الخريطة الاميركية للشرق الاوسط - Page 7

Monday, 09 November 2009 14:57 | PostAuthorIconWritten by | PDF Print E-mail
Article Index
الخريطة الاميركية للشرق الاوسط
Page 2
Page 3
Page 4
Page 5
Page 6
Page 7
Page 8
Page 9
Page 10
Page 11
Page 12
Page 13
Page 14
Page 15
Page 16
Page 17
All Pages
Page 7 of 17


فتش عن النفط.. في قبرص!
الصياد/29/6/74

   في غمرة الأنباء المتضاربة عن تصاعد التوتر شرقي المتوسط، ووسط علامات الاستفهام التي ارتسمت مساء يوم الانقلاب الدموي في  جزيرة قبرص حول مصير المطران – الرئيس مكاريوس، بعدما بثت إذاعة سرية أنباء عن أن المطران لا يزال على قيد الحياة، اتجهت أنظار المراقبين إلى العواصم الغربية الكبرى لتبحث عن أسباب الانفجار الخطير الذي اهتزت من جرائه ركائز الاستقلال الذي كانت تنعم به الجزيرة منذ عام 1960، على اعتبار أن ما تشهده هذه البلاد حالياً يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما يدور خلف الكواليس السياسية الغربية!.

• فتش عن النفط!
   وقبل ثلاثة أسابيع، على وجه التقريب، عندما اندلع الخلاف بين أثينا وأنقره حول حقوق كل منهما في التنقيب عن النفط في بحر أيجه، كانت التقارير السياسية لا تخفي قلق الرئيس القبرصي بسبب تزايد النشاط المعادي لنظام حكمه، الذي تغذيه وتموله زمرة الجنرالات في اليونان، مما جعله، كما تؤكد المعلومات، يوجه إنذاراً لنظام الجنرال غيزيكس، يطلب فيه من الحكومة اليونانية سحب الـ650 ضابطاً يونانياً الذين يعملون بين صفوف الحرس الوطني – أي القوات المسلحة القبرصية – وطبقاً للمعلومات ذاتها كان من المفروض أن تنتهي مهلة الإنذار اليوم، في العشرين من تموز "يوليو الجاري!.
وفيما انتشرت هذه المعلومات، شعر المراقبون أن المواجهة باتت محتومة ووشيكة بين قبرص واليونان، خاصة وأن هذه الأخيرة كانت تبحث عن انتصار سريع في الجزيرة لتعزيز مركزها الداخلي شبه المعزول عن القواعد الشعبية، كما وأن سبباً آخر جعل المراقبين يتوقعون مفاجأة ما في نيقوسيا، هو اقتناع جنرالات اليونان بأنه من الصعب عليهم الرضوخ لإنذار المطران – الرئيس، على الأقل لإنقاذ ماء الوجه، ولاعتبارات معنوية لها صلة بالصراع اليوناني – القبرصي حول مياه بحر ايجه، التي اكتشف مؤخراً أنها زاخرة بالذهب الأسود، الذي تنفق اليونان جزءاً كبيراً من دخلها القومي العام على شرائه، وقد ازداد هذا الإنفاق بنسبة ضخمة بعد رفع سعر النفط، مما هدد الاقتصاد اليوناني بمضاعفات جد خطيرة!.

• المفاجأة الصاعقة!
وقد جاء الانقلاب الدموي ليؤكد هذه المعلومات التي توفرت لدى المراقبين السياسيين قبل بضعة أيام من وقوعه، لذا لم تكن المفاجأة بحجم الحدث، لكن ما فاجأ المراقبين، حقاً، هو اكتشافهم أن المطران – الرئيس ما زال على قيد الحياة، بعدما أشاع الانقلابيون أنهم قتلوه، خلال الهجوم على القصر الجمهوري في نيقوسيا!
وقد أدى إفلات المطران مكاريوس من قبضة الانقلابيين ومغادرته البلاد على متن طائرة تابعة للسلاح الجوي البريطاني، بعد موافقة الحكومة البريطانية على منحه حق اللجوء السياسي، إلى قلب الصورة رأساً على عقب، وإشاعة جو من التفاؤل باحتمال عودة المطران إلى الحكم في صفوف المراقبين السياسيين، الذين كانوا قد فقدوا كل أمل بذلك، بعدما أشاع الانقلابيون نبأ مقتله!.
إذ من المستحيل، عملياً، على أية جهة، السيطرة على مقاليد الحكم في الجزيرة، في وجود محررها وبطلها القومي، الذي ارتبط اسمه بأكثر من مرحلة من مراحل تطورها السياسي.. ففي أيام الكفاح ضد المستعمرين، كان المطران مكاريوس في مقدمة الذين حملوا السلاح دفاعاً عن حرية بلاده، وطلباً لاستقلالها.. وفي مرحلة الصراع ضد الاستعمار الجديد، بأحلافه ومنظماته، كان المطران مكاريوس من أبرز الداعين إلى انشاء مجموعة دول عدم الانحياز، كرد على المحاولات المتكررة لاخضاع الجزيرة لمنظمة حلف شمال الأطلسي، وتحويلها إلى مجرد قاعدة أمامية له في هذا الجزء الاستراتيجي من العالم!.

• مجابهة تركية – يونانية!
ووفقاً لآخر المعلومات الواردة في التقارير الديبلوماسية التي وصلت إلى بيروت في الأيام الأخيرة، يمكن التنبؤ، إذا لم يعمل مجلس الأمن، أو الدول الموقعة على اتفاقيتي جنيف وزيورخ الخاصتين بالمحافظة على استقلال وسيادة الجزيرة، وهي بريطانيا واليونان وتركيا، على إعادة الرئيس مكاريوس إلى سدة الحكم، باحتمال حدوث مجابهة تركية – يونانية واسعة النطاق، بالرغم من ميل المراقبين إلى الاعتقاد بأن التهديدات التركية، بهذا المعنى، ليست سوى مناورة بارعة، قصد منها امتصاص النقمة الشعبية في تركيا، وإذا ما حدثت مثل هذه المواجهة، فإن منظمتي حلف شمال الأطلسي "الناتو" وحلف المعاهدة المركزية "السانتو" ستمران بامتحان عسير للغاية، قد يؤدي بهما إلى حافة الهاوية، أو إلى الهاوية نفسها، كما توقع أكثر من مراقب سياسي بارز في الغرب.
ففي حال نشوب حرب تركية – يونانية، على منظمة حلف شمال الأطلسي اتخاذ موقف صريح من هذا النزاع، والتقرير الى جانب أي من الدولتين الأطلسيتين ستقف، وهو الأمر الذي لا تستطيعه المنظمة عملياً دون أن يكون لذلك مردود سلبي، يترجم بخروج أحد هاتين الدولتين من الحلف، وبالتالي، توجهها إلى الاتحاد السوفياتي للحصول على السلاح اللازم لاستمرار القتال..
كما أن منظمة حلف المعاهدة المركزية، التي تضم تركيا وإيران وباكستان، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا، ستمر بالامتحان نفسه، وسيترتب على دولها الوقوف إلى جانب تركيا في نزاعها ضد اليونان، وهو أمر مستبعد، مما يؤدي إلى تصدع الحلف، وتفسخه!.

• الدور الأميركي!
وقد انقسم المراقبون حول تفسير دور الولايات المتحدة في الأحداث القبرصية الأخيرة، فبينما اتهمها بعضهم بتدبير الانقلاب، للتخلص من عدوها اللدود المطران مكاريوس، الذي وقف دائماً ضد مخططاتها الرامية لاستيعاب الجزيرة، وضمها إلى مناطق نفوذها، مال البعض الآخر منهم إلى الاعتقاد بعدم وجود أي سبب يدفعها إلى الإطاحة بالرئيس مكاريوس، الذي وإن كان قد ناضل ضد اخضاع الجزيرة للنفوذ الأميركي، إلا أنه لم يقدمها على طبق من الذهب للاتحاد السوفياتي، وهو ما تخشاه الولايات المتحدة وسائر دول منظمة حلف شمال الأطلسين كما لم يصر على إنهاء الوجود العسكري البريطاني فيها، الذي يمكن اعتباره امتداداً عضوياً للوجود العسكري الأطلسي في منظمة حوض البحر الأبيض المتوسط.. لكن عدم مسارعة الولايات المتحدة إلى إعلان موقف صريح من الأحداث القبرصية جاء ليدلل بوضوح على علاقتها الوثيقة بهذه الأحداث، بعكس بريطانيا التي سارعت إلى القول أنها لا تعترف إلا بحكومة الرئيس مكاريوس ونظام حكمه!.
ومن البديهي الاستنتاج، من استمرار المعارك في الجزيرة بين أنصار مكاريوس والجيش، بأن احتمال عودته إلى الحكم، لوضع حد لحرب أهلية محتملة، وحرب تركية – يونانية وشبكة الوقوع، هو الأقرب إلى التحقيق، إلا إذا حدثت مفاجأة ما رجحت كفة الانقلابيين، ودفعت بالاتراك إلى التخلي عن غزو الجزيرة، لقاء تعهد يوناني بعدم المساس بحقوق الجالية القبرصية التركية، وبعدم ضم الجزيرة إلى اليونان، وهو ما فهم من البيان الأولي للحكومة اليونانية، الذي جاء فيه ما ملخصه أن اليونان تحترم استقلال قبرص!.


مكاريوس..
سلاحه في صدره!
منذ اعتلائه خشبة المسرح السياسي في قبرص، أحدث انقساماً في صفوف المراقبين ، إذ اعتبره فريق منهم محافظاً، لكونه رجل دين أرثوذكسي، بينما اعتبره الفريق الآخر تقدمياً، لكونه أحد أبرز قادة مجموعة دول عدم الانحياز، مما سمح للمطران مكاريوس أن يلعب دوراً بالغ الأهمية، ليس في بلاده فحسب، بل في البلاد المجاورة لها، أيضاً، باعتباره همزة وصل بين هذا البلد وذاك، في بعض الأحيان، وفريقاً، في معظمها.. وقد ساهم مساهمة فعالة في حل العديد من النزاعات السرية والعلنية، بين دول الشرق الأوسط، بدافع حب السلام، وبرغبة إبعاد شبح الحرب عن هذا الجزء من العالم، الذي شهد مولد الديانات السماوية، وكان لأبنائه، على اختلاف أجناسهم ومعتقداتهم، مساهمات بارزة في صنع الحضارة المعاصرة!.
ولد ميخائيل خريستو دو لوموسكوس في قرية أنوبانيا، في 13 آب، أغسطس، من عام 1913.. كان أبوه فلاحاً يكد ويكدح في الحقول ليوفر قوت أسرته، قبل أن يصبح صاحب محل بقالة.. لقد عني عناية بالغة بتعليم ولده، في دير كيكو، القريب من القرية.. حتى إذا ما انتهى من تلقي دروسه الأولية، الدينية والدنيوية في هذا الدير، نقله إلى جامعة نيقوسيا، ليصبح في عداد تلاميذ كليتها اللاهوتية، ثم تلقى دروسه العليا في أثينا، باليونان، وبوسطن، بالولايات المتحدة، ثم عاد إلى الجزيرة ليقود نضالها ضد الاستعمار البريطاني، فما كان من السلطات البريطانية إلا أن نفته إلى جزيرة سيشيل، لكن ردة الفعل الجماهيرية اضطرتها إلى الإفراج عنه، فعاد إلى موطنه، كبطل قومي، وقد كافأه مواطنوه على نضاله الطويل بانتخابه أول رئيس للجمهورية بعد الاستقلال.
ومما يذكره رئيس الأساقفة عن أيام النضال ضد الاستعمار البريطاني، أنه، في أحد الأيام، اعترضت سلطات الاحتلال البريطاني سبيل سيارته، التي كانت تقله إلى قرية تدعى "ليفوفيكو" على بعد أربعين كيلومتراً شرقي نيقوسيا، ليعظ أهلها، وكان جنود الاحتلال مسلحين برشيشات من طراز "ستن".. وقد طلبوا منه النزول من السيارة للتفتيش، فلما رفض، أنزلوه عنوة.. وفتشوه، وفتشوا أمتعته وسيارته تفتيشاً دقيقاً للغاية.. ولكن الجماهير حالت بينهم وبين المضي في هذه المهزلة، المراد منها إذلاله، فسارعت إلى إنقاذه، فلما وصل إلى القرية، واعتلى منبر الوعظ، راح يروي للجماهير، ببساطته المحببة، ما جرى له في الطريق، ومما قاله: "العجيب، أنهم، أي الجنود البريطانيون، بحثوا عن الأسلحة في كل مكان إلا المكان الذي نخبئها فيه.. في أعماق صدورنا.. إن أسلحتنا في إيماننا بحقوقنا، وهي أقوى من أسلحتهم التي ستتحطم على صخورنا الشماء"!.
ومما يذكره عن تلك السنوات العجاف، سنوات النضال من أجل الاستقلال والتحرر، أنه في يوم 9 آذار، مارس، من عام 1956، بينما كان يتأهب للسفر من نيقوسيا إلى أثينا، لمشاورة رئيس وزراء اليونان في بعض المسائل السياسية، اعتقله الماريشال جون هاردنغ، حاكم قبرص العسكري، آنذاك، وبعث به منفياً إلى سيشيل، حيث أقام في فيللا تدعى "سان سوسي".. فما كان منه، بعد وصوله إلى المنفى، إلا أن سارع إلى الإبراق لرئيس وزراء اليونان، قائلاً: "سأتأخر في المجيء إلى أثينا إلى أن يطلق سراحي.. مع الاعتذار الشديد، وفائق الاحترام.. المطران مكاريوس"!.
وبينما كانت البرقية في طريقها إلى رئيس وزراء اليونان، كان زعيم حزب الأحرار في بريطانيا، آنذاك، المستر كليمنت ديفز، في طريقه إلى مجلس العموم ليصيح في وجه رئيس الوزراء السير أنطوني ايدن، قائلاً: "إن نفي المطران مكاريوس لهو عمل أحمق، يا سيدي الرئيس"!.
وقد شاركه هذا الرأي العديد من الزعماء البريطانيين، مما اضطر الحكومة إلى التراجع، والإفراج عنه بعد عام من الزمن قضاه في التأليف والكتابة.. وكانت مقالاته المهربة تنشر في صدر الصفحات الأولى للصحف اليونانية، والعالمية، محدثة دوياً هائلاً في المحافل السياسية الدولية!.

القبارصة..
خليط من أجناس مختلفة!
يعتقد المؤرخون أن القبارصة يتحدرون من أجناس مختلفة، أبرزها الإغريقي، والتركي، والعربي، والفارسي.. وقد كان لهذا التنوع في الانتماء القومي جانب سلبي، إذ دفع بالقبارصة إلى التلهي بالصراعات فيما بينهم، شاغلاً إياهم عن الدفاع عن الجزيرة ضد الغزاة.. وقد كان الهدف الأول لحركة التحرير القبرصية، التي عرفت فيما بعد باسم "اينوسيس"، أي الوحدة، هو الانضمام إلى "اليونان، مما أدى إلى وقوف القبارصة الأتراك إلى جانب المستعمرين البريطانيين، الأمر الذي جعل هذه الحركة، التي نشأت في العام 1878، تتأخر في التخلص من البريطانيين حتى العام 1960.. وقد قال الرئيس مكاريوس، ذات يوم: "لو اعلن القبارصة اليونانيون أنهم يحاربون الإنكليز للحصول على الاستقلال، وليس للانضمام إلى اليونان، لكان القبارصة الأتراك وقفوا إلى جانبهم، ومكنوهم من طرد المستعمرين فوراً"!.
لكن الذي حصل أن القبارصة اليونانيين لم يعلنوا ذلك، وقتها، فكان عليهم القتال ضد الإنكليز والأتراك في وقت واحد، الأمر الذي أفقدهم الكثير من الرجال في نضالهم من أجل الوحدة مع اليونان!.
وكرد فعل على هذه الدعوة، دعى القبارصة الأتراك إلى الوحدة مع تركيا، بدورهم، على اعتبار أنهم كانوا في العام 1790 يؤلفون 60% من السكان، لكن الهجرة اليونانية إلى قبرص حولتهم إلى أقلية، لا تؤلف أكثر من 20% من السكان.
وقد لعب البريطانيون، بنجاح كبير، لعبة "فرق تسد"، فأعطوا القبارصة الأتراك الكثير من الامتيازات، وأغرقوهم بسيل من الوعود الكاذبة لاستمالتهم إلى جانبهم، مما حملهم على المطالبة إما بالاستقلال، وإما بإبقاء الجزيرة تحت الإدارة البريطانية، لأن مطالبتهم بانضمامها إلى تركيا كانت غير قابلة للتحقيق عملياً.
وقد لعب الحزب الشيوعي القبرصي دوراً بارزاً في التقريب بين الفريقين القبرصيين، داعياً إياهم للاتحاد من أجل انتزاع الاستقلال، فتنبهت السلطات البريطانية إلى خطورة هذه الدعوة، فما كان منها إلا أن سارعت بحظر نشاطه في 14 من كانون الأول – ديسمبر – من عام 1955، واعتقلت العديد من أعضائه ومؤيديه.. فانتقل الشيوعيون إلى العمل ضد البريطانيين في السر.. ونشطت منظمة الشباب الشيوعي، ومنظمة المزارعين الشيوعيين، ومنظمة العمال الشيوعيين، ومنظمة النساء الشيوعيات، التابعة له في النضال على مختلف المستويات من أجل الحصول على الاستقلال، وتأسيس دولة ذات سيادة، يعيش فيها القبارصة على مختلف أجناسهم بأمان واطمئنان، في ظل دستور يكفل لجميع المواطنين:
   • حرية تشكيل الأحزاب، والتعبير..
   • المساواة..
   • العدالة في توزيع الثروات التي تزخر بها هذه البلاد..
   أما الأقليات الأخرى، فلم يكن لها أي موقف مبدئي من الصراع الدائر، بل كانت تميل إلى تأييد الفريق الذي تعتقد أن الغلبة ستكون له.. فتارة تؤيد البريطانيين، وتارة أخرى القبارصة اليونانيين، وفي بعض الحالات، حين أعلنت الحكومة التركية عن عزمها على غزو الجزيرة للمحافظة على مصالح الجالية القبرصية التركية، وقفت الأقليات إلى جانب القبارصة الأتراك، وشاركوهم في الإضراب الشامل، احتجاجاً على عزم القبارصة اليونانيين ضم الجزيرة إلى اليونان.. مما أدى إلى نفور الفريقين القبرصيين، اليونان والأتراك، من هذا النفاق، الذي اتسمت به مواقف الأقليات منذ بداية الصراع ضد البريطانيين!.
قبرص.. جزيرة لم تذق طعم الاستقلال! 
   قبرص.. درة البحر الأبيض المتوسط، مساحتها 3527 ميلاً مربعاً، بطول 140 ميلاً وعرض 55 ميلاً.. يسكنها حوالي مليون نسمة، بينهم 600 ألف من أصل يوناني، و300 ألف من أصل تركي، و100 ألف من جنسيات مختلفة، كالأرمن والعرب.
   وقد برزت أهميتها، كموقع استراتيجي، منذ قديم الزمان، إذ استخدمت كمركز للتبادل التجاري طيلة الثلاثة آلاف سنة الماضية.
   ويمكن تلخيص أهمية موقعها الاستراتيجي بالنقاط التالية:
أولاً: بإمكان الدولة التي تملك قوات ضاربة مرابطة في قبرص، وهي الآن بريطانيا، أن تستخدم هذه القوات في عملية حربية واسعة النطاق ضد أية دولة من دول المنطقة، وهذا ما فعلته بريطانيا خلال حرب السويس، في العام 1956، إذ كانت الطائرات الحربية البريطانية تنطلق من قواعدها في قبرص لتضرب مدينة بور سعيد، التي لا تبعد سوى 235 ميلاً عن الجزيرة..
ثانياً: تعتبر القواعد البريطانية في قبرص جزءاً مكملاً للقواعد الأطلسية في كل من تركيا، واليونان، ومالطا، وإسبانيا، والبرتغال، وإيطاليا، والتي تؤلف كلها طوقاً ممكناً حول عنق العالم العربي، الزاخر بالنفط..
ثالثاً: تستخدم قبرص كقاعدة دعائية ضخمة ضد الدول المعادية بطبيعتها لمنظمة حلف شمالي الأطلسي، وذلك بوسائل عديدة، كاستغلال قربها من هذه الدول للتشويش الإذاعي، وفي قبرص الآن الكثير من محطات التشويش، التي كانت وما زالت تستخدم لإضعاف إرسال بعض الإذاعات العربية، بقصد خنق أصواتها..
رابعاً: تعتبر قبرص من أهم مراكز التجسس في المنطقة، نظراً لقربها من الدول المراد التجسس عليها، وهي الدول العربية بالدرجة الأولى..
خامساً: من مهمات القوات البريطانية المرابطة في قبرص التصدي للاتحاد السوفياتي، في حال وقوع حرب شاملة في الشرق والغرب!.

   وقد مرت الجزيرة بمراحل تاريخية، كان لها أبلغ الأثر في تكوين شخصيتها، المتنازع عليها، ويمكن تلخيص هذه المراحل بما يلي:
   1 – احتلها قدماء المصريين في عام 1450 ق.م. بعد طردهم الحثيين منها، الذين كانوا قد احتلوها قبل ذلك بفترة طويلة، وكانت نتيجة هذا الاحتلال، أن دفعت الجزيرة فدية ضخمة من النحاس إلى تحتمس الثالث، فرعون مصر آنذاك.
   2 – قام الأركاديون، وهم من القبائل الإغريقية، بطرد المصريين، واحتلال الجزيرة، وذلك بعد هزيمتهم في حرب طروادة، وكان ذلك في العام 1400 ق.م.
   3 – استمرت الجزيرة تحت سيطرة هذه الفئة الإغريقية إلى حين قيام الآشوريين باحتلالها في عام 709 ق.م. وعاد المصريون ثانية إلى احتلالها في العام 550 ق.م. وقاموا باستغلال مناجم النحاس، وبنوا من أخشاب غابتها سفنهم.
   4 – في العام 520 ق.م. احتلها الفرس، بعد هجوم صاعق، يعتبر الأول من نوعه في التاريخ العسكري، إذ تم احتلال الجزيرة من أدناها إلى أقصاها في ظرف يوم واحد.. وقد قسموها إلى 12 مقاطعة، ليسهل عليهم التحكم بها، والسيطرة على شعبها، واستغلوا أخشابها في بناء أسطول حربي لمنازلة اليونان..
   5 – وفي عام 391 ق.م. قام الملك أيغارغورس بطرد الفرس منها، وتحالف مع اليونان، ولكن الفرس عادوا وتغلبوا عليه، وطردوه من الجزيرة مع أتباعه.
   6 – غزاها الإسكندر في العام 333 ق.م. وحررها من الفرس.. وفي العام 322 ق.م. قام بطليموس ملك مصر، بعد موت الإسكندر، بغزوها، وإلحاقها بمملكته حتى العام 68 ق.م. حيث احتلها انطونيو ليهديها إلى كليوباترا، لكن الرومان عادوا إلى استردادها..
   7 – أدخل القديس بطرس المسيحية إليها في العام 48 للميلاد..
   8 – احتلها البيزنطيون، فالصليبيون فالبندقيون، فالعثمانيون، الذين تنازلوا عنها لبريطانيا، التي عرضت ضمها إلى اليونان لقاء دخولها الحرب العالمية الأولى إلى جانبها، فرفضت، مضيعة فرصة لا تعوض.. وقد تم تنازل تركيا رسمياً عن الجزيرة في العام 1923، وقد ظل البريطانيون يحتلون الجزيرة بدون منازع حتى استقلالها في العام 1960!.

اللبنانيون في قبرص: 4 آلاف ماروني!..
صدرت أوامر عليا إلى وزارة الخارجية بضرورة الاهتمام السريع بأوضاع الجالية اللبنانية في قبرص بعد الأحداث التي وقعت في الجزيرة.
ولما كان الاتصال المباشر بالجزيرة وبالسفارة اللبنانية فيها صعباً، بل مستحيلاً، أجرت الوزارة اتصالات بقوات الأمم المتحدة وطلبت منها الاهتمام بأوضاع الجالية.
وقال مصدر في وزارة الخارجية أن الجالية اللبنانية في قبرص تقدر بأربعة آلاف، جميعهم ينتمون إلى الطائفة المارونية..

_______________________________


<< Prev - Next >>

Last Updated (Sunday, 17 October 2010 12:13)

 
القائمة الرئيسية
  • الرئيسية
  • الأرشيف
  • عن الوكالة
  • عباس بدر الدين
  • قالوا في عباس بدر الدين
  • الصحف اليومية
  • راسلنا
Banner
Banner
حول ملف الإخفاء
  • س س
  • العقيد القذافي
    • ليبيا القذافي
  • لكلمته صولة
  • مطالبات
  • مطالبات - تابع
  • التوطين
  • د.مسيكة :هذه هي وقائع التحقيق
  • التحقيق الايطالي في جريمة الاخفاء
  • من المؤكد
  • قانون انشاء المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ونظامه الداخلي وملاك موظفيه العام
  • موسى الصدر لماذا هو؟
  • معلومات عن خطف الإمام وصحبه
Banner
للعلم والمعرفة
  • العلمنة
  • الوفاق الذي عاش 30 عاماً
  • مصير لبنان في مشاريع
  • تاريخ قوات حفظ السلام في لبنان
  • الخريطة الاميركية للشرق الاوسط
  • الاستراتيجية الاميركية في المنطقة
  • الثورة الإسلامية الإيرانية
  • طائرة الموت الايرانية
Banner
Banner
Banner
Banner

Copyright © 2010 LNA.
All Rights Reserved.

Designed by MS Graphics.