العقيد القذافي - Page 35
ويحاضر وكأنه في مقام «هيجل أو كارل ماركس»
ورد في مذكرات "«مرآة حياتي»، لوزير الدفاع السوري السابق العماد أول مصطفى طلاس، فقرة عن اجتماع ثلاثي بين الرؤساء حافظ الاسد و انور السادات والعقيد معمر القذافي، قبيل حرب اكتوبر 1973تطرق فيها الى مادار في الاجتماع. هذا نص هذه الفقرة، نقلا عن صحيفة الراي العام الكويتية، التي تنشر مذكرات طلاس على حلقات:
في أوائل حزيران (يونيو) من العام 1973 توجهت بصحبة الرئىس الأسد إلى القاهرة لحضور اجتماع قمة قادة الاتحاد الثلاثي سورية ومصر وليبيا، وطُلِبَ إليّ أن أصطحب مجموعة متنوعة من الضباط لتدقيق الأفكار الرئىسية في موضوع التعاون العسكري بين الجبهتين الشرقية والغربية، واخترت اللواء عوّاد باغ المسؤول عن العمليات والعميد عدنان الجابي من سلاح الطيران والعقيد فضل حسين من سلاح البحرية والعقيد صلاح الدين الأشرم مدير إدارة الحرب الإلكترونية.
بعد أن وصلنا القاهرة توجه الضباط إلى وزارة الدفاع المصرية للاجتماع مع زملائهم، وتوجهنا بمعية الرئىس الأسد إلى قصر «القبة» حيث مكان انعقاد القمة, وقد شارك في هذا المؤتمر الرفيق أحمد الخطيب رئيس مجلس الوزراء الاتحادي، والرفيق عبدالحليم خدام وزير الخارجية، ومن الجانب المصري المشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع، والأستاذ محمود رياض وزير الخارجية، ومن ليبيا الرئيس معمر القذافي، وعبدالسلام جلود رئىس الوزراء، واللواء أبوبكر يونس قائد القوات المسلحة الليبية, طلب الرئىس أنور السادات من المشير إسماعيل في بداية الجلسة أن يشرح الموقف العسكري على الجبهة الغربية، كما استأذن الرئىس الأسد أن أقوم بشرح الموقف العسكري على الجبهة الشرقية، وبعد أن قُمنا بما طُلب منا بدأ الرئىس السادات كلمته وشرح الموقف السياسي العربي والدولي، وركز على ضرورة دعم الجبهتين المصرية والسورية بمنظومة دفاع جوي متطورة حتى تستطيع أن تحد من تفوق الطيران الإسرائيلي، بعد ذلك طلب الرئىس القذافي الكلام، وبدأ يحاضر علينا كأننا في مرحلة الدراسة الثانوية وهو في مقام «هيجل أو كارل ماركس»، كان يتكلم من أرنبة أنفه وهو يتصنع الحكمة والمعرفة والوقار، زبدة خطابه كانت «أننا إذا كنا غير قادرين على محاربة إسرائىل الآن فلنؤجل المعركة عشر سنوات نقوم خلالها ببناء اقتصادنا الوطني وتنمية مواردنا الصناعية والزراعية والتجارية، وبهذا العمل تتوافر لدينا العملة الصعبة ونستطيع أن نشتري ما نحتاجه من سلاح وعتاد سواء من روسيا أو من غيرها», كان الرئىس الأسد يستمع إلى كلمة القذافي وقلبه يتمزق من الأسى- ونحن معه بطبيعة الحال- فطلب الكلام من رئىس الجلسة أنور السادات, فقال السادات: إذا كان من الممكن تأجيلها إلى جلسة المساء، لأن الساعة قد قاربت الثانية ظهراً فأصر الرئيس الأسد على الكلام في الجلسة الصباحية، فقال له السادات تفضل,,, كان الرئىس الأسد يتمتع بهدوء أعصاب قل نظيره كما نعلم نحن عنه في الداخل وما عُرِفَ عنه في الخارج, ولكن كلام القذافي أخرجه من جلده وطباعه، ورأى المستمعون في الجلسة كيف تكون الغضبة المضرية التي قال عنها بشار بن برد:
إذا ما غضبنا غضبة مضرية
هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما
ورأينا الرئىس الأسد يقول للقذافي ما خلاصته: «نحن لن نسمح لأحد على وجه الأرض أن يُنظر علينا وأن يعطينا دروساً في التاريخ, والقومية العربية, والوطنية, ولا نسمح لأحد أن يزاود علينا في أمر يخصنا».
ورفعت الجلسة إلى الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي,,, واعتذر القذافي إذا كنا قد فسرنا كلامه أنه تخل عن المعركة، وقال انه جاهز لدعم أي موضوع تتفق عليه سورية ومصر، وانتهى الاجتماع في الساعة الثانية عشرة دون الوصول إلى أي نتيجة ملموسة، وزاد هذا الاجتماع من قناعتنا أن سورية ومصر يجب أن تخوضا معركة التحرير بالاعتماد على الذات وأي مساعدة تأتينا من إخواننا العرب تكون إضافة إلى مجهودنا الحربي.(انتهى)




