الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط
الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط - Page 16
بين المافيا الايطالية والمافيا السياسية
الجمهور 19 تموز 1979 ص7 -
تذكرنا الانباء كل خمس او عشر سنوات تقريباً, ان "المافيا" لا تزال تحكم الجزء الاكبر من قطاع الخدمات في الولايات المتحدة, خاصة في مدينة نيويورك.
ولقد اعتقد الكثيرون بأن هذه العصابات لم تكن اكثر من قصص خيالية صاغها مؤلف كتاب "العراب" على اعتبار ان بلداً مثل الولايات المتحدة لا يمكن ان يفرز هذا النوع من التنظيمات المسلحة, وأن اجهزة متقدمة مثل المخابرات المركزية والاف.بي. اي. لا تستطيع ان تكتشف خلايا "المافيا" وتقضي عليها.
ويقال في علم القانون, ان لكل مجتمع المجرم الذي يستحقه. ويبدو ان هذا النوع من الاجرام المنظم هو ما يستحقه المجتمع الاميركي الذي طرح نفسه كظاهرة صناعية متقدمة, ولكنه فشل في ان يحتوي النزاعات الاقليمية او سلوك الاقليات التي انضمت اليه دون ان ننسى مشاكلها للقادمين اليه من ايطاليا وايرلندا وبريطانيا واسبانيا ولبنان والصين, الخطوط المطلوبة في تأمين العمل وجمع الثورة.. لكنه فشل في تزويدها بمبادىء جديدة وأخلاق جديدة تغنيها عن الفراغ الذي وقعت فيه. من هنا حمل الطليان معهم اساليبهم هذه التي ظهرت في مطلع هذا القرن في هذه التجمعات التي اكتسبت احياناً لون العائلة وحينا لون الوطن الام.
والمؤسف ان الدولة الاميركية تتحدث عن مقتل زعيم "المافيا" الاخير "غالنتيه" عام 1979 بالعقلية ذاتها التي تحدثت فيها عن "آل كبوني" في الاربعينات. اي انها وصفته بأنه اقوى زعيم عائلة بين العائلات الخمس التي تحكم تنظيمات المافيا.. والتي بدورها تتحكم بقطاعات عديدة, اقتصادية وصناعية وتجارية وسياحية ومالية.
ولقد توقعت دوائر الامن في اميركا ان يقود هذا الحادث الى سلسلة من الجرائم والتصفيات بين هذه العائلات وهي بهذا النوع من رد الفعل, انما كانت تؤكد الشعور السائد بأن المافيا هي دولة ضمن الدولة..
ومن يعرف هذه الحقيقة, لا يستغرب كيف ان "المافيا السياسية" تحكم الكونغرس في اميركا ايضاً... (انتهى)
___________________




