العقيد القذافي - Page 23
ليبيا واسرائيل:
الاهرام المصرية :2 فبراير 2004 العدد 127
كتب: عادل عبدالصادق
هل تشهد العلاقات العربيه الاسرائيليه الموجه الثانيه؟!
** عملت اسرائيل علي استغلال الظروق الاقليميه الجديده في ظل نظريه الدومينو بمحاوله دءوبه لاقامه علاقات موسعه مع اكبر عدد من الدول العربيه, خاصه النفطيه واحداث موجه ثانيه من العلاقات معها مثل تلك التي تمت بعد اتفاق اوسلو بين الفلسطينيين واسرائيل, حيث حصلت اسرائيل علي اكبر حركه اعتراف وتطبيع مع العرب في تاريخها الي ان شهدت الجهود الاسرائيليه صعوبات في استمرار اتصالاتها بعد انتفاضه الاقصي والممارسات في الارض المحتله.
ولكن بعد التطورات الاخيره في المنطقه تواتر في الاونه الاخيره عدد من الانباء تحدثت عن اتصالات سريه تجري بين ليبيا واسرائيل توكدها الاخيره عبر صحفها وتنفيها ليبيا علي الاقل علي المستوي الرسمي, وتشير تلك الاتصالات الي ورود اشارات ايجابيه من كلا الطرفين نحو تحسين العلاقات فيما بينهما في ظل التحولات الاخيره في السياسه الخارجيه الليبيه لتضاف الي جمله التغييرات في المنطقه التي جعلت اسرائيل تداعبها من جديد فكره شرق اوسط جديد تنهي فيه عزلتها ويكون الولاء فيها للمصلحه التي ستصبح فوق اي خلافات اخري علي انقاض المصلحه القوميه العربيه, وجاء موقف ليبيا ليضيف شرطا جديدا من شروط تحقيق التجانس الموسسي والايديولوجي للمنطقه ليشكل الدعامه الاساسيه لقيام شرق اوسط جديد وما يتطلبه من قيم الليبراليه السياسيه والاقتصاديه.
وما عزز الرويه الاسرائيليه ما اطلقته الاداره الامريكيه بدمقرطه المنطقه العربيه, التي تعتمد علي احداث تغييرات جوهريه في النظم القائمه, وكذلك في السياسات الداخليه والخارجيه لها, وجاءت ايضا تلك الرويه متزامنه مع احتلال العراق ومبادره المشاركه بين الولايات المتحده والشرق الاوسط, التي تشترط علي الدول العربيه انهاء المقاطعه العربيه مع اسرائيل تمهيدا للتطبيع الكامل.
وبحسب جريده ها ارتس شرعت اسرائيل بالتحاور مع ليبيا عقب الاعلان الليبي عن التخلي عن برامج اسلحتها, خاصه بعد اسقاط القذافي اسرائيل من دعوته لدول المنطقه لتحذو حذو بلاده في التخلص من اسلحه الدمار الشامل, وحدثت عده لقاءات بقيت سريه الي ان تسربت عن مكتب شارون واعلن الجانب الليبي بشان ذلك ان اسرائيل لاتدرك ابسط قواعد العمل الدبلوماسي والعلاقات بين الدول, ويبدو ان ليبيا رات الحاجه الي ان تبقي تلك الاتصالات سريه حتي يتم التقدم بشان العلاقه مع الولايات المتحده, ورات اسرائيل في المسعي الليبي محاوله للتقرب للغرب عبر اسرائيل وان عليها اختبار جديه ليبيا في ذلك الشان, واعترف وزير الخارجيه الاسرائيليه سلفان شالوم بان بلاده لا تجري فقط اتصالات مع ليبيا, بل ايضا مع عدد كبير من الدول العربيه بشان عوده العلاقات وان اي معلومات عن عمليه تجري في السر سواء كانت صحيحه او خاطئه يمكن ان تضر بالجهود الاسرائيليه, وهدفت تلك اللقاءات لمناقشه التمهيد لزياره يقوم بها يهود ليبيون الي اسرائيل والعكس, وامكان قيام علاقات دبلوماسيه بينهما, بعدما ان كانت ليبيا حتي وقت قريب خطرا استراتيجيا وراء الافق حسب التعبير الامني الاسرائيلي.
وتاتي هذه الخطوه عقب سلسله من المفاوضات السريه جرت في احدي العواصم الاوروبيه برعايه امريكيه ووساطه قطريه, التي اسفرت عن قيام وفد اسرائيلي من وزاره الدفاع والخارجيه والموساد بزياره الي ليبيا, وكشفت صحيفه يديعوت احرونوت عما اسمته باتصالات جس النبض الليبيه حيال اسرائيل بشان انهاء حاله العداء واجراء مفاوضات سلام بين الطرفين, وان الليبيين اوضحوا ان اتفاق سلام بين اسرائيل والفلسطينيين سيسهل علي ليبيا اقامه هذه العلاقه, وجري الايضاح لليبيين بان ليس لاسرائيل اي مشكله مع ليبيا وانها معنيه بهذا الامر.
واعلن المتحدث باسم وزاره الخارجيه الاسرائيليه جوناثان بيليد في مساله احتمال اقامه علاقات دبلوماسيه بين تل ابيب وطرابلس انه ليس ثمه نزاع او عداء مع الشعب الليبي, اننا لاشك نرغب باقامه علاقات مع اي دوله في العالم ترغب في الاعتراف باسرائيل كبلد ذي سياده وحر.
وليبيا لا تمانع في اقامه هذه العلاقه, خاصه اذا ما تمت بترحيب امريكي مع رغبه ليبيا الشديده في الانفتاح علي الغرب واستجلاب المزيد من الاستثمارات الاجنبيه في قطاع النفط المنهار, ونقلت صحيفه يديعوت احرونوت الاسرائيليه تصريحا ادلي به العقيد القذافي الي مراسلها في تونس, خلال لقاء غير متوقع علي هامش قمه خمسه+ خمسه, قال فيه ليس لي اي موقف ضد اليهود او ضد الولايات المتحده, مضيفا ان ليبيا تريد رويه سكان العالم يعيشون بسلام, معيدا الي الاذهان الاقتراح الليبي باقامه دوله مشتركه بين اسرائيل وفلسطين تحمل اسم اسراطين, واعلان القذافي عن وجوب تعويض اليهود الليبيين.
وكشفت مصادر رفيعه المستوي في القدس المحتله لصحفيه اسرائيليه عن ان هناك رسائل واشارات ايجابيه من جانب ليبيا تجاه اسرائيل, وان الجانب الاسرائيلي تلقي رساله بان هناك مجالا للتعاون الاقتصادي التجاري بين البلدين بواسطه شبكه العلاقات لكل من ليبيا واسرائيل, وعلاقات ليبيا الافريقيه المتشعبه واقتصادها النفطي, ولا يخفي علي احد دور اسرائيل في القاره الافريقيه التي تتخذ من النفوذ الامريكي مدخلا لها, وسيكون بوسع ليبيا ان تقود حث العلاقات بين العالم العربي واسرائيل.
وتملك ليبيا معلومات مهمه لاسرائيل تتعلق بحزب الله, خاصه بعد ما ساءت العلاقه بينه وبين ليبيا علي خلفيه قضيه الامام موسي الصدر, وكذلك عن النشطاء الفلسطينيين, وايضا عن معلومات تخص التعاون العسكري مع ايران وباكستان.
فالتقدم بشان العلاقه ما بين اسرائيل وليبيا سيحكمه من ناحيه طبيعه عمليه صناعه القرار في كلتيهما, ففي ليبيا يستطيع الزعيم الليبي معمر القذافي ان يقرر ما اذا كان يجب السعي نحو علاقات افضل مع اسرائيل من عدمه, اما في اسرائيل فلا توجد شخصيه سياسيه واحده تستطيع فرض مساله التقدم بشان تلك العلاقه علي الرغم من لهث اسرائيل لاقامتها, ومن ناحيه اخري درجه التقدم الذي تبديه ليبيا مع الولايات المتحده وبريطانيا, بعد اعلان مصدر سياسي اسرائيلي ان كل خطوه مع ليبيا ستتم بمصادقه الولايات المتحده, وانه ليس لدي اسرائيل نيه لتنظيف الليبيين, وتقتنع اسرائيل بجديه وتصميم القذافي في مواقفه, وان مندوبي القذافي يتحدثون بنهج ايجابي واسلوب غربي.
وتاتي تلك التطورات في اطار التغيير الذي طرا علي السياسه الليبيه اخيرا, ورغبتها في الانفتاح علي العالم, خاصه الولايات المتحده وحليفتها اسرائيل, وهذا التحرك ما هو الا تجسيد لواقع السياسه الليبيه الجديده الذي تحكمه المصلحه الليبيه في المقام الاول ومقدمه للمشروعات الشرق اوسطيه التي تعتبر ليبيا همزه وصل جغرافيه تربط بين اطرافه المشاركه.
ولعل نجاح الدبلوماسيه السريه التي قادتها ليبيا في غلق عدد من الملفات يجعل ليبيا تفضلها علي الاقل في المرحله الراهنه, خاصه مع التعامل مع الملف الاسرائيلي مع استعجال ليبيا رفع العقوبات وتروي الولايات المتحده في ذلك.
ومن هنا تصبح عمليه التطبيع الليبي مع اسرائيل مساله وقت, بعدما كانت مساله مبدا, والتي اتت في اطار ما يعرف ب سياسه الانفتاح الليبي علي العالم الغربي علي حساب الدائرتين العربيه والافريقيه.
وهذا الموقف الليبي هل يعتبر حاله ليبيه ام مقدمه لحاله عربيه اوسع للتطلبيع مع اسرائيل لتمثل موجه ثانيه من الانفتاح الاسرائيلي علي الدول العربيه, خاصه بعد ان فرضت الاوضاع الاقليميه والدوليه سباقا بين دول المنطقه لتبدي حسن نياتها لتحسين علاقاتها بالولايات المتحده وازاله اي عوائق في سبيل ذلك.(انتهى)
_________________________




