الخريطة الاميركية للشرق الاوسط - Page 4

Monday, 09 November 2009 14:57 | PostAuthorIconWritten by | PDF Print E-mail
Article Index
الخريطة الاميركية للشرق الاوسط
Page 2
Page 3
Page 4
Page 5
Page 6
Page 7
Page 8
Page 9
Page 10
Page 11
Page 12
Page 13
Page 14
Page 15
Page 16
Page 17
All Pages
Page 4 of 17

بغداد: من نجيب عبد الهادي، وأسعد حيدر، ولويس فارس
موسكو: من خليل المصري. واشنطن: من باسم المعلم

الرصاصة الأولى
التفاصيل الكاملة لمؤتمر معاقبة... السادات

التنازلات المتبادلة كانت الحل الوحيد لعدم تفجير الخلافات العربية
 بين الحد الأدنى والحد الأقصى اختار العرب الحد الوسط..
فقاطعوا مصر ولم يقاطعوا... أميركا

المستقبل، العدد111، 7 نيسان – ابريل 1979

صباح الأحد أول نيسان (أبريل)، إثر عودته من بغداد. وجد عبد الحليم خدام نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السوري على مكتبه في دمشق مجموعة من الصحف المصرية الصادرة صباح السبت.
واكتفى الوزير العائد من بغداد بالنظر، وسريعاً إلى العناوين الكبرى، وفهم المحتوى فوراً. فقد كانت العناوين تقول: مؤتمر بغداد على وشك الانهيار.
ولم تكن صحافة مصر هي الوحيدة التي راهنت على فشل المؤتمر. فصباح يوم الخميس (29/3/1979)، راهن عدد من الصحافيين الأجانب، في معظمهم من الأميركيين – على زجاجة نبيذ فرنسي – "بأن الوفاق العربي قد انتهى. وأن عرب تطبيق الحد الأقصى من العقوبات ضد النظام المصري، قد انفصلوا نهائياً عن عرب تطبيق الحد الأدنى (أو قرارات قمة بغداد حرفياً). وأن كل طرف سيبقى على موقفه، والمؤتمر سيفشل".
وعندما وصل الدكتور سعدون حمادي إلى القاعة ليدلي ببيانه الصحافي المعتاد وليرد على أسئلة الصحافيين لم يفاجأ هؤلاء بقول الوزير حمادي: "إن كل طرف قد أصر على موقفه وأن أعمال المؤتمر قد أرجئت 24 ساعة، لكي يتمكن وزراء الخارجية العرب من التشاور مباشرة مع حكوماتهم للتوصل إلى قرار نهائي وحاسم".
لكن نتيجة المخاض العسير الذي عرفه المؤتمر طوال خمسة أيام بدلاً من ثلاثة، خيبت آمال المراهنين على الفشل إلى حد ما. وإعادة صياغة "سيناريو" المؤتمر، توضح مدى الصعوبة التي واجهها المؤتمرات للتوصل إلى هذه النتيجة التي أنقذت الوفاق العربي، ومع أن جلسات المؤتمر كانت تتم في قاعة قصر "السلام"، وبعيداً عن الصحافيين الذين أودعوا في قاعة "الخلد" (يبعد عن القصر حوالي 3 كلم) إلا أن أصوات المؤتمرين كانت تصل "عالية" إليهم، أما عبر النص الرسمي لكلمة الوزير أو من خلال "ندوة صحافية" مع صحافيي بلد الوزير لتوزع مطبوعة ومباشرة على باقي الصحافيين.
عندما خرج عبد الحليم خدام من مكتبه في وزارة الخارجية بدمشق اكتفى برد موجز على كل ما قرأ وسمع فقد قال: إن نجاح مؤتمر وزراء الخارجية والاقتصاد العرب كان صفعة للمراهنين على الانشقاق.
ماذا حدث بين الساعة الخامسة من بعد ظهر الثلاثاء في 27/3/1979، وبين مساء السبت في 31/3/1979.
... وبعض التفاصيل:
في الخامسة من بعد ظهر الثلاثاء 27 – 3 – 1979 افتتح صدام حسين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة المؤتمر رسمياً. وكانت آيات قد قرئت قبل ذلك وكان منها "إن الله لا يحب الخائنين"، و"أعدوا لهم ما استطعتم من قوة". ولخصت كلمة السيد صدام حسين، نقاط ورقات العمل التي قدمتها الوفود السورية والفلسطينية والعراقية. وقد اعتبر صدام حسين في خطابه: إن قرارات قمة بغداد هي "قرارات الحد الأدنى" ولذلك يجب الوقوف موقفاً أشد، وهذا الموقف يجب أن يشمل الولايات المتحدة، ولم يكن صدام حسين انتهى من كلمته حتى وضح الانقسام داخل المؤتمر. خصوصاً عندما قال: "لا مجال للوقوف على الحياد في هذه المرحلة".
وخلال توديع صدام حسين بعد أن انتهى من كلمته تبادل الأمير سعود الفيصل وعبد الحليم خدام نائب رئيس الوزراء السوري حواراً ضاحكاً، كان القصد منه تخفيف أجواء التوتر السائدة في القاعة. وسأل الأمير سعود الفيصل الوزير خدام عن "قلبه"، فأجابه: لقد عاينني طبيب إنكليزي في لندن، وقال لي، "قلبك مثل موتور "الرولز رويس" وستعيش 105 سنوات" واكتمل الحوار عندما دعا عبد الحليم خدام الناطق الرسمي باسم منظمة التحرير وعضو الوفد الفلسطيني عبد المحسن أبو ميرزا أن يقترح أن يكون المؤتمر برئاسة.. وقيادة "أبو عمار"، ورافق التوتر، خطاب أبو عمار، واضطر للاعتذار "بأن الميكروفون هو السبب". لكن انفعال أبو عمار كان واضحاً. خصوصاً عندما قال: "سنقاتل حتى آخر طفل فلسطيني".
ولم يطل الأمر، حتى انفجر التوتر، خلافاً علنياً في قصر "السلام". فمساء الأربعاء خرج أبو عمار ليقول بصوت عال وأمام الصحافيين (الذين استقدموا حسب التوقيت المقرر) "يا حكام العرب لا تكافئوا الخائن. يا حكام العرب لا تحولوا شعبنا إلى قتلة"... وكان قد سبق هذا الانفجار، مناقشات عاصفة أظهرت مدى التباين في وجهات النظر بين جبهتي المؤتمر. الأولى وتضم سوريا والعراق والجماهيرية الليبية ومنظمة التحرير. والثانية وتضم المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة. أما الباقون فقد التزموا الصمت انتظاراً لوقوع الإجماع العربي. وخصوصاً الوفد اللبناني الذي حاول الخروج سالماً بعد أن استبعد موضوع لبنان من جدول الأعمال. كما أن الجزائري حاول – إلى حد ما – أن يكتفي بالمراقبة بسبب ظروف الجزائر الجديدة.
وبعد أن لحق الوفدان السوري والليبي بالوفد الفلسطيني بدأت أسباب وتفاصيل الخلاف "تتضح"، أو على الأصح تتسرب خارج قاعات المؤتمر.
عقدة العقد – كما وصفت – كانت: كيفية مقاطعة مصر سياسياً وديبلوماسياً واقتصادياً.
كان رأي المملكة العربية السعودية (ومعهما مجموعة دول تؤيد رأيها) أن مؤتمر وزراء الخارجية والاقتصاد العرب غير مخول اتخاذ قرار بهذا الحجم وأن قرار قطع العلاقات السياسية والديبلوماسية مع مصر يجب أن يصدر عن القادة العرب وليس عن وزراء مهمتهم محدودة ومحصورة في تنفيذ وتطبيق قرارات مؤتمر القمة التاسع في بغداد.
وقال الأمير سعود الفيصل وزير خارجية العربية السعودية أمام المؤتمر "لقد جئنا إلى المؤتمر لتنفيذ قرار صادر عن قمة بغداد، وهو نقل مقر جامعة الدول العربية من القاهرة وتعليق عضوية مصر في الجامعة وإيقاع عقوبات اقتصادية ضدها بسبب انفرادها بتوقيع معاهدة الصلح مع العدو، والعربية السعودية تؤيد هذه القرارات وتوافق على العقوبة الاقتصادية. أما موضوع المقاطعة الاقتصادية والسياسية فهذا أمر آخر يحتاج إلى قرار من سلطة اعلى لها الحق في اتخاذه".
وهنا بدأت مناقشات المؤتمر تأخذ طابعاً مختلفاً عما كان متوقعاً، وبرزت وجهات نظر تعارض طرح الأمير سعود الفيصل، وتطالب بإنزال أشد العقوبات بالحكومة المصرية، كما طالب الوفد الفلسطيني أن تشمل المقاطعة الولايات المتحدة الأميركية، وقدم مطالبه بورقة عمل رفعها إلى المؤتمر. إلا أن هذه المطالب لم تلق على ما يبدو أي تأييد من قبل الوفود العربية الأخرى، ولذلك جاءت القرارات الصادرة عن اجتماعات بغداد خالية حتى من مجرد الإشارة إلى دور الولايات المتحدة الأميركية والمطالبة بردع سياستها في المنطقة.

الورقة السورية – العراقية
ولعله من الضروري الإشارة إلى أن ورقة العمل الأولى الوحيدة التي قدمت قبل أن تتفجر الأزمة كانت الورقة السورية – العراقية التي لقيت موافقة كل الدول المشتركة في أعمال المؤتمر بما فيها العربية السعودية. إلا أن الوفد الفلسطيني تقدم بورقة عمل ثانية اعتبرت أكثر تطرفاً من الورقة السورية – العراقية.
وفجرت ورقة العمل الفلسطينية الأزمة وجعلت بعض الدول تتردد في موافقتها خاصة بعد أن أعلنت سوريا أنها تقف إلى جانب الوفد الفلسطيني وتبعتها الجماهيرية الليبية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
ومن خلال المناقشة اتضح للسيد ياسر عرفات الذي حضر ولأول مرة كل جلسات المؤتمر أن الأمور تسير على نحو يتعارض مع تطلعاته فألقى كلمة مرتجلة شملت عبارات تهديدية، ثم أعلن بعدها انسحابه مع الوفد الفلسطيني من قاعة المؤتمر. ورفض البقاء لسماع رد الأمير سعود الفيصل على كلمته، بالرغم من أن الأمير السعودي رجاه أن يؤجل انسحابه لحين سماع كلمته.
خرج أبو عمار ليقول للصحافيين المتواجدين في قصر السلام "انتهى وإلى الأبد الوقت الذي يكون فيه القرار لغير المقاتلين".
بعد ذلك تأزم الوضع، وظهرت مؤشرات عن احتمال فشل المؤتمر وانفضاضه دون الخروج بقرار يدين سياسة السادات ويعلن عن مقاطعته سياسياً واقتصادياً.
بعد انسحاب ياسر عرفات ووفد منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة فاروق القدومي، وقف وزير خارجية الجزائر ليقول: "إن اجتماعنا هذا سببه قضية فلسطين وهي القضية المركزية والأساسية لكل الحوارات الدائرة حالياً، ولهذا لا يجوز استمرار الاجتماعات بدون الفلسطينيين"، واقترح رفع الجلسة لحين تسوية الأمر.
ورفعت الجلسة وتعطلت أعمال المؤتمر وبدأت الاتصالات والمداولات الجانبية، ثم قرر وزراء خارجية العربية السعودية والدول الخليجية الأخرى الانتقال إلى عواصم بلدانهم لإطلاع المسؤولين فيها على الحد الذي وصلت إليه اجتماعات بغداد وللتزود بالتعليمات والتوجيهات.
وفي الكويت، وقبل العودة إلى بغداد، التقى الوزراء: الأمير سعود الفيصل، الشيخ صباح الأحمد، أحمد بن سيف آل ثاني، راشد عبد الله النعيمي، الشيخ محمد المبارك آل خليفة والأستاذ حسن إبراهيم، حيث اجتمعوا إلى الشيخ سعد العبد الله الصباح ولي العهد رئيس الوزراء وتم على ما يبدو ايجاد صيغة وافق عليها كل الوزراء الذين اجتمعوا قبل أن يتوجهوا مساء اليوم نفسه (الجمعة 30 آذار – مارس) إلى بغداد.
ومن الكويت اتصل الشيخ سعد العبد الله بالسيد صدام حسين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقي هاتفياً وأبلغه أن هناك استياء من الطريقة التي تتم بها المناقشات وأن الجو أصبح مليئاً بالمزايدات والتهديدات التي لا مبرر لها. وأن الحالة إذا استمرت على ما هي عليه فالنتائج ستكون سيئة، وسيخرج السادات حتماً المنتصر الوحيد وستعود الأضواء السياسية لتسلط عليه مجدداً بينما المطلوب هو عزله وعزل نظامه عقاباً لإقدامه على توقيع معاهدة الصلح.
واقترح ولي عهد الكويت على السيد صدام حسين أن يحرص  العراق من جانبه على تجنب الحساسيات والابتعاد عن جو المزايدات والانفعالات التي لا تخدم القضية المصيرية التي نحن بصدد بحثها. وعلمت "المستقبل" أن السيد صدام حسين أبلغ ولي العهد الكويتي حرصه الشخصي وحرص بلاده على نجاح المؤتمر وخروجه بقرارات رادعة ومهمة، كما أطلعه على أنه يراقب سير أعمال المؤتمر ومداولاته الجانبية أولاً بأول وأنه سيعزز وفد العراق بالسيد طارق عزيز الذي لعب دوراً بارزاً في تهدئة الوضع وتجاوز العقبات التي اعترضت صدور القرارات. كما لعب الشيخ صباح الأحمد دوراً بارزاً وساهم في وضع صيغة لقرار المقاطعة السياسية وقد عرض نص القرار على مختلف وزراء الخارجية العرب وتحديداً وزراء خارجية العربية السعودية وسوريا والعراق والوفد الفلسطيني وبعض الدول الخليجية الأخرى خاصة تلك التي أبدت تحفظها في بداية الأمر.
وصدرت قرارات المقاطعة السياسية والاقتصادية وكانت تمثل الحد الأدنى، الأمر الذي جعل أبو عمار يبدي تحفظاً حولها، لأنها لم تتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى دور الولايات المتحدة التي لعبت دور العراب في توقيع معاهدة الصلح المصرية الإسرائيلية وأراد أبو عمار أن يلقي كلمة يبرر فيها أسباب تحفظه إلا أن رئيس المؤتمر الدكتور سعدون حمادي، فوت عليه الفرصة إذ بدأ بإلقاء كلمته الختامية أمام المؤتمر.
قيل في نتائج المؤتمر: إنه مؤتمر قرارات الحد الأدنى، والصحيح أنه مؤتمر الحل الوسط أو التنازلات المتبادلة، ففي مقابل قطع العلاقات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية مع مصر، لم يصدر أي قرار يطالب بمعاقبة أميركا "المهندس الذي هندس المؤامرة" كما وصفها أبو عمار.
ومن مطالعة جديدة للمقررات يتبين مدى التنازلات التي قدمتها كل جبهة من الجبهات الثلاث، وهي الجبهات الممكن اختصار مواقفها بالآتي:
1 – الحد الأدنى الذي طالبت به العراق وسوريا والجزائر وليبيا واليمن الجنوبية وانضم إليها بعد ذلك الصومال وجيبوتي، يطالب بقطع جميع العلاقات الديبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع مصر ومعاملة الحكومة المصرية على قدم المساواة مع إسرائيل.
2 – الحد الأقصى الذي طلبته منظمة التحرير الفلسطينية، والذي يدعو إضافة إلى قطع العلاقات الديبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع مصر إلى مقاطعة أميركا سياسياً وديبلوماسياً و"استدعاء السفراء العرب من واشنطن والمقاطعة النقدية والتجارية وسحب الأرصدة من البنوك الأميركية ووقف التعامل مع شركات الطيران الأميركية وإغلاق الأجواء العربية، بوجه طائراتها وتأميم الشركات الأميركية".
3 – الحد الوسط الذي تمسكت به السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات واليمن الشمالي.
وقالت هذه الدول أنها ملتزمة فقط بما نصت عليه المادة العاشرة من قرارات قمة بغداد والتي تقول بالحرف الواحد كما نشرتها صحيفة الثورة العراقية يوم الأربعاء: "يجتمع وزراء الخارجية والاقتصاد العرب فور توقيع المعاهدة لوضع الإجراءات التي من شأنها حماية مصالح الأمة العربية في مختلف المجالات بما في ذلك تطبيق قوانين المقاطعة على المؤسسات والأفراد المصريين الذين يتعاملون مع إسرائيل، مع تجنب الإضرار بمصالح الشعب المصري".

رأي السوفيات
أما  عن ردة الفعل السوفياتية على المعاهدة على الدور الأميركي في تحقيقها، فبعد ترقب طويل نسبياً، قرر المسؤولون السوفيات الإجابة على عدد من التحركات التي شهدها الشرق الأوسط أثر توقيع المعاهدة المصرية – الإسرائيلية. ولم يأت الرد السوفياتي هذه المرة على لسان مسؤول في الكرملين، أو على لسان ناطق صحفي باسم القيادة المركزية.. بل جاء الرد السوفياتي عرضاً شاملاً بعد تساؤلات سوفياتية كثيرة. ولم يأت هذا العرض على لسان أحد المعلقين أو أحد الصحافيين السياسيين السوفيات... بل ورد في صحيفة البرافدا الرسمية بتوقيع الكسي ديتروف... وهو الاسم الرمزي – كما يعرف به الخبراء الأجانب هنا – للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي.
وقد تناول التعليق "السياسة الأميركية ورئيس البيت الأبيض بالاسم والبنتاغون والرئيس المصري وبيغن ودايان وحلفاء أميركا في أوروبا الغربية والأمم المتحدة وغيرها...". وقد ورد المقال تحت عنوان: "السلام على طريقة كامب دايفيد". ولعل أخطر ما جاء فيه هو التخلي عن الصيغ التقليدية في التحول من "التعريض المقنع" إلى التصدي بالاسم للذين شملتهم التعليقات السوفياتية دون تحفظ دون جزع من أية تبعات سياسية أو ديبلوماسية قد تترتب عليها، خصوصاً مع القاهرة التي طلبت استبعاد مساعد الملحق العسكري السوفياتي في القاهرة. ويكاد هذا التعليق يكون أول عرض رسمي للموقف السوفياتي بعد مؤتمر بغداد.
1 – في المقال إشارة واضحة إلى مجموعة من الملاحق السرية التي لم يكشف النقاب عنها والتي لا تزال ضمن معلومات الشيفرة لدى الأطراف الثلاثة.
2 – قصد المقال إثارة الخواطر الأميركية، ضد الإدارة الأميركية التي قررت – كما ورد في المقال – رصد 27 ملياراً من الدولارات ستقتطعها عن الشعب الأميركي لمصلحة المصريين والإسرائيليين للسنوات الثلاثة المقبلة، وهذا يعني أن المعاهدة المصرية – الإسرائيلية قد وقعت للدفاع عن مصالح البنتاغون فقط وبشكل معاد للشعوب العربية، وأن الرابح الوحيد ليس إلا إسرائيل.
3 – رفض المقال الصيغة الأميركية التي روجت أن الولايات المتحدة قد قامت بدور الموفق، فقد جاء في المقال أن "الإسرائيليين والأميركيين ليسوا من السذاجة للإقدام على مثل هذه الخطوة فالذين اتخذوها يدركون ابعادها. وهم يعرفون أن التوفيق بين المعتدي وضحايا العدوان حتى لو كان تحت إشراف الولايات المتحدة الأميركية لا يمكن أن يوفر الاستقرار في الشرق العربي".
4 – التنديد بالرئيس المصري للمرة الأولى منذ حصول الوقيعة بينه وبين القادة السوفيات منذ أربع سنوات، والقول بالحرف الواحد: "من الذي يستطيع أن يقول إلى أي مدى وإلى أية فترة يمكن للسادات أن يظل في السلطة... السادات الذي وقع معاهدة الصلح من خلف ظهر الشعب المصري؟" ويفسر المراقبون هذا التساؤل في أكبر جريدة في موسكو بأن الكرملين قد أطلق العنان لنفسه بالتخلي عن أية ثقة أو وساطات في المستقبل مع النظام المصري طالما أن الرئيس السادات على رأسه، وأن الكرملين أصبح أقرب إلى كل من يعمل لإزاحة النظام المصري الراهن.
5 – إن ما جرى ليس مجرد عمل سياسي لعلاقة الولايات المتحدة بمصر وإسرائيل، وإنما الأمر على عكس ذلك تماماً. ففي إحدى الفقرات ينطلق السوفيات من البعد السياسي إلى البعد الجغرافي بما ينطوي على الكثير من التحذير للولايات المتحدة الأميركية، إذ يقول المقال: "من الملاحظ أن منطقة الشرق الأوسط قريبة من الاتحاد السوفياتي على حدوده الجنوبية وأنها تبعد عن الولايات المتحدة الأميركية بما يقرب من العشرة آلاف كيلومتر". ولتأليب الرأي العام العالمي ضد المعاهدة يستند السوفيات إلى ما قاله الزعماء في بلاد أوروبا الغربية حول المعاهدة، بالإضافة إلى تصريحات السكرتير العام للأمم المتحدة الدكتور فالدهايم، ومنه ايضاً قول المقال من أن الشرق الأوسط ليس مهماً كأنظمة وشعوب بقدر أهميته كمركز للنفط.
6 – السعي للمزيد من توثيق العلاقات بين السوفيات والعرب النفطيين من أجل مواجهة كافة الاحتمالات. وقد ورد في المقال أن الولايات المتحدة على استعداد ليس فقط لدعم إسرائيل ولكن لطرح إمكانية تنطوي على التدخل العسكري في منطقة الشرق العربي.
وقد ترجمت وسائل الإعلام السوفياتية هذا النص بكافة اللغات التي تصدر بها ونشرته وكالات الأنباء السوفياتية.

الأميركيون: هبة ساخنة وهبة باردة
في واشنطن، تصدت صحيفة "واشنطن بوست" للدفاع عن "المعاهدة" وكيل الاتهامات للدول العربية في مقال افتتاحي بعنوان "بغداد رقم 2" في عددها الصادر يوم الأحد أول نيسان (أبريل) الحالي، وخلاصة ما جاء في الافتتاحية هي أن الوزراء العرب الذين اجتمعوا في بغداد "فشلوا في الإجماع على رفض معاهدة الصلح المصرية – الإسرائيلية وذهب كل في طريقه". وقسمت الافتتاحية هؤلاء إلى رافضين، اتخذوا موقفهم بسبب ضعف الأنظمة التي يمثلون والاختلاف في ما بينهم ولاعتمادهم على الاتحاد السوفياتي. أما منظمة التحرير الفلسطينية فقالت الافتتاحية أن ياسر عرفات لو كان مأجوراً لليمين الإسرائيلي لاتخذ المواقف التي اتخذها في بغداد. المملكة العربية السعودية اتهمتها الصحيفة بالانتقال من موقف الرفض إلى اللامبالاة إلى قبول معاهدة الصلح وبالتالي الخروج على الإجماع العربي. والأردن كذلك الأمر.
وانتهت الافتتاحية بوقاحة إلى "أنهم – أي العرب – بحاجة غلى بعض الوقت لهضم الثورة المصرية وهذا ما يجب أن تسمى"، للتفكير بطريقة يجعلونها تخدم مصالحهم.
الطبعة الثانية من "واشنطن بوست" أي العدد نفسه من أول نيسان (أبريل) أبدلت هذه الافتتاحية بافتتاحية أخرى عن موضوع محلي.
الاثنين، اليوم التالي، طالعتنا "الواشنطن بوست" بافتتاحية بعنوان: "بغداد.. الصباح الذي يلي"، جاء فيها "إن المقال الذي حذف من الطبعة الثانية لعدد الأحد لم يكن كذبة أول نيسان بل فشل كاتبه في أن يتنبأ بأن السعودية ستحكم قلبها بدل عقلها في مؤتمر بغداد وتتخذ هذا الموقف المعادي للغرب". وانتهت الافتتاحية إلى أن "معارضة العرب" لا تعطي أي سبب للولايات المتحدة ومصر وإسرائيل لتغيير الخط الذي سلكته هذه الدول.
"بيت القصيد" هنا ليس النيل من صحيفة "الواشنطن بوست" إنما إظهار تباين ردات الفعل الأميركية – العربية على توقيع اتفاقية الصلح المنفرد وإظهار شماتة "الواشنطن بوست".
ففي مقالها الأول هناك الشماتة و"النمردة" وفي مقالها رقم 2 هناك تصرف أشبه بتصرف الإنسان الذي يوجه اللوم إلى إنسان آخر عزم عليه متمنياً أن يستنير ويغير سبيله. ولو طبقنا هذا الكلام على الدوائر الرسمية الأميركية لوجدناه لسان حالها هي أيضاً.
فالدكتور بريجنسكي مستشار الرئيس كارتر لشؤون الأمن القومي قال بعد أن عاد من زيارة للرياض وعمان بأنه يستبعد أن تلتزم السعودية بمقررات مؤتمر بغداد. وقال أيضاً أن المعونات الاقتصادية  السعودية لمصر لن تتوقف. وذهب جماعة البيت الأبيض، السبت الماضي، إلى أبعد من ذلك إذ قالوا إن السعودية بموقفها هذا ستدفع دول الخليج المنتجة للنفط إلى أن تحذو حذوها. ووصف الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية هادن كارتر مقررات بغداد بأنها سلبية وغير مجدية.
غير أن الذي حدث والإجماع الذي أسفر عنه الاجتماع خيب آمال الأميركيين.

توصيات أم قرارات
في الوقت الذي كان فيه مناحيم بيغن يصل إلى مطار القاهرة ليستعرض حرس الشرف ويستمع إلى النشيد الوطني الإسرائيلي "هاتكفا" تعزفه فرقة الجيش المصري، كانت مصر تعلن رفضها لقرارات مؤتمر بغداد وتعتبرها "توصيات" وليست قرارات ملزمة.
ويبقى السؤال الكبير: هل هي قرارات – كما أصر المؤتمرون – أم توصيات كما تؤكد مصر...؟
والإجابة على هذا السؤال تظل غامضة إلى أن يبدأ التطبيق العملي والحازم ضد نظام السادات. ومتى بدأت هذه الخطوات التنفيذية والتطبيقية يكون لكل حادث حديث...
ــــــ


<< Prev - Next >>

Last Updated (Sunday, 17 October 2010 12:13)

 
القائمة الرئيسية
  • الرئيسية
  • الأرشيف
  • عن الوكالة
  • عباس بدر الدين
  • قالوا في عباس بدر الدين
  • الصحف اليومية
  • راسلنا
Banner
Banner
حول ملف الإخفاء
  • س س
  • العقيد القذافي
    • ليبيا القذافي
  • لكلمته صولة
  • مطالبات
  • مطالبات - تابع
  • التوطين
  • د.مسيكة :هذه هي وقائع التحقيق
  • التحقيق الايطالي في جريمة الاخفاء
  • من المؤكد
  • قانون انشاء المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ونظامه الداخلي وملاك موظفيه العام
  • موسى الصدر لماذا هو؟
  • معلومات عن خطف الإمام وصحبه
Banner
للعلم والمعرفة
  • العلمنة
  • الوفاق الذي عاش 30 عاماً
  • مصير لبنان في مشاريع
  • تاريخ قوات حفظ السلام في لبنان
  • الخريطة الاميركية للشرق الاوسط
  • الاستراتيجية الاميركية في المنطقة
  • الثورة الإسلامية الإيرانية
  • طائرة الموت الايرانية
Banner
Banner
Banner
Banner

Copyright © 2010 LNA.
All Rights Reserved.

Designed by MS Graphics.