الخريطة الاميركية للشرق الاوسط - Page 14
| Article Index |
|---|
| الخريطة الاميركية للشرق الاوسط |
| Page 2 |
| Page 3 |
| Page 4 |
| Page 5 |
| Page 6 |
| Page 7 |
| Page 8 |
| Page 9 |
| Page 10 |
| Page 11 |
| Page 12 |
| Page 13 |
| Page 14 |
| Page 15 |
| Page 16 |
| Page 17 |
| All Pages |
بين المسجد الأقصى والهيكل الثالث؟!
المستقبل – الإثنين 28 أيلول 2009
محمد السماك
شهد العالم منذ أيام عملية إقامة نموذج للهيكل اليهودي الثالث في باحة مجاورة للمسجد الأقصى في القدس. وتصادف هذه المبادرة اليهودية مع ذكرى محاولة إحراق المسجد في عام 1969، وهي المحاولة التي أسفرت عنها كرد فعل، القمى الأولى للدول الإسلامية في المغرب وولادة منظمة المؤتمر الإسلامي. وكان أول أهم قرار اتخذته المنظمة الجديدة هو تشكيل لجنة خاصة برئاسة المغرب (الملك الحسن الثاني) لوضع استراتيجية إسلامية مشتركة من أجل تحرير القدس وإنقاذ المقدسات من الخطر الذي يتهددها. فكما أن الصهيونية على حد قول أول رئيس للحكومة في إسرائيل دافيد بن غوريون تؤمن بأنه لا إسرائيل من دون القدس، ولا قدس من دون الهيكل؛ كذلك فإن العالم الإسلامي يؤمن بأنه لا فلسطين من دون القدس ولا قدس من دون المسجد الأقصى. من هنا العلاقة بين استهداف المسجد بالتدمير ومشروع بناء الهيكل.
توجد في مرتفعات الجليل في شمال إسرائيل بلدة صغيرة تعرف باسم "زريفات". عند غروب شمس كل يوم جمعة يتجمع الأصوليون من رجال الدين اليهود المعروفون باسم "بريسلوف هاسيديم" في الكنس ويرددون أنشودة دينية يهودية عنوانها "ليكادولي" ومعناها "ليأت من نحب". والذي يحبون أن يأتي وينتظرون مجيئه هو السيد المسيح. فهم لا يؤمنون بالمسيح الذي بعثه الله، ولكنهم ينتظرون مجيئه.
يقول الاعتقاد الديني اليهودي أن المسيح الحقيقي (؟) سيأتي بعد ظهر يوم جمعة. وأنه سيظهر في بلدة زريفات التي تقع في جبل ميرون في الجليل. وأنه سوف يتوجه من هناك سيراً على الأقدام إلى القدس. والقدس تعني الهيكل. ولذلك لا بد من بناء الهيكل الذي سيطلق منه دعوته الخلاصية للعالم.
من أجل ذلك اتخذ الأصوليون اليهود من هذه البلدة – زريفات – محطة انتظار منذ العام 1900، أي منذ العهد العثماني. وأقاموا فيها مركزاً للدراسات الدينية الأصولية يعتبر المرجع الأساس للفكر اليهودي الديني المعاصر.
وإذا كانت مجمعات الكيبوتز تخرج المتطرفين اليهود في الجيش والإدارة والاقتصاد، فإن مجمعات "باشيفا" تخرج رجال الدين الأصوليين الذين يستعدون لمرحلة ظهور المسيح. ففي هذه المدارس الدينية يتم إعداد "الكوهانيم" وهم فئة من رجال الدين المتخصصين في إعداد وتقديم الضحايا في مذبح الهيكل عندما ينجز بناؤه.
وقد تألفت في الولايات المتحدة منذ احتلال إسرائيل للقدس في عام 1967 هيئات دينية من اليهود ومن بعض الإنجيليين المتصهينين الخارجين عن الإطار العام للمسيحية الكنسية الإنجيلية والكاثوليكية والأرثوذكسية، متخصصة في جمع الأموال اللازمة لتمويل بناء الهيكل؛ وبالفعل جمعت أموال طائلة يتفق بعضها على المدارس الدينية (باشيفا)، وينفق بعضها الآخر على تمويل مشاريع الاستيطان في القدس بما فيها مشروع الاستيطان الجديد في جبل أبو غنيم، وينفق بعضها الثالث على تمويل حركة غوش ايمونيم (أي جبهة العقيدة) وهي واحدة من الحركات الدينية الأصولية المسلحة التي تقود حركة الاستيطان في الضفة الغربية وتتولى تنفيذ المخططات – غير الرسمية – لتدمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة ومن ثم لإقامة الهيكل اليهودي.
يبقى أن بناء هيكل يهودي للتعبد شيء، وتدمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة وبناء الهيكل على أنقاضهما شيء آخر. الذين يريدون بناء الهيكل فريقان. الفريق الأول من اليهود الذين يعتبرون إنجاز هذا المشروع بمثابة تكريس ليهودية إسرائيل، وانطلاقة جديدة نحو تهويد بقية المناطق المحتلة من فلسطين. وما الإعلان عن يهودية إسرائيل وعن مطالبة الفلسطينيين والعرب والمسلمين بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية سوى تعبير عن هذا الاعتقاد. والفريق الثاني من غير اليهود ومن غير الإسرائيليين، وتحديداً هم فئة من المسيحيين الإنجيليين الأميركيين الذين يعتبرون بناء الهيكل شرطاً مسبقاً لا بد منه من أجل العودة الثانية للمسيح.
تؤمن هذه الحركة بالسيد المسيح وتنتظر عودته. أما اليهودية فإنها لا تؤمن به أساساً لكنها لا تزال تنتظر مجيئه. مع ذلك يلتقي الفريقان عند قاسم مشترك وهو تدمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة، ومن ثم بناء الهيكل اليهودي الذي يدعون أن المسيح سوف يظهر فيه.
الفريق الأول – الصهيونية المسيحانية – غير معني ببناء الهيكل من أجل العبادة. ولكنه معني أولاً وأخيراً بالنتائج المحسوبة لتدمير المسجد الأقصى. وهو وقوع حرب إقليميى تتورط فيها قوى العالم المختلفة، فتتفجر معركة هرمجيدون (نسبة إلى سهل مجيدو الذي يمتد من القدس إلى عسقلان على الساحل) التي يؤمنون بأنها، بوحشيتها وبدمويتها حيث يقتل الملايين من البشر خلالها، تشكل البوابة التي لا بد منها لعودة المسيح. وهي العودة التي ينتظرونها ويعملون على التعجيل لها إيماناً منهم بأنها سوف تقضي على أعداء المسيح (أي على اليهود والمسلمين) بحيث لا يبقى من اليهود سوى 114 ألفاً فقط ينجون لإيمانهم بالمسيح العائد الذي يحكم الأرض لمدة ألف عام، ومن ثم تقوم الساعة!!.
أما الفريق الثاني من اليهود فيعتبر أن من يسيطر على ما يسمونه جبل الهيكل – حيث يقوم المسجد وترتفع القبة – يسيطر على القدس. وأن من يسيطر على القدس يسيطر على فلسطين. كان بإمكان هؤلاء اختيار أي موقع آخر لبناء الهيكل بعد أن أثبتت الحفريات الأثرية التي قام بها عالم الآثار الأميركي غورون فرانز – بتكليف من معهد الأرض المقدسة في القدس – عدم وجود أي دليل على أن المسجد الأقصى أقيم في موقع الهيكل.
إلا أن وجود المسجد ووجود القبة يعطيان القدس صورة المدينة الإسلامية بامتياز. وهم يريدون إزالة هذا الرمز إعطاء القدس من خلال بناء الهيكل صورة المدينة اليهودية بامتياز.
اليهود ينتظرون ظهور المسيح اليهودي. وبموجب قانون هالاشا الذي وضعه اللاهوتي اليهودي بن ميمون في القرن الثاني عشر في الأندلس "يحظر على اليهودي دخول الجبل المقدس إلى أن يأتي المسيح". ولذلك ومنذ عام 1920 يتجمع عدد من علماء اليهود في قرية زريفات لقيادتهم في مسيرة على الأقدام إلى القدس.
وتجمع "منظمة أمناء الهيكل" بين الفريقين باعتبار أن لهما هدفاً مشتركاً وهو تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل "الثالث". الفريق الأول – اليهودي – يحمل معاول الهدم. والفريق الثاني – الأميركي الإنجيلي – يوفر الأموال اللازمة لتمويل المشروع كما يوفر له المظلة السياسية التي تحميه من ردود الفعل السلبية. والتمويل ليس فقط من أجل البناء. إنما من أجل إعداد كهنة الهيكل. ولتحقيق هذا الهدف تأسست في واشنطن "مؤسسة معبد القدس" برئاسة القس رايزنهوف مهمتها جمع التبرعات والمساهمات المالية. وأنشأت هذه المؤسسة في مدينة القدس القديمة معهداً خاصاً باسم "ياشيف اتيريت كوهانيم" أي معهد تاج الحاخاميين لإعداد الكهنة الذين سيخدمون في الهيكل الثالث بعد بنائه بما في ذلك مناسك التضحية بالحيوان. كما مولت عملية تجري منذ سنوات لاختيار حجارة البناء وصقلها وتجميعها في موقع خاص إلى أن تحين ساعة الصفر. وساعة الصفر، أي تدمير المسجد القصى يمني النفس بإعلانها يهودي هاجر من جنوب إفريقيا في عام 1930 يدعى ستانلي غولد فوت، أعد سيناريوهات متعددة لاقتحام المسجد الأقصى بهدف تدميره، وهو الذي خطط لجريمة إحراق المسجد في عام 1969. فكانت هناك محاولة لقيام طيار في سلاح الجو الإسرائيلي "بسرقة" طائرة حربية مزودة بصواريخ مدمرة لقصف المسجد من الجو. وكانت هناك محاولة أخرى لزرع مجموعة من القنابل الشديدة الانفجار حول المسجد ومبنى قبة الصخرة. ولكن المحاولتين لم تنفذا خوفاً من الضرر الذي قد يلحق من جراء ذلك بالحائط الغربي (حائط المبكى) الذي يقدسه اليهود ويعتبرونه الأثر الوحيد الباقي من الهيكل، وهو المعروف إسلامياً بجدار البراق.
وضع المهندس اليهودي "ايفي يوناه" تصميم الهيكل الثالث على أساس إقامته في موقع قبة الصخرة. وأقرت التصميم الحاخامية في إسرائيل والدياسبورا. كما أقرته المنظمات اليهودية المختلفة، وهو التصميم الذي نصب أمام باحة المسجد الأقصى على مرأى ومسمع من العالم الإسلامي كله. إن كل شيء أصبح جاهزاً لبناء الهيكل ولم يبق سوى تهديم القبة وإزالة المسجد الأقصى. فالقرار بالتهديم اتخذ منذ عقود، أما التنفيذ فإنه يبدو قاب قوسين أو أدنى. فهل عند المسلمين عامة، والعرب خاصة، ما يتعدى الشجب والاستنكار؟!.
___________________________________
Last Updated (Sunday, 17 October 2010 12:13)




