الثورة الاسلامية الايرانية - الخاسر الاكبر ...اميركا
الخاسر الاكبر ...اميركا
(الجمهور 15 شباط 1979) بقلم ابراهيم الحلو
قلنا ان هدم النظام القديم قد تم وبسهولة نسبية وسرعة قياسية. بقي البناء. اقامة النظام الجديد. وتلك هي المهمة الاصعب.
وثمة سؤال أخير: اذا كان أية الله الخميني هو الرابح الاول فمن هو الخاسر الاكبر؟ الشاه؟ لا.. فالرجل, كما قال عنه مضيفه العاهل المغربي الحسن الثاني, "قد سئم الحكم وتعب منه بعد أكثر من ثلاثين سنة. وإذا كان يريد العودة الى ايران فليبقى فيها ستة أشهر أو سنة ينظم شؤون الدولة ويسلمها لغيره ثم ينسحب عن المسرح السياسي نهائياً".
وهذا صحيح في أغلب الظن. بل ربما كان لسان حال الشاه نفسه إذ ليس ما يحمل العاهل المغربي على الادلاء بهذا الكلام, والشاه ضيف عليه, اذا لم يكن الشاه راغبا في اعلانه.
الخاسر الاكبر هو, بلا أي ريب, الولايات المتحدة الاميركية. وذلك لسببين على الاقل:
1 – لأنها ظهرت في عيون جميع الناس بمظهر الصديق الذي لا ينفع عند الضيق ولا يمكن لحلفائها بعد الان الاعتماد على مساعدتها إذا ما احاقت بهم الاخطار (ينسب المراقبون هذه الظاهرة الى تردد الرئيس كارتر وضعف أجهزة وكالة الاستخبارات المركزية).
2 – لأن مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الاوسط سوف تتعرض لخطر كبير لأن أحدا لا يتوقع ان تمد اليها " الجمهورية الاسلامية" يد الصداقة بعد مواقف واشنطن المعادية التي دعمت الشاه ثم بختيار (ولو بالكلام..) حتى اللحظة الاخيرة.
أما ما رددته الانباء عن ارسال وحدات مشاة البحرية الاميركية (المارينز) على عجل الى تركيا لتكون على أهبة التوجه الى طهران بحجة واهية هي "حماية السفارة الاميركية عند الاقتضاء" أما هذه المبادرة – اذا صحت – فلم يأخذها أحد مأخذ الجد, ذلك لان واشنطن, اذا كانت تنوي التدخل مباشرة في ايران, فقد تأخرت كثيرا وكثيرا جدا. يضاف الى ذلك ويناقضه, ما تردد من ان ادارة الرئيس كارتر, تقوم حاليا, باتصالات مع بعض كبار انصار الخميني املا في ان تعوض ما فاتها, مظهرة الليونة نحو المعارضة الدينية المنتصرة. ويقول المقربون من البيت الابيض ان الحكمة الاميركية تكب على "درس الوسائل التي تسهل لها التقرب من الوضع الجديد في ايران والتناغم معه". الا ان احدا لا يؤمن بأن هذه المحاولات المتأخرة سيكتب لها النجاح وبخاصة مع رجل اشتهر بالتصلب والعناد كآية الله الخميني..
يبقى امام الولايات المتحدة خيار وحيد بعد ان خسرت ايران – وهي خسارة جسيمة لا شك – هو ان تعمل على تدعيم جبهة موالية قوية اخرى في المنطقة كتعويض عما خسرته في طهران. ولكن اين هي تلك الجبهة؟ ومن هي الدولة أو الدول التي ما زالت تعتمد على الدعم الاميركي؟
أما موسكو فقد بدت في حرج شديد طوال الايام الحاسمة الاخيرة. فهي, من ناحية, لا تستطيع تأييد حكومة بختيار التي هي امتداد لنظام الشاه, ومن ناحية ثانية لا ترتاح كثيرا لحركة دينية كحركة الخميني ليس بوسعها تأييددها علنا لئلا يبدو هذا التأييد تنكرا للاديولوجية الماركسية في الجوهر.
واعتقد الكرملين ان القاء تبعة كل ما حدث على عاتق" القيادة الرجعية للجيش الايراني التي خططت للقيام بانقلاب عسكري" يصلح لكي يكون المخرج الصحيح من المأزق..
وخاسر اخر هو اسرائيل.
فالدولة العبرية لم تخسر البترول الايراني وحسب بل دعم نظام الشاه لسياستها من جهة, وتخوفها على مصير اليهود الايرانيين, من جهة اخرى. وقد بادرت تل ابيب, بعد ثبوت انتصار المعارضة الدينية, الى المطالبة بالسماح لليهود الايرانيين " بإرسال أولادهم الى اسرائيل" بعدما تناقلت الوكالات نبأ احتلال الجماهير لمركز البعثة الديبلوماسية الاسرائيلية في طهران ورفع علم فلسطين عليه مع لافتة حملت عبارة: هنا سفارة فلسطين!
ومعروف ان جبهة التحرير الفلسطينية كانت في طليعة الذين أيدوا ثورة آية الله الخميني!(انتهى)




