى عصر "الوسترن". أي الى عصر الخيول في التنقلات ... والى عصر "بابور الكاز" في الخدمات المنزلية... والى عصر الحمالين والشيالين في المرافىء الكبرى!
هذا هو الوجه الاقتصادي للازمة, وانما هناك قطعاً وجه سياسي برز فجأة على مسرح الاحداث, كأنما افتعله كارتر افتعالاً. فما هو هذا الوجه السياسي وما هي ابعاده؟

في التحليل النهائي تقف عدة افتراضات واعتبارات من بينها:
أولا – ان الرئيس كارتر يريد تجديد ولايته, لذلك فهو يخترع هذه القصة ويضخم تأثيرها ومؤثراتها, لكي يطلع في نهاية الامر وكأنه هو المنقذ. كما وأنه في الوقت ذاته يشغل خصومه السياسيين عن مقاومته على الصعيد السياسي, ويحول معركتهم ضده.
ثانيا – هناك احتمال دولي يقول بأن الولايات المتحدة منزعجة فعلاً من موقف اوروبا بالنسبة للتسوية الجزئية بين مصر واسرائيل. وبما ان الدول الاوروبية تؤيد التسوبة الشاملة من خلال القرار 242, فإن افتعاله أزمة نفطية, من شأنها ان تخيف الشعوب الاوروبية التي عرفت النتائج عام 1973, وبذلك تضمن وقوفها الى جانبها – أي الوقوف السياسي – وتضعف حلقات الربط بين دول السوق الاوروبية والدول العربية المصدرة للنفط.
ثالثاً – يرى بعض المراقبين ان الازمة الداخلية التي يفتعلها كارتر هي من نوع الابتزاز السياسي للوصول الى مقررات عسكرية خطيرة كالتي يهدد بها. أي احتلال آبار النفط, على اعتبار "ان النفط أصبح كالماء مادة حيوية لا يجوز احتكارها من قبل الدول المصدرة", ولكن كارتر يعرف جيداً بأن مثل هذا القرار محفوف بالمخاطر, لأن البترول هو المادة الوحيدة التي لا يمكن حمايتها عسكرياً, ذلك ان النفط ليس البئر فقط. وأنما هو الطريق أيضاً. وبما ان المضائق صعبة, فإن اميركا مضطرة أخر الامر للخضوع الى الواقع الجغرافي الذي يتحكم بهذه المادة الحيوية.
ومهما تكن الاسباب والنتائج, فإن أزمة النفط ستكون أزمة الثمانينات. لهذا وضعتها "الجمهور" في هذا الاطار الاخباري لكي يعرف القراء الى أين ستتجه هذه الازمة! (انتهى)
___________________




