مطالبات - Page 9
| Article Index |
|---|
| مطالبات |
| Page 2 |
| Page 3 |
| Page 4 |
| Page 5 |
| Page 6 |
| Page 7 |
| Page 8 |
| Page 9 |
| Page 10 |
| Page 11 |
| Page 12 |
| Page 13 |
| Page 14 |
| Page 15 |
| Page 16 |
| Page 17 |
| Page 18 |
| Page 19 |
| All Pages |
الفصل الثالث
الإمام الرمز
موسى الصدر، قبل أن يكون رمزاً روحياً، هو رمز اجتماعي وسياسي ونضالي معاً.
اجتماعي... عندما خص الفقراء بثورته الاجتماعية مؤكداً على أن الظلم ليس قوة قدرية إذا ما اتحد المحرومون في وجهه.
وسياسي... عندما وقف في وجه الحرب والتقسيم.
ونضالي... لأنه لم يكتف بالموعظة بقدر ما تحرك باتجاه الفعل والممارسة.
في السابع عشر من شهر كانون الثاني عام 1978، أجرت إحدى الصحف اليومية المحلية مقابلة مع سماحة الإمام موسى الصدر في مكتبه بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، حيث من خلالها نتلمس الصدق والغيرة الوطنية ونرى أن سماحته رمز من رموز التعايش الإسلامي – المسيحي.
وهذا نص الحديث:
الصدر: لبنان مهدد بالسقوط ولا ينقذه إلا الوفاق
o أرفض توطين الفلسطينيين في لبنان
o كنت أحد أبرز رموز التعايش الإسلامي – المسيحي واتهامي بالعكس كان حلقة من سلسلة "عزل الكتائب"
• سماحة الإمام، مسؤول كبير وصف الحالة في المنطقة العربية بأنها "تخبيص بتخبيص"، وأن الرؤيا داكنة والخيوط متشعبة، وأن حالة الركود التي يعيشها لبنان لن تكون لمصلحته أبداً، فهل لنا أن نعرف وقع لبنان من التطورات الحاصلة، وما مقدار انفعاله بها؟
- لا شك في أن الظروف الدولية تمر في أخطر مراحلها أيام السلم لأن الحرب الباردة بين القوتين الكبيرتين في الشرق الأوسط أولاً والقرن الأفريقي ثانياً، وفي بقية المناطق قائمة على قدم وساق، ولا شك في أن وراء هذه الصراعات مساومات على القمح وعلى البترول وعلى السلاح الإستراتيجي وعلى يالطة جديدة متطورة في العالم وغير ذلك. ويبدو أن المخاض لولادة هذه الصفقة الدولية عسير جداً هذه المرة، وإلى أن ينتهي الصراع هذا، كل نقطة في العالم عامة، والمناطق الحساسة التي ذكرناها خاصة، معرضة للصعوبات المختلفة. أما الوضع العربي فأعتقد أنه بدوره أيضاً يمر بأقسى الفترات خصوصاً أن إسرائيل أيضاً داخلة بصورة مباشرة في الصراع وتستعمل كل وسائلها لذلك. أما لبنان فمهما كان من خلاف أو تفاوت في وجهات النظر بين مواطنيه، فإن نقاط الوفاق وضرورة الانتباه إلى المصير المشترك المهدد بالإضافة إلى تاريخ وحضارة وتجربة مميزة وطويلة، عناصر تسمو باللبنانيين وتهيب بهم لكي يرتفعوا فوق خلافاتهم. أما المشكلة اللبنانية الكبرى فهي أن لبنان مهدد بأن يدفع ثمناً لصراع بين العرب أنفسهم أو بينهم وبين إسرائيل، أو بين القوى الكبرى في العالم، والسبب في ذلك وجود الثغرات التي ما زالت باقية في جسم الوطن وفي نفوس المواطنين، فمع وجودها يخشى أن خلافاً، أي خلاف، ومن أية قوة صغيرة كانت أم كبيرة، يتسرب إلى لبنان، عبر هذه الثغرات. وهنا ننتبه إلى حقيقة مرة على رغم هدوء الأوضاع نسبياً وهذه الحقيقة هي أن وطننا مهدد أكثر من أي وقت مضى بالسقوط أو بتعبير أدق "بالتشظي" وأمام هذا الواقع المخيف لا نجد طريقاً إلا سد هذه الثغرات والطريق إلى هذا الأمر هو الوفاق الوطني، وفاقاً مطلقاً وكاملاً دون شروط ودون توقع مكاسب الحرب ودون الوقوف أمام الشعارات التي سبق للأطراف المتنازعة أن طرحتها ومكاشفة الناس بخطورة المرحلة التي تمر وإقناعهم بتأجيل كل شيء عدا بقاء لبنان وفي توقعي أن هذه الرؤيا أصبحت واضحة عند الجميع أو أنها تعيش في ضمائر الجميع بصورة عفوية وهذا مما يدعو إلى التفاوض على رغم قسوة الظروف.
توطين الفلسطينيين والوفاق
• ما هي صحة الأخبار التي شاعت في الفترة الأخيرة عن توطين الفلسطينيين في لبنان، وهل يمكن أن يشكل رفض التوطين قاسماً مشتركاً بين جميع اللبنانيين يكون منطلقاً للمباشرة في عملية الوفاق خصوصاً بعد موقف رئيس الجمهورية من هذا الموضوع؟
- في نفس الوقت الذي كان يتحدث فخامة الرئيس أمام السلك الدبلوماسي كنت في خطبة الجمعة أي في أخلص أوقات العبادة وأصدق تعبيرات المؤمن كنت أتحدث بنفس المنطق وأكرر ما يقوله الرئيس سركيس، فالتوطين في رأيي مؤامرة جديدة مدمرة على الفلسطينيين أنفسهم لأنه يعني الوطن البديل وإنهاء وجودهم كشعب. وأضفت في خطبة الجمعة ضرورة تنظيم الوجود الفلسطيني المسلح بموجب الاتفاقات وبسط سيادة الشرعية اللبنانية على جميع المناطق حتى الحدود الجنوبية وهنا لا بد من أن أوضح مصدر تفاؤلي حيث أن هذه النقاط كانت في الأسابيع الأخيرة تبدو منطلقاً للوفاق الوطني ولذلك فإن عظمة الأخطار التي تهدد لبنان لا تقف أمام عظمة الإرادة اللبنانية الموحدة.
ومن جهة أخرى فإن مشروع الاستيطان في الأساس هو مشروع بيغن رئيس وزراء إسرائيل حيث أن تفاصيل مشروعه تكشف عن رغبة إسرائيل في تحديد عدد الفلسطينيين في الضفة، ذلك لكي تتمكن من هضمهم وإذابتهم في الكيان الصهيوني وهذا يعني إبقاء الفلسطينيين في أماكنهم الحالية وخلق متاعب لهم بسبب الخيبة والانتكاسة وبما سوف يحدث من اتهامات متبادلة تؤدي إلى صراعات دموية فيما بينهم. بالإضافة إلى أن هذا الأمر سيكون مصدر صعوبات ديموغرافية، أمنية، اجتماعية وسياسية للبلاد المجاورة لإسرائيل، وهنا نضيف إلى مصدر تفاؤلنا أن القيادات الحقيقية للشعب الفلسطيني والثوار الحقيقيين يرفضون حتماً هذا المشروع.
الجميع ينتظرون سركيس
• لقد أصبح الوفاق إطاراً مطلبياً يتمحور حوله أكثر من فريق، ولكن هل يكفي أن يرفع كشعار؟ ألم يحن الوقت ليوضع موضع التنفيذ العملي؟
- في الواقع إن جميع الأطراف ينتظرون موقف الرئيس سركيس باعتبار أن الوفاق الذي يطرحه مزود بقوة الشرعية، معتمد على دراسات مخلصة ومحايدة بالإضافة إلى أن الوفاق سيكون مسنوداً بالقوة الدولية والرغبة العربية وربما يفضل الرئيس أن تحصل مبادرة في المكان أو الزمان أو الأطراف، وعند ذلك سيكلف أو يلوح به، وما عدا ذلك فإني لا أرى مانعاً في الأفق الوطني يعيق أو يمنع ذلك.
ضريبة الدم عند الشيعة
• الشيعة كانوا أكثر اللبنانيين تأثراً بالأحداث ودفعوا ضريبة الدم غالياً في الجنوب وفي غير الجنوب، ومع ذلك فإن نار الخلافات مستعرة بين رجالاتهم وزعاماتهم مما يزيد في آلامهم وتشتتهم، أما حان الوقت ليلتقي زعماء الشيعة ويتناسوا خلافاتهم فينقذوا الجنوب من الاحتلال ويساهموا في عودة أبنائه إليه؟
- إن المشكلة المتفجرة في الجنوب هي خلاصة المشكلة اللبنانية العامة، وهي بدورها نتيجة عوامل عربية ودولية انفجرت على الساحة اللبنانية التي جرى التحضير لها بسبب الثغرات المفتوحة فيها. وقد أصبح واضحاً للجميع أن بعض أهداف المحنة اللبنانية كانت تحضير المنطقة كلها نفسياً ومادياً لفرض أنواع السلام، ولذلك فإن تصوري أن المشكلة في الجنوب ومشكلة الشيعة بشكل عام أولئك الذين أرادوا على رغم ضعف إمكاناتهم أن يحافظوا على وطنهم، وعلى أصالتهم، وعلى موقع وطنهم في المنطقة، بالإضافة إلى أنهم كانوا يرفضون المزايدات والوسائل التي استعملت في لبنان، ولم تكن لها أية شرعية غير قاعدة الغايات تبرر الوسائل، أقول إن الشيعة أرادوا أن يجمعوا في هذه المحنة بين شرف الأهداف والوسيلة فمشكلتهم ومشكلة الجنوب كانت مشكلة التاريخ لهم وما دفعوه من ثمن يعتبرونه مسؤوليتهم التاريخية لأنهم كانوا أمام الامتحان العسير، وبكلمة كانت المشكلة كبيرة جداً ولا أتصور أنه كان الخلاف بين رجالاتهم أحد عناصر الأزمة ومع ذلك فإنني بدوري عن نفسي وعن رفاقي تعهدت وأتعهد الآن أن نمد يدنا إلى جميع رجالات لبنان، وخصوصاً إلى القيادات الجنوبية والشيعية لكي نلتقي ونعمل دون قيد أو شرط لعلنا بذلك نلبي حاجة المتألمين والمتأملين من إخواننا وأبنائنا.
علاقته بالجبهة اللبنانية
• في بداية الأحداث التي اندلعت في لبنان كنتم المحاور المقبول والوسيط الناجح بين "الجبهة اللبنانية" والفريق الآخر، ثم أصبحت العلاقات بينكم وبين الجبهة فيما بعد تحتاج هي نفسها إلى وسيط. فما هي الأسباب، وهل من مساع لتصويب هذه العلاقات؟
- قبل كل شيء لا بد من الوقفة أمام مبدأ عام، وهو تعرضي أنا بالذات لأقسى حملات التشكيك والتجريح في الإعلام اللبناني اليساري منه واليميني، وفي الإعلام العربي والدولي أيضاً، وذلك لسبب واضح، هو أن الهدف الأول من المؤامرة كان ضرب صيغة التعايش اللبناني وإثبات صحة النظرية الصهيونية من استحالة التعايش بين الأديان في الشرق الأوسط. فإذا كان هذا هدف المؤامرة الأول فمن الطبيعي أن توجه عناصر المؤامرة والإعلام همها ضد رموز الوحدة الوطنية لتحطيمها وإخراجها عن ساحة التحدي واسمح لي هنا أن أقول بالصراحة وأن لا أتواضع فأعلن أني كنت أحد أبرز رموز التعايش الإسلامي – المسيحي وأحد أوتاد الوحدة الوطنية، فهل نسيت عظة الصيام في كنيسة الكبوشيين تلك اللوحة التي لم يشهد العالم مثلها.
وأعود لكي أقول لقد كنت في بداية الأحداث حتى النهاية في موقف واحد منفتح ومرن إلا أمام أخطار تهدد الوطن أو وحدته أو كرامته، ولكن ماذا نعمل أمام الإعلام الطاغي والتضليل الذي يحرف الكلمة عن مواضعها فهل سمعتم بحادث القاع؟ وقد وجهت أكثر خطاباتي إثارة لصيانة هذه البلدة الوادعة والكادحة وبعثت بوفود، ثم خرجت عن الاعتصام وذهبت لمنع الاعتداء أو لوقف الاعتداء عليهم، ودخلت القاع في اليوم الثاني وطمأنت الناس وخطبت في الكنيسة وعزيت المصابين وكان قد قتل سبعة من أبناء البلدة، ثم استمعت إلى شكواهم ودفعت مبلغاً لتنظيف طريق الماء الذي كان يروي أشجارهم، وغير ذلك وعدت لكي أقرأ في بعض الصحف اتهامي بتدبير الحملة على القاع. إن هذه القصة نموذج عن كل ما جرى ولقد كان يجري لتحطيم الجسور ولخلق الانفصام وكأن هذه المهمة حلقة أخرى من سلسلة بدأت بـ"عزل الكتائب" واستمرت عبر الهجمات المركزة على اجتماعات الـ77 ثم استمرت عبر اصطناع المشاكل الطائفية وكان ما كان مما لست أذكره. إذن لم يتغير في نفسي وفي سلوكي وفي رؤيي شيء عدا الآلام المبرحة والأحزان المتراكمة ليس بينها حزني على نفسي أو خسارتي لأصدقائي ما دمت قد صرفت كل ما أملك بما في ذلك، هذا الرصيد لخدمة الوطن والإنسان.
فريسة المخطط الشيوعي
• هناك من يرد الحملة التي تعرضتم لها إلى أسباب، يعود البعض منها إلى الاعتقاد بأن الحركة المطلبية التي تزعمتم مهدت للانفجار لما خلقته من تشنجات وشعور رافض في صدور فئة واسعة من المواطنين، وهناك من يعتبر أنكم أخفقتم في استيعاب الرفض اليساري و"التكويع" عليه من خلال حركتكم وبالتالي فإنكم وقعتم فريسة المخطط الشيوعي، فهل هذا صحيح؟
- إن الخيال المجرد، خصوصاً عند اللبنانيين واسع جداً ولا يمكن وضع حد له إلا المطالبة بالأرقام، فليذكر وليتذكر السائلون أم المتسائلون أن المهرجان الكبير الذي أقيم في صور، وكان المقرر بعده أن يقام مهرجان أكبر في العاصمة يليه اعتصام إذا لم تنفذ الدولة مطالب الناس ثم كان حفل إفطار عشقوت – كسروان وظهر بوضوح أن أجهزة الدولة تحاول أن تخلق مخاوف وتشنجات شعبية وتنقل التوتر والنضال الديمقراطي بين المعارض وبين السلطة إلى صراع طائفي بين الناس. وقد حول هذا الحفل الذي أقيم بعد مرور خمسين يوماً على مهرجان صور، حول موقف قيادة الحركة إلى الانصراف عن إقامة مهرجانات والتصعيد ثم حصلت اتصالات عبر الندوة اللبنانية بالمثقفين من جميع الطوائف وصدر بيانهم بتوقيع 190 مثقفاً وتشكلت الأمانة العامة للفكر الملتزم في خدمة المحرومين وشكلت الدولة بوساطة قائد الجيش العماد إسكندر غانم لجاناً مشتركة درست الأوضاع، وأقرت المطالب ورفعت التقارير إلى الرئيس فرنجية، ثم زار المجلس مؤكداً عزم الدولة على تحقيق المطالب ثم استقالت حكومة الرئيس تقي الدين الصلح والتزم الرئيس رشيد الصلح في بيانه الوزاري بمطالب الحركة، وطوقت آثار المهرجانات ومضت فترة تتجاوز سبعة أشهر، وكان الانفجار الذي بدأ بمقتل معروف سعد في تظاهرة صيادي الأسماك وتلاها حادث عين الرمانة وتعاقبت الأحداث.
ويمكنني أن أؤكد بعما اتضح أن لا علاقة بين المهرجانات وبين الانفجار، أقول يمكنني أن أؤكد أن التلبية لمطالب الناس لو تمت في سنة 1974 أو وضعت بوادرها لتحولت عند ذاك جماهير المهرجانات إلى سياج قاطع ومتين يحمي السلام.
Last Updated (Thursday, 10 March 2011 13:06)




