التوطين - Page 8

Tuesday, 20 October 2009 14:20 | PostAuthorIconWritten by | PDF Print E-mail
Article Index
التوطين
Page 2
Page 3
Page 4
Page 5
Page 6
Page 7
Page 8
Page 9
Page 10
Page 11
Page 12
Page 13
Page 14
Page 15
Page 16
Page 17
Page 18
Page 19
Page 20
All Pages
Page 8 of 20


أبو أياد يروي "للمستقبل":

قصة المقاومة مع السادات

المصدر المستقبل العدد 112، 14 نيسان 1979
بيروت -غسان بيرم

• استدعانا السادات قبيل الحرب ليقول لنا: أنا أريد أن أعبر القناة فقط
• السادات يمنع عائلتي من مغادرة مصر لأسباب لا أعرفها
• طلب السادات من أبو عمار أن يتوسط له لدى القذافي وأن يطلب منه نصف سلاح ليبيا لمصر

   يروي هنا السيد صلاح خلف (أبو أياد) أحد أبرز القيايين في اللجنة التنفيذية لحركة "فتح" القصة الكاملة للمقاومة الفلسطينية مع الرئيس أنور السادات منذ أن كان للمقاومة الفلسطينية علاقة مع الرئيس المصري. ويروي أبو أياد هذه القصة ليس لأنه الزعيم الفلسطيني الوحيد الذي أتى الرئيس السادات على ذكره في خطابه الأخير الذي ألقاه أمام مجلس الشعب المصري في مجال سرده لبعض الوقائع والاتهامات بل ربما أيضاً لأن السيد صلاح خلف هو واحد من قياديي حركة المقاومة الفلسطينية الذي عرف السادات أكثر من سواه بحكم العلاقة الشخصية القديمة التي كانت تربطه معه.

وقبل أن يبدأ أبو أياد سرد بعض أهم جوانب وتفاصيل رحلة المقاومة مع السادات قلت له:
لم يكن الرئيس السادات في خطابه الأخير يتعرض لأول مرة للمقاومة الفلسطينية وقيادتها، إلا أنه ظهر وكأنه يقدم جردة حساب عما قدمه للمقاومة الفلسطينية وما كانت قيادات المقاومة تقابله به. لذلك نسألك ما هي القصة الحقيقية للمقاومة مع الرئيس السادات؟
قال أبو أياد: إن علاقتنا مع السادات ترجع إلى ما قبل تسلمه المسؤولية كرئيس للجمهورية معه ومع غيره من أعضاء مجلس قيادة الثورة، ولكن هو بشكل خاص كان بيننا وبينه بعض العلاقات العائلية. وبعد أن تسلم رئاسة الجمهورية كخليفة لعبد الناصر، توسمنا فيه الخير ووقفنا معه وجعلنا العلاقة معه في مستوى العلاقة التي كانت بيننا وبين الرئيس عبد الناصر.
كان يحاول أن يفرق دائماً بيننا كقيادة. فكان دائماً يريد المقابلات المنفردة معنا ولا يريد أن أذهب إليه مع أبو عمار مثلاً.. كان يلتقي أبو عمار وحده ويلتقي بي وحدي، وما من مرة إلا وأسمعني انتقادات  ضد أبو عمار، وأكيد أنه كان ينتقدني أمام أبو عمار، ولم أحاول مرة أن أنقل لأبو عمار مثل هذا الكلام بل كنا نفهم على بعضنا البعض.
وقال أبو أياد:
... لندخل في العام 1973، تلك كانت أكثر فترة يستطيع فيها الإنسان أن يكتشف حقيقة أنور السادات. أذكر في شهر أغسطس من ذلك العام طلبنا لمقابلته في "برج العرب" وكانت علاقته مع حسنين هيكل حتى ذلك الحين غير مقطوعة، وعندما وصلنا إلى "برج العرب" في الإسكندرية وكنت أنا وأبو اللطف، حاول هيكل أن يقول لي بأن الرئيس يريد أن يجتمع بي وحدي، فقلت له: أولاً، لقد جئت أنا وأبو اللطف.
ثانياً، ليس ممكناً – من باب اللياقة – أن أقول هذا لأبو اللطف وبالتالي فإن الذي سيقوله لي الرئيس سأقوله بدوري لأبو اللطف، نحن لسنا قيادة منقسمة على بعضها البعض.
والظاهر أن هيكل تكلم مع الرئيس وقال له إن أبو أياد مصر على أن يكون مع ابو اللطف وهكذا كان وقابلناه بعد ذلك.
ولا بد أن أروي قصة طريفة عن حكاية الـ 30 واحداً الذي طلبهم منا.

أولاً، بدأ هو الكلام عن أنه قرر المعركة قريباً. صحيح هو لم يحدد التاريخ بل قال قريباً وفي غضون شهرين أو ثلاثة. ومن ثم شدد في كلامه على أن "هذه المعركة ستكون شرارة أولى وهذه الشرارة ستكون فقط من أجل ضرب وقطع خط بارليف  ويتوقف هناك، وبعدها نكمل معركتنا السياسية وبنعمل مؤتمر سلام وتأتوا أنتم معنا، ونكون حررنا أرض 1967 وأنتم لازم تعملوا دولة، وأنا مش حأقول للملك حسين عن هذه الحرب لأني مش عاوزة يدخلها حتى لا يكون له حق بأخذ الدولة الفلسطينية أو مطالبته بالضفة الغربية".
وأضاف أبو أياد: .. والحقيقة أننا ذهلنا وجلسنا نناقشه كيف يمكن أن تون حرب محدودة وما هي الحرب المحدودة، وفي الحقيقة نحن لا نعرف شيئاً عن هذه الحرب.
والشيء الذي لم يكن يعرفه هو أننا كانت لنا عيون في مصر.. وفي داخل الجبهة، وطبعاً أنا لا أريد أن أسمي أسماء ولكن الفريق الشاذلي ذكر بعض الأسماء. فقبل الحرب قال السادات الفريق صادق وعندما أقاله كنا نحن نعرف من مصادرنا أن هناك خلافاً حول موضوع الحرب المحدودة، والخلاف كان بين السادات وبين صادق لأن رأي الأخير كان بأن يصلوا إلى الممرات وبعد الوصول إلى الممرات تبدأ حرب الاستنزاف، أما السادات فلم يكن موافقاً على هذا.. بل كان رأيه بأن يصار إلى قطع مسافة العشرة كلم، أي قطع القناة.. ويتوقف.
قلت أننا ذهلنا يومها وجلسنا نناقشه ولكنه طلب منا وقال أنتم لازم تبعتولي 300 رجل من فتح.

• المستقبل: 300 رجل أم 30؟
- أبو أياد: 300 أو 400. فقلنا له: لماذا نرسل لك 300 رجل، فنحن عندنا هنا قوات "عين جالوت" وهذه القوات هي قوات جيش التحرير الفلسطيني وهي عبارة عن لواءين.
قال لنا: لأ أنا عاوز رجال من فتح حتى لا تواجهوا ضغطاً سياسياً. وبعدين لازم الكلام ده ما يوصلش لحافظ الأسد أوعوا يوصل هذا الكلام لأن حافظ الأسد بيكرهكم على رأس السطح.
وقال أبو أياد:
طبعاً هذا الكلام كان يكرره لنا دائماً وقال لنا "تذكروا أن حافظ الأسد أرسل لي زهير محسن وخالد الفاهوم وطلب مني مقابلتهم حتى يغطي على ياسر عرفات، ولكن أنا بسايره دلوقتي علشان عاوزين ندخل الحرب مع بعض. ومتقلوش الكلام ده والقوات باعتكم لازم تجي مصر بسرية تامة ما حدش يعرف، وبعدين أنتو عاملين مكاتبكم في بيروت ليه، ليه ما تجيبوهاش مصر هنا ليه؟، فهنا مركز الثقل وبعدين حاندخل المعركة السياسية مع بعض وأحسن ما يكونش عليكم ضغط من حد".
وكما قلت لك كنا في تلك الأيام شبه مذهولين. ومن ثم طلب مني أن أذهب إلى عبد السلام توفيق مدير المخابرات لأبحث معه هذه الأمور بعد أن كلم بحضوري عبد السلام توفيق وقال له سيصل إليك أبو أياد وتكلم معاه بالموضوع اللي حايقولك عليه.
طبعاً لم نوافق على ذلك حتى أن حكاية إرسال هذه القوة من فتح لم نكن مقتنعين بها لأن قواتنا موجودة في مصر وهي تعد حوالي 2500 جندي من جيش التحرير الفلسطيني، لأن لا فرق بين فتح ومنظمة التحرير. إنما لم نكن في الحقيقة نعرف ما هو غرضه من هذا الأمر رغم أنه قال لنا لازم تدخلوا معايا غزة وإلخ.
... وهكذا عدت أنا وأبو اللطف واجتمعنا بالقيادة، وذهلنا كلنا وكنا نتساءل ما هي هذه الحرب التي يريدها السادات؟!
وعدنا في شهر سبتمبر/أيلول وقابلنا السادات في مؤتمر عدم الانحياز وكنت أنا وأبو اللطف وأبو عمار، وكنا قد فهمنا حقيقة خلافه مع الفريق صادق ومع ضباط آخرين. فأعاد ذات الكلام علينا مرة ثانية بحضور أبو عمار هذه المرة، حتى أنه في تلك الأثناء تركنا ونزل لمقابلة أحمد إسماعيل وحكمت الشهابي وعاد إلينا بعد نصف ساعة، فصار أبو عمار يناقشه وكذلك نحن ونقول له إننا خائفون من هذه الحرب لأن فيها توريطاً لا أحد يعرف نتائجه. والقضية ليست بهذه السهولة، فلازم تستعد أكثر من ذلك وتأتي لك أسلحة أكثر. فقال: أبداً، أنا عايز أعمل معركتي وأنا مستعد لها وعايزكم بس تكونوا جنبي.
وبالذات طلب السادات من أبو عمار "عايز أبو أياد يكون جنبي يوم المعركة".
وقال له أبو عمار: خلاص: أبو أياد وأبو اللطف حايكونوا عندك يوم المعركة.
وقال السادات: أنا حا ارسل وراكم قبل أسبوع وأول ما السفارة تصل بيكم تيجوا على طول.
قبل أن نصل إلى الحرب ونتائجها يجد الإنسان نفسه مضطراً أن يتكلم عن السادات وأخلاقيته وكيف أن تصرفاته فيها غدر وفيها خيانة، وهذه الأمور سنعود إليها بكل وقائعها وتفاصيلها في وقت آخر.

الرسالة السرية:
المهم انتهى مؤتمر عدم الانحياز وعدنا نحن إلى بيروت، وأذكر أنه يوم 4 أو 3 من أكتوبر اتصلت بنا السفارة المصرية.
هنا لا بد من أن أقول بأن حكاية أننا كنا عارفين بموعد الحرب وأن السادات أرسلني إلى بيروت "لأبلغ" بموعدها. ولكن إنصافاً.. وفي تلك الأيام، وما بين مقابلتنا للسادات في برج العرب ومقابلتنا له في الخامس من الشهر حصل أن فؤاد مطر، وهو حي يرزق وموجود عندكم في "المستقبل" نشر خبراً قال فيه إن هناك إشاعات عن أن مصر تستعد للحرب وأن السادات أبلغ زعيماً فلسطينياً بموعدها. والحقيقة أن السادات لم يفاتحني بهذا الموضوع بل الذي فاتحني به هو هيكل. وكان تقييم السادات في حينه أن واحداً من اثنين هو الذي سرب هذا الخبر، وهما إما حسنين هيكل أو كمال أدهم، وأنا أتحدى أن أكون تكلمت مع فؤاد مطر أو مع غيره في هذا الموضوع لأن السادات كما لاحظنا في خطابه الأخير ركز على هذه النقطة وقال بأنه كان يوماً أسود في حياته وكانت ليلة سوداء إلخ. طبعاً لم يفاتحنا السادات في هذا الموضوع إطلاقاً، بل نحن الذين فاتحناه بهذا الموضوع وقلت له "أيش حكاية خبر "النهار". فقال أنا أشك بهيكل أو كمال أهدم. وراحت القضية وكانت عابرة والدليل أننا تلقينا رسالة يوم الأربعاء قبل الحرب تدعونا إلى القاهرة، والحقيقة أنني لم أهتم كثيراً في بادىء الأمر إلا أنني وجدت إلحاحاً وقلت لنفسي: ربما هذا الموضوع هو موضوع الحرب، وبالفعل سافرت يوم الخميس إلى مصر. وفور وصولي أبلغني المشير أحمد إسماعيل وكان حاضراً فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية وقال لي ابعث رسالة إلى أبو عمار يوم غد الجمعة وقل له فيها بأن الحرب ستبدأ غداً وقال إن الرسالة يجب أن تكون سرية وما يصحش حد يعرف بها. احترت أنا في كيفية إرسال الرسالة لأن المفروض أن أبقى أنا في مصر. وفعلاً كتبت الرسالة وسلمتها إلى شاب أثق به طار بها صباح الجمعة إلى أبو عمار ليلة الحرب. وأوصيت للشاب أن يحمل رسالة استقالتي إلى أبو عمار، وقلت له بأن يسلمها باليد لأبو عمار حتى لا يزعل منك، ولكن إذا أصاب الطائرة شيء أو أنزلت في إسرائيل مثلاً فإن أول شيء تقوم به هو تمزيق الرسالة حتى لا يعرف أن بيننا خلافات. وبالفعل أخذ الشاب الرسالة وأبلغها إلى أبو عمار الذي كاد أن يجن بسبب كيف أن الحرب ستقع غداً وهو لا يعلم بها. المهم في الساعة الواحدة والنصف من يوم السبت بدأت الحرب وفوجئنا نحن بمدير المخابرات يتصل بنا ويدعونا لأن نكون جاهزين لمقابلة السادات في الساعة السادسة مساء، وفي الحقيقة لم أكن أتصور بأن السادات سيكون قادراً على مقابلتنا. وهو عندما كان يقول لنا "أنا عاوكم تكونوا جنبي يوم الحرب" كنا نعتقد بأنه يريد من ذلك أن يقول إن الفلسطينيين كانوا إلى جانبي في حال وقعت نكسة. (عيب أن نقول هذا الكلام ولكن هذه حقيقة وقد قالها بنفسه). طبعاً ذهبنا نحن في الموعد إلى قصر الطاهرة فوجدنا السادات في زيه العسكري وقال لي: هذه برقية تقول بأن خمسة آلاف جندي عبروا، وكان يتلقى في كل دقيقة برقية. والشيء المذهل الذي لاحظته هو أنه كان كلما سمع بانتصار نراه يصاب بالضيق. وكان يقول لنا بأنه مخطط للحرب بأن تتوقف عند القناة فقط ولكن يجب أن تستم عشرة أيام. ويبدو من خلال الخطة التي كانت موضوعة أنه كان يضع في حسابه استشهاد وإصابة أربعة آلاف جندي في عملية العبور. ولكن جاءتنا الأخبار بأن مجمل الخسارة لا يتجاوز المئتين، وجاءته برقية في حوالي التاسعة والنصف فتركنا وذهب ومن ثم عاد إلينا. فقلنا له: ما بك منزعجاً؟ فقال لنا: جاءني خبر يقول بأن حافظ الأسد توقف ويريد المطالبة بوقف إطلاق النار وقد أبلغني بذلك السفير السوفياتي وأنا طلبت الآن الرئيس الأسد  لأستفسره. وبعد قليل عاد ليقول لنا "الحمد لله طلع الكلام ده مش صحيح". وقال لنا "يا أخوانا دول الأولاد عبروا بسرعة" وكان القلق بادياً عليه. وقلنا له طيب ليش زعلان؟

كيف حصلت ثغرة الدفرسوار؟
قال السادات: "يا اخوانا أنا ما أقدرش أوقف المعركة ودول عبروا بسرعة، أنا متفق مع الملك فيصل أن تدوم المعركة عشرة أيام علشان يقدر يقطع النفط، ودلوقت إذا عبر الأولاد بهذه السرعة ما أقدرش أتقدم!!".
الغريب أن السادات كان "زعلاناً" من هذا الانتصار لأنه لم يكن يريد أن يتحقق بهذه السرعة. وهنا لا بد أن نتساءل: كيف حصلت ثغرة "الدفرسوار" ولماذا؟
حصلت عندما مت عملية العبور بسرعة فكان المفروض بالسادات أن يتقدم إلى الممرات وهذا كان ممكناً قبل أن يتحرك الجيش الإسرائيلي لأن الاندفاعة الأولى لها قوتها العسكرية.
هذه هي الليلة الأولى وهنا أحب أن أضع ملاحظة وهي أن السادات لو كان فعلاً غاضباً منا بسبب خبر "النهار" الذي نشر كان بإمكانه عدم استقبالنا يوم الحرب.
المهم أننا قابلناه يوم 26 أكتوبر فسأناه عن الوضع فقال: أبداً الوضع كويس والثغرة دي هي ثغرة تلفزيونية ومعرفش ايه ولكن أنا شفت نفسي بواجه أمريكا فقلت لازم أطلب وقف إطلاق النار..
وكنت في حينه أنا والأخ أبو اللطف فسألنا السادات: المهم دلوقتي انتوا رايحين معايا مؤتمر السلام ولا لأ؟

وقلنا له: يا سيادة الرئيس: أي مؤتمر سلام فلازم تفهمنا ما هو مؤتمر السلام وعلى أي أساس حتى نستطيع أن نجيبك على سؤالك بنعم أو لا؟
أجاب: أنا بعت برسائل إلى الدول الكبرى الخمس من أجل الدعوة لمؤتمر سلام يعقد في جنيف أو في الأمم المتحدة تحضره سوريا ومصر والأردن ومنظمة التحرير.

وهنا صرنا نناقشه بالشكليات ونقول له، طيب الأردن ليش.. أنت قلت لنا في البداية أنك لا تريد إدخال الأردن في المعركة حتى لا يكون له حق في الدولة الفلسطينية.
أجاب: لأ. هي الحكاية أن الأردن له حدود خارج فلسطين. وقلنا له: ولبنان؟
أجاب: لأ. لبنان دي يأتي دورها بعدين في المرحلة الأخيرة.
المهم أنه كان يتكلم وكأنه دارس الموضوع وعارف بكل تفاصيله وكأنه واضع خطة لما وصلنا إليه اليوم ولكنه يطبقها على مراحل. وبعد أسبوعين جاء كيسنجر إلى المنطقة وبعثه أبو عمار القاهرة فقال له السادات "لا أنتو مش حا تحضروا المرحلة الأولى والثانية، المفاوضات، انتوا بتحضروا في المرحلة الثانية من جنيف".
وفي شهر مارس 1975 كان كيسنجر لا يزال يروح ويجيء إلى المنطقة، وفي تلك الأثناء أعلن إسماعيل فهمي أن المباحثات فشلت وكنا نحن ف يحالة شبه مقاطعة مع السادات ونهاجمه، إلا أنني أثر هذه التصريحات لإسماعيل فهمي تحركت شخصياً وذهب إلى القاهرة فوراً وقابلت السادات وكان بأسوان
وكانت تلك أول مرة في حياتي أرى فيها السادات في حالة غضب وبدأ يشتم بأبو عمار ويقول "دنا مش حاقبلو ولا عاوز أشوفو... ده مش حا عمل له حاجه.. أنا ما بينقلش علي كده، بقايض أرض بمبادىء". وكان حاضراً هذه المقابلة ممدوح سالم فقلت له: يا سيادة الرئيس ليه بتشهر بأبو عمار بس، فما هو الفرق بيني وبين أبو عمار فنحن كلنا واحد. وأذكر كلمة قالها لي وما زلنا نضحك لها إلى الآن قال "لأ" أنت حاجة ثانية، أنت حامل طبنجه وأنا حامل طبنجه، احنا مقاتلين (الطبنجه يعني مسدس).
فقلت له: والله يا ريس اللي بيحمل طبنجه هو أبو عمار مش أنا.
المهم كل هذا الكلام كنا نحن نتجاوزه، وبعد ذلك توفي الملك فيصل والتقى السادات بأبو عمار في السعودية ودار بينهما عتاب وخناق حول "ازاي تقولوا علي أنا ببيع مبادىء بقطعة أرض"...
كما أنني كنت في مقابلتي له اتفقت معه على أن نبدأ عهد وساطة بينه وبين الرئيس حافظ الأسد. ونحن كان قصدنا من إعادة هذه العلاقة أن يرتدع السادات ونبقى نحن من حوله بعد أن رأيناه منجرفاً بشكل مخيف. وطبعاً لن يسمح الواحد منا لنفسه بأن يقول للرئيس الأسد ما يقوله عنه السادات، لأن دورنا كان دور الموفق. وكان وافقني على أن يلتقي بالرئيس الأسد. فذهبت أنا فوراً إلى دمشق واجتمعت بالأسد وبدأنا نهيىء للقاء بينهما في الرياض.
إلا أن الشيء الذي قاله لي في تلك المقابلة وبعد هذا كله "اسمع ما تحسبوش أنا قطعت العلاقة والمفاوضات مع كيسنجر وإسرائيل، أبداً، أنا حاستمر بالمفاوضة، بكرا يجيني عرفات أنا حامشي بيه على طول... أنا دلوقتي حاسيبك لأن عندي جماعة من الكونغرس الأميركي". يعني كل الكلام الذي قلناه على مدى ساعتين، ثلاث ساعات رأيته يختزه بهذه الكلمة اللي هي ما تحسبوش إني مش حاعمل أي اتفاق أنا بكرا يجيني عرض أمشي به على طول".
في الواقع، الإنسان لا يستطيع أن يطمئن إلى هذا الرجل. وتجاربنا كانت كثيرة معه، أثناء أكتوبر وبعد أتوبر وأثناء موضوع جنيف وغيرها، ولكن كنا دائماً نحاول أن نكبت أفكارنا بشكل فظيع، وبقينا نشد على موضوع الدولة الفلسطينية وعلى منظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني حتى نعطل له الحل الموجود في رأسه. فإسرائيل مشطبة على الدولة الفلسطينية وعلى المنظمة، وكذلك أميركا مشطبة هذا الموضوع، والسادات طبعاً هو الآخر أصبح مضطراً لشطب الدولة والمنظمة لكنه لم يكن يعرف كيف يتملص من هذا الموضوع، فأصبح يريد الوصول إلى حل لهذا الموضوع الذي أصبح متضايقاً منه بأي شكل من الأشكال.
المهم أنه التقى في السعودية مع حافظ الأسد واتفقوا على عدة لقاءات. وعادت العلاقات تقريباً إلى مجراها الطبيعي بينهما، وأن السادات بعد فترة عاد ليوقع اتفاقية سيناء والتي ورد في نص أحد ملحقاتها أن أميركا لا تعترف بمنظمة التحرير ولا تحاورها إلا إذا اعترفت المنظمة بالقرار 242. طبعاً هذا الأمر أخفاه علينا السادات، حتى إسماعيل فهمي أيامها قال إن هذا الملحق لا علم لي به ولا أعرف عنه شيئاً. وطبعاً دخلنا نحن والسوريون ضده في معركة، ولكن للأسف بعدها بفترة وجيزة وقعت أحداث لبنان التي ألهتنا عن كل شيء وأصبح الواحد يفكر في كيف يمكن أن يحمي الثورة.

وخلال حرب لبنان:
وكما تعلمون إن الحرب اللبنانية استغرقت وقتاً طويلاً من فبراير/ شباط 1975 أي منذ مقتل معروف سعد لغاية دخول قوات الردع العربية إلى لبنان، وطبعاً كان أصعبها أننا خضنا معركة مع السوريين. وكانت هذه الأخيرة بالطبع فرصة العمر بالنسبة للسادات الذي راح يعمل على تأجيج الموقف. وهذه الحرب لا مجال هنا لأن يتكلم عنها الإنسان كثيراً وعن أسبابها وظروفها، لكن المهم أنه في النتيجة والمحصلة صرنا مضطرين نسكت عن اتفاقية سيناء حتى نأتي بالسلاح من مصر لأننا أصبحنا محاصرين، والسادات استغل الفرصة وبدأ يبعث لنا بالسلاح، وكان يأتينا عن طريق مصر سلاح من العراق، وكان السادات يفعل هذا كله من أجل محاربة السوريين وإبقاء الحالة متأزمة. ولعل هذا يفسر أن أصعب قرار اتخذه واحدنا في حياته هو قرار مقاتلة السوريين وذلك لاعتبارات كثيرة ولعل من أهمها أنها أنستنا اتفاقية سيناء وكل شيء..
وحصل بعدها مؤتمر الرياض وحصلت فيه الصلحة مرة ثانية بين حافظ الأسد والسادات وبطبيعة الحال دخلنا نحن بهذه الصلحة واعتبرنا عندها أن الخطوات الاستسلامية التي يسير فيها السادات وقفت عند اتفاقية سيناء.
وبعدها بدأنا نرجع إلى مصر ونلتقي السادات وكان يقول دائماً لي ولإخواننا كلهم، أبو عمار وأبو اللطف وغيرهم، لازم تكونوا عارفين انو الدولة الفلسطينية دي في جيبي، أنا حاجيب لكم الدولة الفلسطينية وأنا كذا وأنا كذا. يعني ولا مرة من هذه المرات إلا وكانت الدولة الفلسطينية موجودة في جيبه الصغير.
آخر مرة التقينا فيها السادات، وكانت قبل "رحلته التاريخية" لأن قبلها لم يكن هناك أي شيء جدي بل كانت كلها عروضات كلام بكلام، وأذكر أني وأبو عمار كنا في القاهرة في بداية سبتمبر/أيلول، واذكر أنه جاءت في ذلك الحين ورقة عمل أميركية تقول، بأن يحضر ممثلون عن الفلسطينيين في جنيف ويكون بينهم أعضاء غير معروفين في منظمة التحرير، فعرض ورقة العمل هذه علينا. وقبلها كانت هناك معركة أربعة أشهر حول محاولات أميركية بأن نقبل نحن بالقرار 242 على أساس أن نتحفظ على كذا وكذا.. ولكن لازم نقول بالأول "نقبل". ونحن عارفين أن القوانين والأعراف الدولية تعترف بأنك قبلت وكل باقي التحفظات لا قيمة لها بعد ذلك.
وحول هذه الناحية دارت معركة طويلة عريضة دخلت فيها السعودية من جهة ومصر من جهة وسوريا من جهة، والمهم أن هذه المعركة تقلصت في النهاية بورقة العمل الأميركية. وإذا بورقة العمل الأميركية هذه وبعد 24 ساعة وبعد البيان السوفياتي الأميركي تأتي ورقة العمل الإسرائيلية – الأميركية التي ألغت الاثنين معاً وليس فيها أي ذكر لا للدولة الفلسطينية ولا لمنظمة التحرير.
وكنا نحاول لآخر لحظة أن نعرف إلى أين يريد أن يصل السادات.
وفي أثناء ورقة العمل الأميركية وكنت قابلته آخر مرة في حياتي فكان يريد الذهاب إلى أميركا.. إلى كارتر، ورأيته وأنا أدخل عليه يزرع الغرفة جيئة وذهاباً وهو في حالة ارتباك وإذا به يقول لي متسائلاً: "مش عارف.. أنا عايز أعطي كارتر حاجة، مش عارف حاقدر أعطيه ايه"!؟
ضحكت أنا وقلت له: الحقيقة أنا ما عنديش حاجة أعطيه إياها إلا هذا القميص الذي ألبسه.
فرد السادات: "لا.. لا أنا ما قصدش أنتوا.. أنا بسأل نفسي، أصل سبق وأنا أعطيت نيكسون.. أعطيته عملية اتفاقية سيناء الأولى ومن ثم أعطيته عملية الرادارات الأميركية.. دول أنا كنت موافق عليهم بس أنا قلت أخللي، (وكان ده بعدين) فورد يضغط علي حتى يظهر أني أنا اللي تنازلت.. عشان كده أنا عايز دلوقتي أعطي كارتر حاجة حتى يظهر هو كمان انو ضغط علي".
وطبعاً لم يكن يخطر في بالي أنه يريد أن يعطي كارتر عملية الزيارة إلى القدس. وبدا بعد ذلك لي أن الرجل مقبل على عمل خطير ولكنني لم أكن أعرف ما هو وبالتالي غير قادر على التصريح به. فلو كان قال لي عن الذي ينوي عمله لكان عرف موقفنا ولكان ربما الظرف قد تبدل.
المهم كانت بدأت المشاكل بينه وبين ليبيا وكان أبو عمار قد بدأ يحاول القيام بوساطة لوقف هذا النزاع. فواق السادات وقال له: أنا حاروح ألقي خطاب في مجلس الشعب وعايز منك تروح القذافي وتحصل منه على موافقة بأن يعوض لمصر كل خسائرها في الحرب وأن يعيد المعونة التي قطعها وأن يعطينا نصف سلاحه وعايز تحضر لي الجواب قبل خطابي في مجلس الشعب".
فذهب أبو عمار إلى ليبيا وقابل القذافي واستطاع أن يحصل منه على أشياء جيدة، وطبعاً ليس من المعقول أن يتخلى رئيس دولة عن نصف السلاح الذي يملكه. وعند عودة أبو عمار شعر من الذين كانوا في استقباله في مطار القاهرة بلهفة تستعجله وقالوا له "الريس ينتظرك في مجلس الشعب وعاوز يشوفك قبل الخطاب".
وبالفعل توجه أبو عمار إلى مجلس الشعب على وجه السرعة فوجده يبدأ في خطابه ولم يكلف نفسه بضعة دقائق للانتظار، فانتظر أبو عمار حتى انتهاء الخطاب الذي قال فيه أنه مستعد من أجل السلام الذهاب إلى الكنيست الإسرائيلي.
ولم يواجه أبو عمار في حياته إحراجاً كالإحراج الذي واجهه وهو جالس يستمع إلى مثل هذا الخطاب في مجلس الشعب من السادات.
بعد الخطاب نزل السادات وصعد مع أبو عمار إلى إحدى الغرف وقبل دخولهما التفت السادات إلى إسماعيل فهمي وقال له "حاول أنت وسيد مرعي تصلحوا الكلمة التي قلتها عن الكنيست لأنها كانت زلة لسان".
وبالفعل اعتبر أبو عمار أن الحكاية زلة لسان لا أكثر ولا أقل. لأن أحداً لم يكن يتصور أن السادات يمكن أن "يعملها".

المستقبل: في خطابه الأخير قال السادات إنني كرئيس مصر هذا هو ما استطعت أن أحققه، حكم ذاتي لخمس سنوات بعدها يقرر الشعب الفلسطيني مصيره،  هذا ما "قدرت" عليه وإذا كان غيري من الزعماء العرب قادراً على تحقيق الأكثر فأنا مستعد أن أتنازل عن كل ما قمت به، فما هو رأيكم بهذا الكلام؟
أبو أياد: الواقع أن السادات يعتبر نفسه ابن بلد "فهلوي". ففي خطابه جملة مغالطات، لعل من أهمها قوله "خالي العرب يجيبوا أكثر". أصلاً هو لم يستطع خوض حرب أكتوبر لولا السلاح السوفياتي ولولا المال العربي ولولا الدعم العربي، دعم السعودية، دعم ليبيا، والكويت والعراق الذي استمر إلى ما بعد الحرب بأن قدم له استثمارات كبيرة وأسلحة عراقية. بالإضافة إلى مشاركة سوريا الفعلية التي نزلت في الحرب بكل ثقلها والحقيقة أن سوريا هي التي خسرت كثيراً وهي التي دفعت الثمن الباهظ من إمكاناتها وجيشها، فضلاً عن قطع النفط وعن الجيوش العربية التي أرسلت إلى مصر.. القذافي الذي تكلم عنه أنا أعرف أنه بعث له بمساعدات كبيرة بدون أن يطلبها منه وأبو مدين الله يرحمه بعث له الدبابات التي سارت كل هذه المسافة الطويلة ووصلت إليه أثناء المعركة. هذا بالإضافة إلى القوات المغربية التي كانت موجودة، فالسادات استغل كل الطاقات العربية حتى يحرر سيناء ومن ثم أدار ظهره إلى كل العرب. ومن ثم جاء ليقول يا عرب إذا استطعتم حاولوا أن تحصلوا على أكثر مما حصلت أنا عليه! هذا منتهى الانتهازية ومنتهى الخداع فأنت يا سادات أخذت كل إمكانات العرب حتى تستطيع أن تحارب بها، الحرب ونتائجها لم تكن لك وحدك ومن أجل أن تحقق انتصار العشرة كلم على القناة ومن ثم لترمي القفاز والتحدي في وجه العرب بطريقة الغدر والانتهازية وبروح الإنسان الانتهازي الدجال الذي يضحك على الناس. صحيح أن الأمور لن تقف عن الحد الذي وصلت إليه فإذا الشعب المصري لم يحاسب السادات على جرائمه التي ارتكبها منذ زيارته للقدس وحتى توقيعه المعاهدة، فالأكيد أن هناك واقعاً جديداً سيخلق عند الأمة العربية ليعوض عن إخراج مصر بالقوة من المعركة.
الناس إلى الآن غير قادرين على فهم ما هو هذا الحكم الذاتي الذي جاء به السادات، فالبلديات الموجودة الآن في الأرض المحتلة هي أفضل من هذا الحكم الذاتي، فعلى الأقل هناك نوع من الاستقلالية في هذه البلديات وهو أفضل من الاستقلالية التي يتحدث عنها الحكم الذاتي الذي لا يمكن في النهاية أن يؤدي إلى الدولة المستقلة.
ويقول لك السادات "أنا بعد خمس سنين بسحب الحاكم العسكري الإسرائيلي".. إلى أين يسحبه وإن سحبه فهو سحب الحاكم العسكري وليس الحكم العسكري.. وحتى لو جرت انتخابات في الضفة وغزة بعد خمس سنين وأصبح للفلسطينيين ممثلون في الداخل فهذا الافتراض ينطبق على أهل الضفة فقط، أما الفلسطينيون الذين هم في الخارج فما هو مصيرهم وأين سيصبحون وأين العودة. طيب أنا الفلسطيني الذي لست من الضفة ولا من غزة ما هو مصيري وما يريد أن يفعل بي، والفلسطينيون الموجودون في سوريا ولبنان والكويت والسعودية والعراق وحتى  عنده في مصر، أين سيذهب بهم؟ فهو لم يأت على ذكرهم، إنه تنازل عن القدس وتنازل عن حق الشعب الفلسطيني كله الموجود في الخارج بينما أعطى فلسطينيي الداخل شكلاً مزيفاً من الحكم الذاتي وبذلك صفى القضية الفلسطينية.
فخطورة ما أقدم عليه السادات ليست فقط أنه سوى قضية الانسحاب من سيناء، ولو توقف عند هذا الحد لقلنا هذه خيانة مصرية وقلنا أن الشعب المصري يحاكمه عليها، ونحن بالطبع لن نتخلى عن الشعب المصري بل سنبقى إلى جانبه. وقد جاءت مذكرة أعضاء مجلس قيادة الثورة التي تمثل حقيقة إرادة الشعب المصري وشرف مصر ولا شك أن هناك أصواتاً كثيرة في مصر شريفة. ولكن السادات تجاوز حده وحجم القضية الفلسطينية ووضعها على طريق التصفية. فنحن من الأفضل والأشرف لنا أن نبقي القضية معلقة بدل أن تنتهي إلى هذه النتيجة المذلة.

• المستقبل: طبعاً هذا يدخل في نطاق مخطط توطين الفلسطينيين حيث هم في الخارج؟
- أبو أياد: من هنا أنا أستغرب مواقف بعض إخواننا في لبنان الذين هم ضد التوطين – لا سيما الأصوات التي طلعت تؤيد المعاهدة – فهؤلاء الناس يجب أن يكونوا أكثر من كل العالم ضد المعاهدة لأن السادات يعمل على توطين الفلسطينيين وهذا من ضمن خطوط المعاهدة. ومن ضمن خطوط المعاهدة التي تحدث عنها السادات قال إنه ليس هناك أشياء سرية. فلو استمعنا إلى خطابه نجده مليئاً بالتناقضات من أوله إلى آخره. يقول مثلاً: "ليه أنا محتاج ابعت الجيش إلى أي مكان ثان؟". ومن ثم يحكي من جهة ثانية أن له في السودان جيشاً مصرياً. ومن ثم عندما يرسل 50 طائرة إلى زائير فماذا يعني ذلك؟ أليست الطائرات من القوات المسلحة؟
المهم أن كل هذا هو من ضمن المخطط الأميركي – الإسرائيلي – المصري كما تقول المعاهدة بأن هناك "شوية فلسطينيين في الضفة يمكن أن يقام لهم حكم ذاتي ضمن إسرائيل وبذلك تصبح إسرائيل موجودة على هذا الأساس.

• يمكن أن هذا الحكم الذاتي الذي أعطوه في الضفة مشابه إلى حد ما للحكم الذاتي المعطى للأكراد في العراق وربما في إيران.
- يا ريت. حتى الحكم الذاتي في العراق هو أفضل بكثير مما سيعطى في الضفة الغربية. مع العلم أنه لا مجال للمقارنة هنا. فالعراقيون شعب واحد ولهم تاريخ مشترك. أما إسرائيل فهي دولة اغتصبت أرضنا وشردت شعبنا وقامت على أساس الغزو الانتقامي. فالسادات لم يستطع حتى العودة إلى قرار التقسيم، وهو أفضل بكثير مما حصل عليه كما أنه لم يستطع حتى الحصول على الأراضي العربية المحتلة بعد 67. ولهذا رفض الملك حسين المعاهدة لأنه وجد أنه ليس هناك أي شيء يشجعه للدخول فيها.


* لاحظنا أن السادات اتخذ قولاً منسوباً لك وهو أن مشكلة السادات هي رصاصة وحول المجابهة من مجابهة قومية إلى معركة شخصية فردية وأدخل فيها موضوع عائلتك الموجودة في القاهرة.
- أنا في الحقيقة لا أريد الدخول في مثل هذه المهاترات. وأنا أتحدى أن يقول لي أحد إني أنا الذي تكلمت في موضوع الرصاصة. ولكن لكمة الرصاصة هذه ظهرت عندما زار السادات القدس. ورد عليها هو في حينه من الإسماعيلية. ورد عليها هو في حينه من الإسماعيلية. وهذه الكلمات ليست مني، وأنا ما كنت مخجولاً بها لو أنني قلتها. فالقضية ليست قضية شخصية وإنما هي قضية نهج السادات ومن معه كحسني مبارك مثلاً الذي لا يميزه شيء عن السادات، وكذلك مصطفى خليل وأيضاً وزير الدفاع كمال حسن علي وبطرس غالي...
والسادات يستغل كل شيء حتى الكلام عن عائلتي. والحقيقة إن عائلتي موجودة في مصر منذ العام 1965، ليس بسبب الاطمئنان عليه أبداً بل صادف أن العائلة كانت موجودة في غزة وانتقلت إلى مصر في ذلك التاريخ وبقيت هناك.
وعندما قام السادات بزيارة القدس قلت في نفسي إنه من غير المعقول أن نكون في معركة مع السادات وعائلتي موجودة هناك، فعلى الأقل من الناحية الإنسانية يجب أن يتسنى لي رؤية أولادي. فطلبت من زوجتي أن تترك مصر مع العائلة وتأتي لنقيم في أي دولة عربية أخرى في سوريا أو غير سوريا مثلاً حيث تقيم بقية عائلات الإخوان في القيادة، إذ ليس صحيحاً أننا نقيم في مصر خوفاً من الإقامة في أي عاصمة أخرى بل بالعكس فالعائلات التي تعيش في بعض العواصم العربية تعيش في حالة طبيعية جداً. إلا أن زوجتي في ذلك الحين اعترضت وقالت لي: يوجد في مصر 80 ألف فلسطيني سيقولون عنكم إنكم سحبتم عائلاتهم من مصر خوفاً عليها لكي تابعوا في الخارج شتم السادات ومهاجمته. مع أن هذا الأمر حرمني طوال هذه الفترة من رؤية عائلتي. وبعدها أصبح أولادي معرضين للمضايقات وممنوعين من التحرك وغيرها... ويأتي السادات الآن يقول إن أولادي "يعملون مشاكل في المدارس ومعرفش إيه". والحقيقة أنه في مرة من المرات جاءت المدرسة وأعطت الطلاب موضوعاً في الإنشاء تطلب منهم فيه أن يكتبوا عن رحلة الرئيس التاريخية إلى القدس طبعاً ابنتي ترددت ورفضت. وعندما أجبرتها المعلمة قالت لها ابنتي: أكتب، ولكن بشرط أن أبدي رأيي بصراحة. فوافقت المدرسة. فكتبت رأيها ونعتقد أن طلاباً مصريين كتبوا أيضاً نفس رأيها. وجاء السادات الآن ليقيم في خطابه القيامة على عائلتي ويقول إن أولادي يفتعلون المشاكل في مدارسهم وأنهم يعيشون بأمان في حمى الشعب المصري إلخ... مع العلم أنهم يعيشون في وضع لا يحسدون عليه وهم محاصرون في المنزل وفي المدرسة ويمنع عليهم التحرك.
وبعد توقيع المعاهدة قلت إنه أصبح من غير المنطقي بقاء العائلة هناك، وتولى أحد الأصدقاء تسهيل مهمة خروجهم من مصر. إلا أن السلطة فرضت عليهم البقاء ومنعت خروجهم. والمحاولات ما زالت مستمرة وربما يسمح لهم بالعودة في المستقبل ولكن حتى الآن هناك منع من الخروج. في النهاية ليست القضية قضية حياة أولادي. قد يقتلهم السادات، ليس هذا هو المهم بل الأهم أن هناك شعباً فلسطينياً كاملاً ما زال مشرداً خارج دياره وأرضه وحياته كلها معرضة للخطر.(انتهى)
_______________________

<< Prev - Next >>

Last Updated (Thursday, 10 March 2011 13:01)

 
القائمة الرئيسية
  • الرئيسية
  • الأرشيف
  • عن الوكالة
  • عباس بدر الدين
  • قالوا في عباس بدر الدين
  • الصحف اليومية
  • راسلنا
Banner
Banner
حول ملف الإخفاء
  • س س
  • العقيد القذافي
    • ليبيا القذافي
  • لكلمته صولة
  • مطالبات
  • مطالبات - تابع
  • التوطين
  • د.مسيكة :هذه هي وقائع التحقيق
  • التحقيق الايطالي في جريمة الاخفاء
  • من المؤكد
  • قانون انشاء المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ونظامه الداخلي وملاك موظفيه العام
  • موسى الصدر لماذا هو؟
  • معلومات عن خطف الإمام وصحبه
Banner
للعلم والمعرفة
  • العلمنة
  • الوفاق الذي عاش 30 عاماً
  • مصير لبنان في مشاريع
  • تاريخ قوات حفظ السلام في لبنان
  • الخريطة الاميركية للشرق الاوسط
  • الاستراتيجية الاميركية في المنطقة
  • الثورة الإسلامية الإيرانية
  • طائرة الموت الايرانية
Banner
Banner
Banner
Banner

Copyright © 2010 LNA.
All Rights Reserved.

Designed by MS Graphics.