لكلمته صولة
| Article Index |
|---|
| لكلمته صولة |
| Page 2 |
| Page 3 |
| Page 4 |
| Page 5 |
| Page 6 |
| Page 7 |
| Page 8 |
| All Pages |


لمجلة الحوادث:






منزل سماحة الامام في ايران حيث كانت تنتظره والدته












الإخفاء القسري للأشخاص جريمة دولية ضد الإنسانية
الاربعاء 18 – 6- 2008 العدد11026 السفير ص 19
كتب الدكتور محمد مجذوب في جريدة السفير مقالا تحدث فيه عن الاخفاء القسري للاشخاص جاء فيه:
في 4/6/,1982 ومع بداية الغزو الصهيوني للبنان، وبعد معارك ضارية، وقع عدد كبير من المقاومين اللبنانيين (خصوصا من أعضاء تجمع اللجان والروابط الشعبية وجبهة التحرير الفلسطينية) بين براثن جيش الاحتلال الصهيوني الذي اقتادهم (وبعضهم كان ينزف دما) بطوافات عسكرية الى جهات مجهولة في الأرض الفلسطينية المحتلة. وإبان الغزو فُقد او اختطف مئات من اللبنانيين والفلسطينيين (من منازلهم غالبا)، ويرفض العدو دائما تقديم معلومات عن مصيرهم.
وهذا التصرف المشين يطرح سؤالا عن موقف القانون الدولي العام، المتمثل بالاتفاقيات الدولية، من ظاهرة الاخفاء او الاختفاء القسري التي تمارسها بعض الدول او المجموعات، ومنها اسرائيل.
نشير في البداية الى ان حادثة اختفاء الامام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا، في العام ,1978 أثارت آنذاك استنكار الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فأصدروا في 20/12/1978 قرارا ذكّروا في ديباجته بأحكام الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ولا سيما بالمواد المتعلقة بالحق في الحياة والحرية والسلامة البدنية، وحظر التعذيب، والمحاكمة العامة العادلة، وبأحكام الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، ولا سيما المواد التي تنص على حماية الحقوق. وأعرب الأعضاء عن قلقهم إزاء ظاهرة الاختفاء القسري او غير الارادي للأشخاص، التي تكون نتيجة أعمال غير مشروعة ترتكبها سلطات او هيئات عامة. وطالبوا الحكومات المعنية باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة وإنزال العقوبة بمن يقدم عليها.
إعلان حماية الأشخاص من الاختفاء القسري
عندما تفاقمت عمليات الخطف والاخفاء في العديد من الدول عمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 18/12/,1992 الى إصدار «إعلان حماية الأشخاص من حالات الاختفاء القسري.
ولعل السبب في إصدار هذا «الاعلان» يعود، في الربع الأخير من القرن الماضي، الى تكاثر حوادث اختفاء المواطنين وإخفاء جثثهم لطمس معالم الجريمة. فالحكومات الاستبدادية والمنظمات الارهابية التابعة لها كانت تقوم باختطاف شخص ما، فتغتاله او تزج به في سجن سري من دون ان يتمكن أحد من معرفة مصيره. وهذا ما كان يحدث في دول أميركا اللاتينية التي كانت تحظى برعاية الادارة الاميركية. وقدّرت فئة من المنظمات الدولية غير الحكومية ان العالم شهد، منذ العام ,1980 أكثر من خمسين ألف حالة إخفاء في تسعين دولة، منهم أربعون الفا ما زالوا مفقودين. والحقيقة انه يصعب الحصول على العدو الدقيق لحالات الاختفاء بسبب السرية التي يلجأ اليها المجرمون.
و«إعلان الحماية» الصادر في العام ,1992 مكوّن من ديباجية و21 مادة. وفي الديباجة نجد تعريفا واضحا للاخفاء القسري. انه «القبض على الأشخاص واحتجازهم او اختطافهم رغما عنهم، او حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر، على أيدي موظفين من مختلف اجهزة الحكومة، او أيدي مجموعات منظمة او أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة او بدعم منها، بصورة مباشرة او غير مباشرة، او برضاها، او بقبولها، يعقبها رفض الكشف عن مصير الاشخاص المعنيين، او عن أماكن وجودهم، او رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون.
واعتبرت المادة الأولى من (الاعلان) «كل عمل من أعمال الاخفاء القسري جريمة ضد الكرامة الانسانية، وانتهاكا صارخا وخطيرا لحقوق الانسان وحرياته الأساسية التي وردت في الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وأعادت تاكيدها وطورتها الصكوك الدولية الصادرة في هذا الشأن.
وأكدت المادة الثانية أنه لا يجوز لأية دولة ممارسة أعمال الاخفاء القسري، او السماح بها، او التغاضي عنها، وان على الدول العمل، على المستوى الوطني والاقليمي، وبالتعاون مع الأمم المتحدة، على استئصال هذه الظاهرة.
ونصت المادة 17 على اعتبار كل عمل من أعمال الاخفاء القسري جريمة مستمرة باستمرار مرتكبيها في التكتم على مصير ضحية الاخفاء ومكان اخفائه.
وهناك اليوم إجماع على اعتبار الاخفاء القسري جريمة من جرائم التعذيب للشخص المختفي ولأسرته. ولدى الباحثين اجتهاد قانوني دولي كثيف يعترف بطابع التعذيب للشخص وأسرته. وهذا الألم المفروض على ضحية الاخفاء وعلى عائلته معا اعترف به (الاعلان) الذي نص في الفقرة الثانية من المادة الاولى على «أن كل فعل يسفر عن اختفاء قسري يسبب آلاما مبرحة للضحية وأسرته.
وعندما ساور الجمعية العامة قلق بالغ إزاء تصاعد حالات الاختفاء القسري في مختلف مناطق العالم، سارعت الى اصدار قرار جديد، في 9/12/,1998 يحمل عنوان «مسألة حالات الاختفاء القسري او غير الطوعي»، ويؤكد المبادئ التي وردت في (الاعلان) المذكور للعام ,1992 ويحث الدول على التقيد بهذه المبادئ والتعاون مع الفريق التابع للجنة حقوق الانسان، والمعني بحالات الاختفاء.
وفي حزيران ,2004 تقدمت كتل حزبية عديدة في الجمعية البرلمانية في مجلس اوروبا باقتراح قرار يعرّف الاخفاء القسري بعناصر اساسية ثلاثة: حرمان من الحرية بأي شكل كان، ورفض الاقرار بهذا الحرمان والتكتم على مصير المختفي والمكان الموجود فيه، ومنع الشخص من التمتع بحماية القانون. وتضمن الاقتراح نقطتين مهمتين: إبداء الدعم للأمم المتحدة التي تعمل على إعداد اتفاقية دولية بشأن حماية جميع الأشخاص ضد حالات الاخفاء القسري. ثم الترحيب بما ورد في نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية من ناحية اعتبار الاخفاء القسري للأشخاص جريمة ضد الانسانية.
ومشروع الاتفاقية الدولية ضد الاخفاء القسري يؤكد، في مادته الثالثة، ان ممارسة هذا الاخفاء، بشكل منظم وكثيف، يشكل جريمة دولية ضد الانسانية، قابلة للملاحقة والتجريم امام المحاكم الدولية. ولا يجوز التذرع بأي أمر او تعليمات صادرة عن أية سلطة عامة، مدنية كانت ام عسكرية، لتبرير عمل من أعمال الاخفاء القسري. ويكون من حق كل شخص يتلقى مثل هذه الأوامر او التعليمات، ومن واجبه، عدم اطاعتها، لأن اطاعتها تجرمه. ولا يجوز التعلل بالظروف، مهما تكن، لاقتراف مثل هذه الجرائم، مثل التهديد باندلاع حرب، او قيامة حالة حرب، او عدم الاستقرار السياسي الداخلي، او أية حالة استثنائية أخرى.
وتجاوبا مع التحرك الدولي لوقف حالات الاخفاء القسري أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 20/12/,2006 اتفاقية دولية تخطت، من حيث القيمة القانونية الملزمة، (الاعلان) الذي لا يرقى الى مستوى الالتزام الدولي.
الاتفاقية الدولية للحماية من الاختفاء القسري
في نهاية العام ,2006 اقرت الجمعية العامة «الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري». ولكن الاتفاقية لم تدخل بعد حيز التطبيق. ففي شباط 2007 عرضت للتوقيع، فلم يوقعها، حتى نهاية العام، اكثر من 75 دولة، كان لبنان من بينها. ولم تقم اية دولة، بعد ذلك، بالتصديق عليها. والاتفاقية لا تدخل حيز التنفيذ الا بعد ثلاثين يوما من ايداع عشرين دولة تصديقاتها عليها لدى الامين العام للامم المتحدة. وباستثناء فرنسا التي جرى التوقيع على الاتفاقية في أراضيها، فإن اياً من الدول الكبرى، دائمة العضوية في مجلس الأمن، لم توقع بعد.
وتعرّف الاتفاقية الاختفاء القسري بأنه الاعتقال او الاحتجاز او الخطف، او اي شكل آخر من الحرمان من الحرية، من قبل عملاء الحكومة او اشخاص او مجموعات من الاشخاص يعملون ضمن تفويض او دعم او تغاضي الدولة، بحيث يتبع ذلك رفض الاعتراف بالحرمان من الحرية او اخفاء مصير او مكان الشخص المختفي، مما يضع مثل هذا الشخص خارج نطاق حماية الحقوق. وتعتبر الاتفاقية ان الاختفاء القسري يمكن ان يصبح من الجرائم ضد الإنسانية.
وعلى العكس من (الاعلان) فإن لجريمة الاختفاء القسري الان آلية محددة تتولاها لجنة مختصة لملاحقة قضايا هذا الاختفاء. وهذه اللجنة شبيهة باللجان الدولية لمكافحة التعذيب او الفصل العنصري، او غير ذلك من الجرائم الدولية.
وقبل إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة صدرت اتفاقية اقليمية بهذا الصدد، هي «الاتفاقية الاميركية بشأن الاختفاء القسري للاشخاص». وكان الدول اميركا اللاتينية التي عانت الكثير من آفات الاختفاء القسري الفضل الكبير في ابرام هذه الاتفاقية التي تتعهد الدول الاطراف فيها بعدم ممارسة او إباحة الاختفاء القسري حتى في حالات الطوارئ او إلغاء الضمانات الفردية، كما تتعهد بأن تعاقب، من خلال سلطاتها القضائية، الاشخاص وشركاءهم ومساعديهم الذين يرتكبون او يحاولون ارتكاب جريمة الاختفاء القسري، وبأن تتعاون مع بعضها البعض في منع وإزالة تلك الجريمة.
وفي العام ,1998 عقد اجتماع دبلوماسي في روما تمخض عن إعداد مشروع لانشاء محكمة جنائية دولية دائمة. واعتبر النظام الاساسي للمحكمة ان الاختفاء القسري يشكل جريمة دولية ضد الإنسانية. وفي 1/7/,2002 دخل هذا النظام حيز التطبيق بعد ان صدقت عليه ستون دولة.
وهل يمارس العدو الصهيوني عمليات اختفاء قسري؟
نجيب بالايجاب، فهناك حالات عديدة من الاختفاء قامت بها اسرائيل ضد مئات المقاومين العرب الذين اختفوا بعد مشاركتهم في عمليات عسكرية في الأراضي العربية المحتلة، فلم يظهر لهم اثر بعد ذلك، ولم ترد انباء عن امكنة وجودهم، ولم يتمكن حتى الصليب الأحمر، رغم الجهود التي بذلها، من معرفة مصيرهم. والجميع يتساءلون عما اذا كان هؤلاء ما زالوا احياء ام انهم قتلوا ودفنوا بشكل سري.
غير ان البعض يؤكد ان فئة منهم ما زالت قابعة في السجون الاسرائيلية السرية. ففي اسرائيل سجون سرية ومقابر سرية. واشهر السجون السرية السجن العسكري في صرفند. ويطلق على المقابر السرية اسم (مقابر الارقام) التي تضم رفات المقاومين العرب الذين توفوا في السجون الاسرائيلية، او استشهدوا في عمليات عسكرية ضد قوات العدو. وتعتبر هذه الحالات، بكل المقاييس المتداولة في القانون الدولي، حالات اخفاء قسري.
وفي اسرائيل اربعة (مقابر ارقام) على الاقل تقع في مناطق عسكرية لا يسمح بزيارتها او الاقتراب منها او تصويرها. وهذه المقابر تزدحم بمئات الاضرحة المحاطة بالحجارة من دون شواهد، والمثبت فوقها لوحات معدنية ارقاما تلاشى بعضها. ويشير كل رقم الى شهيد معين مسجل لدى سلطات العدو. واكبر هذه المقابر (مقبرة جسر بنات يعقوب) التي اكتشف أمرها في العام .1982
ورغم الجهود التي تبذلها اسرائيل لاخفاء كل معلومة عن هذا السجن، فإن بعض الصحف العبرية استطاع يوما إماطة اللثام عنه ووصفه بأنه (غوانتانامو اسرائيل).
والاختفاء الذي تمارسه اسرائيل في سجونها السرية يشمل التعذيب الوحشي والقمع الهمجي، والتعرض لكل اصناف امتهان الكرامة وسوء المعاملة والحرمان من ابسط الحقوق الانسانية التي تنص عليها المواثيق والاتفاقيات الدولية. وقد اتيح يوما لمحامية اسرائيلية تعنى بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين ان تؤكد ان من يدخل السجن السري يختفي الى غير رجعة. وعندما لجأت تلك المحامية الى القضاء الاسرائيلي للحصول على معلومات عن الفلسطينيين المفقودين والمطالبة بوجوب مثولهم امام المحاكم للتأكد من انهم لا يزالون على قيد الحياة، شعرت السلطات الاسرائيلية بالحرج، الا انها اعترفت بأن المفقودين معتقلون في مكان سري، ورفضت تقديم المزيد من التفاصيل.
والسؤال الذي يتبادر الى الذهن، بعد الاطلاع على سجل الجرائم الارهابية التي ترتكبها اسرائيل بحق المناضلين او الابرياء العرب، هو: ما موقف الانظمة العربية الحاكمة من هذه الجرائم الاسرائيلية المستمرة؟ ولماذا لا تتحرك للدفاع عن ابنائها المكدسين في سجون العدو، او على الاقل للحصول على معلومات واضحة عن المفقودين منهم؟ ان عدونا القومي يقيم الدنيا ويجند كل الوسائل ويخوض الحروب من اجل استعادة أسراه، او من اجل تبادل العديد من المعتقلين العرب بأشلاء قتلاه، فلماذا تلتزم الانظمة العربية الصمت إزاء جرائم القتل والتعذيب والاخفاء التي يقترفها هذا العدو بحق مواطنيها؟ أليس في السجون الاسرائيلية مواطنون عرب مضى على اعتقالهم اكثر من ثلاثين عاما؟ أليس من واجب المجتمع المدني او الجمعيات والمنظمات العربية التي تعنى بالدفاع عن حقوق الانسان ان تلجأ الى اساليب الضغط لتحريك الرأي العام العربي واجبار الحكام العرب على اتخاذ التدابير الملائمة لانقاذ آلاف العرب المعتقلين في سجون العدو؟.
___________________

إلى الأخ المجاهد الأستاذ عباس بدر الدين
أخي:
أنت صوت من جنوب الأرض من عزّي الكبير
أنت في كل بلادي صوت إحقاق المصير
أرض صور هي كالنجم علواً وبهاء..
والنبطية هي كالحق شموخاً وعطاء..
والجميع اليوم للعودة في انتظار..
في انتظار الصدق في وضح النهار..
يا ابن الحقيقة يا ابن أمل...
إنها تصرخ فينا لن يطول البعد..
ستعود الأُسدُ.... ستعود..
___________________________________
إليك حيث أنت محتجز... يا من عملت على تحطيم وإزالة كل الحواجز لأجل أن يكون العالم حراً طليقاً.. إليك أيها الثائر الطيب تحية المتأملين بعودتك... وسلام المشتاقين لطلعتك وبسمتك التي ملأت العالم محبة وأماناً..
وصيحات هي دعاء اليتامى والثكالى وأنين جرحى الاحتلال والمتألمين من التهجير.
في هذا الوقت يا إمامي.. يا هجمة الغيث في قلب الغمام.. أراك تشرق من بين أشعة الشمس كما تبزغ السنبلة من حفنة التراب.. يا نور الله في عتمة البصائر.. من تراك وقد ربطت حاضر الأجيال بماضيها ووصلتها بكل زمان يأتي.. معلماً أبناء هذه الأمة رفض تمزيق العائلة الإنسانية الواحدة.. داعياً إلى صيانة لبنان محذراً من تقسيم العالم فإذا بآلامنا في الأرض ترتفع إلى فوق عقد الآمال ومآسينا تتعلق بجبال من التآسي.
أنسنا بك ونعمنا زمناً ضاق به المتآمرون.. أزعجهم نسراً يحلق في سماء لبنان فيجمع أطراف من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه.. إذا هم مصلحاً يدعو إلى توحيد الكلمة ورص الصفوف ورفع المستضعفين لمواجهة العدو الأساسي.. ساءتهم رحمة أب للأيتام شردتهم الحرب التي تحرم الأرض حنانها... ومساكين فرزتهم الحياة الاجتماعية السائدة.. حاربوه لأنه شرع معركة للحرب في هذا الخضم الذي نعيش.. جنودها ملائكة تفيض بالعطاء والتضحية والإخلاص.. فبالمكر والخديعة سلبونا إياه... فكبر في النفوس والقلوب والعقول..
جريمته أنه حمل الأمانة وأقام العدل.. جريمته أنه حطم أصنام هذا الزمن ورفع اسم شيعته عالياً...
هكذا عرفوا الإمام الصدر فلم يقدروا على مواجهته... خافوه فأخفوه.. وظنوا أنهم حققوا هدفهم.. وهل أن الشعور بالحق برضى بالمهانة؟
لم ينته دور الإمام الصدر بإخفائه.. فإن الأيدي النجسة التي لا تخاف الله ما زالت مستمرة في حياكة المؤامرات من حرب تشنها على أمل ابنة الإمام الصدر، وقصف للمستشفى واعتداء على المدارس والمؤسسات.. لكن دفع هذه المؤامرات كان بقوة بأس، وشجاعة قلب، ومتانة إرادة وتبرز من خلال نصر الله لعباده، وتفوق تلاميذ الإمام الصدر حيث كانت مؤسساته الأولى في لبنان.
إمامي! هذي جراحنا بعد غياب سنتين تتكلم.. تترنح الكلمات وتتأوه حتى هي ترفض الانحناء والتنازل مهما تفاقم الجرح.. ومهما كان الزمن وهي تتحدى جبابرة العصر وعتاتها بإيمان من إيمانك وبصلابة من صلابتك...
ستسأم الأرض من الفتن وتصير القوى خائرة متفككة ولا ينتصر إلا من تسلح بإيمان يعمر القلوب ويزيح الجبال..
عد يا إمامي ومع عودتك يتنفس المظلومون الصعداء إذ يرون سيف الإيمان في رقبة الكفر ومدية الحق في ضمير الباطل..
يا قضية يجهل العالم قيمتها ربما أو يتغافل لم يعد ينفع الحوار والجدال..
القوة ستعيدك يا سيدي ولغة الدم هي التي تقضي على كبرياء المحتجزين.
آن الأوان إلى أن تزغرد البندقية وتحكم بالخلاص لينبلج فجر الأمل من جديد ولا يفرق أملي.
السبت 19 شوال 1400هـ/20 آب 1980
"جريدة أمل"
التنظيم النسائي
حركة أمل
ــــــــــــــــــــ
الى حاكم ليبيا
بقلم الشيخ عبد الأمير قبلان
السبت 19 شوال 1400 هـ الموافق 20 آب 1980
"جريدة أمل"
بعد مرور سنتين على احتجازك للإمام السيد موسى الصدر والسيد عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب أخاطبك من لبنان عبر إعلامه وصحفه، انتظرناك لتعود إلى ضميرك، وصبرنا عليك لعلك تهتدي إلى الصواب، وسمعنا نصيحة الأشقاء ومن يحركهم ضميرهم من أجل كرامة الإنسان، استمعنا لإرشاد بعض رفاقك بعدم توجيه التهمة إليك قالوا لنا: انتظروا إن الزمن كفيل بحل القضية، حذرونا من العنف حفاظاً على سلامة الرهائن لديك، تحركنا بالهدوء التام طلباً للسلامة، قدمنا لك الوسائط والشفعاء فلم نحصل على نتيجة، قمنا بإضرابات ومظاهرات واحتجاجات للعالم لعلك تفيق من تجاهلك، منعنا دخولك لبنان لعل ضميرك يتحرك ويؤنبك على فعلتك الشاذة على كل الأعراف الدينية والزمنية والقانونية فلم يفلح معك شيء حتى أصوات الأولاد الذين ينتظرون آباءهم بفارغ الصبر فاصطدمنا بإنسان لا صلة له بدين ولا بضمير ولا بأخلاق ماني أراك خارجاً على المدنية بكل ما تعنيه من قيم.
خدرنا شبابنا، أخمدنا أصواتهم، منعنا تحركهم، أطفأنا جذوة الحرارة في صدورهم لعلك تعي وتتعظ "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً"، ومن جعلك ولي أمرنا تتحدى رموزنا وكرامتنا.
وأخيراً تطالب المسيحيين أن يسلموا! وهل عاقل يصدق أو يسمع ما تقول وما علاقة إسلامك؟ إن الإسلام بريء منك والمسيحية المحبة غريبة عنك، فإن كنت من دعاة الإسلام فأطلق سراح المحجوزين في سجونك لأن الإسلام جعل الناس كل الناس أحراراً في معتقداتهم، وأظنك شملت الطائفة الإسلامية الشيعية في تصريحك وجعلتنا من الخوارج ولكن الصحيفة التي ذكرت التصريح وفرت عليك نقمة زائدة.
ولكن لا يعنيني من أمرك شيء، ولا من نفطك، ولا من مالك، ولكن الذي يعنيني قوله: أريد إخواني معك وهم بعهدتك، وكما قلت لك في دمشق: "العربي أخذ ثأره بعد أربعين سنة". ولا تقل: إن الإمام السيد موسى الصدر نسيناه بل أصبحنا جميعاً مليون ومائتي ألف نسمة في لبنان كلهم موسى الصدر.
فانتظر إن عقابنا سيكون صارماً وحاسماً. منا ومن الجنوبيين الذين يحترق جنوبهم بتآمرك عليه. والذين هم صامدون ضد أصحاب عملائك أمثال "بيلي كارتر" ولكل من ساهم ورضي وشارك بفعلتك النكراء. وإننا لن نسترد الحق بالمظاهرات والإضرابات ولكن بالقوة والعنف.
وإن ربك للظالمين بالمرصاد.
ــــــــــــــــــــــــ
ومحاولة الترابط بين نضالنا اليوم وبين نضال الإنسان في سابق الزمن ومحاولة الترابط بين دعوة الأنبياء منذ سابق الزمن وحتى خاتم الرسل.
هذا الأسلوب يستعمله الإسلام في كل الشعوب حتى عندما نصل إلى الإمام الحسين (ع) وجهاده واستشهاده نقف في زيارته عند كلمات "السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله..." وهكذا إبراهيم وإسماعيل وموسى وعيسى ومحمد نعتبر الحسين وارث كل هذا الخط النير الذي بدأ من الأساس، ونحن نعرف أن رسالة الله كانت من الأساس هذه المحاولة ضمن الأنبياء أو ضمن الكتب أو ضمن الأوصياء قائمة بشطر واحد والمقصود من هذه المحاولة جعل الإنسان ضمن خط مستمر حتى لا يشعر بالغربة حتى يشعر بالمواكبة الكونية وحتى يتأكد من سلامة الخط الذي هو يسير فيه، سببه الحقيقي أن الرسالات واحدة في الواقع، الله واحد الإنسان واحد، والعلاقات بين الإنسان وبين الموجودات، بين الإنسان وبين نفسه، بين الإنسان وبين بني الإنسان، بينه وبين الخالق، كلها في تنظيم إلهي واحد سمي بالإسلام.
والتفاوت بالمراحل هو بسبب التدرج وارتفاع مستوى الوعي الإنساني عبر التاريخ.
إذن، جميع الأنبياء رسل رب واحد، إلى إنسان واحد، في دعوة إلى رسالة واحدة، هي رسالة الله، رسالة التسليم إلى الله عقلاً وقلباً وجسداً. بهذا المفهوم ننظر إلى إسلامنا. المؤمنون يمثلون الجانب الإنساني من الرسالة مقابل الجانب الإلهي منها. وبينما يكمن الجانب الإلهي في الدعوات الواحدة، فإن الجانب الإنساني هو في التحركات الواحدة من الأزل إلى الأبد وفي جميع أقطار الأرض، هذا المفهوم هو أحد الأسس المعتمدة في الإسلام، ونتيجة هذا الأمر وجب الانفتاح على الأديان الأخرى، احترام الأديان الأخرى، عدم التعقيد والتناقض والفصل النهائي مع الأديان الأخرى، وهذا الأمر مفيد وواضح في القرآن الكريم ومن نتائجه الاعتماد على المبادىء المكرسة سابقاً، فالقرآن الكريم في أكثر من مكان يذكر أحكاماً وردت في كتب سماوية سابقة فيؤكدها "وكتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادنا الصالحون" في آيات أخرى وردت المجازاة كانت واردة في التوراة.
إذن هي سلسلة واحدة من الأمة، أمة الله، أمة التسليم إلى الله، ولها جميع أنبياء الله، خطهم خط واحد فما تقرر في الأمة السابقة قائم في هذه الأمة إلا إذا نسخ، أي تحول، بشكل أو بآخر.
وأحد الأصول الأساسية في الإسلام هو إذن الإيمان بكتب الله ورسله: وحدة الدين، تطوره، صدق الأنبياء، تبشير الأنبياء بعضهم ببعض، وقد بشر أنبياؤنا السابقون – كما يصرح القرآن – بمحمد بن عبد الله (ص) في كتبهم والآن أيضاً في ما تبقى من الإنجيل والتوراة المتوفر بأيدينا نجد بشارات بمجيء الرسول محمد بن عبد الله (ص). من جملة ما ورد في الإنجيل كلمة (باراكليت) وما ترجم به روح القدس، ولكن في النسخة الأصلية الكلمة هي "بيركيليت" ومعناها: أحمد. ويذكر الإنجيل أوصافاً تنطبق على رسول الله (ص) تماماً يقول بأن إذا كان لأحد بستان فأعطاه لأناس استأجروه وضمنوه ثم امتنعوا عن دفع الثمن، فبعث مندوباً لاستلام الإيجار فأهانوه، بعث الثاني فضربوه، أرسل ابنه فقتلوه، ماذا يفعل معهم؟ فيجيب المعترضون بأنه يجب أن يأخذ البستان منهم ويؤدبهم ويعطيه لغيرهم، فيقول: رسالة الله سلمت لكم فكفرتم، وخرجتم، وعذبتم وقتلتم أنبياء الله فسوف يأخذ الله هذه الرسالة منكم ليعطيها لأمة أخرى ثم يشرح من هي الأمة التي ستستلم رسالة الله وملكوته، فيقول المسيح (ع) هل سمعتم المثل المعروف أن الحجارة التي يطرحها البناؤون يستعملها أناس آخرون أحجاراً لزاوية أو أساس. وهكذا يفهمهم المسيح (ع) "بأن أمتكم – يا أمة إسرائيل – التي نزلت عليها رسالة الله لفترة طويلة من الزمن فكفرت سيأخذ ربنا ملكوت السماء ورسالة الأنبياء منكم ويعطيها لأمة، محتقرة أهملها الناس..." طبعاً في هذه المنطقة كان العرب تنطبق عليهم هذه الصفة، وهكذا يبشر الإنجيل بإعطاء الرسالة للعرب، وكذلك هناك أوصاف أخرى يجدها الباحث في كتب اهتمت بما ورد في الكتب المقدسة: الإنجيل والتوراة... من بشارات بمجيء رسول الإسلام (ص).
والنبي هو الذي يحمل رسالة من الله، لا ينطق عن الهوى، لا يقول شيئاً للناس من نفسه ومن مدركاته، هو ينقل ما يوحى إليه، وهناك بحوث في منتهى الدقة حول الفرق بين الأنبياء وبين القادة المصلحين الذين ظهروا للإنسانية منذ كانت.
النبي عليه أن ينقل ما يوحى إليه بحرفيته دون أي تحريف أو انحراف وإلا يتعرض للانتقام الإلهي، والقرآن الكريم ينقل هذا المبدأ في الآية: "ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ولقطعنا منه الوتين".
النبي إذن يقول ما أوحي إليه من ربه، بينما المصلح ينطق بما يدركه هو نفسه.
محمد (ص) كان أمياً وأوحي إليه بأمور لم يكن يعرفها هو أو قومه من قبل وهذا يستتبع نتائج هامة تبين لنا الحاجة إلى دين الله.
فالقوانين التي توضع، والمعروف أن القانون يسن من قبل الحاكم، هي من إنتاج الإنسان وبالتالي فهي تخضع للمصلحة، وفي كثير من المجتمعات تخضع لمصلحة الأقلية، عندنا في لبنان مثلاً القوانين كالثياب تفصل من أجل أشخاص معينين "ليلبسوها".
وسواء كان القانون من الأكثرية ضد الأقلية أو لمصلحة الأقلية ضد الأكثرية فلا يمكن إلا أن ترتبط بالمصلحة وبالتالي تكون ناقصة لا تملك حق التعميم إذا ملكت حق الحياة المؤقتة. وأي قانون وضعي في العالم يتأثر بتاريخ أو بجغرافية ولا يمكن أن نعتبره مجرداً عن الانتماءات والخلفيات والانطباعات والتأثرات الأرضية.
عدا قانون السماء، فهذا لا يخضع لمصلحة أو لتأثيرات أرضية، وهذا هو السبب للدعوة، لذلك فالإنسان بحاجة إلى قانون السماء ليكون حكماً بين البشر بعضهم مع بعض وإلا كيف يمكن للإنسان أن يتفق مع أخيه وكل ينظر من زاويته الخاصة.
أي صلة بين الإنسان والإنسان الآخر إذا لم تعتمد على أمر نسميه "القيم" لا يمكن أن تصلح كعلامة سليمة وإلا فكل الوحدات في العالم تتحول إلى شركات تقرر مصيرها المصالح الخاصة التي لا يلجمها شيء. والأمر هذا فالإنسانية لا يمكن لها أن تستغني عنقوانين السماء أي "المطلقات"، القيم في الأخلاق، والمطلقات في القانون حتى يتمكن المجتمع البشري أن يعيش حياة التعاون.
والقانون بالشكل السماوي بدون التفاصيل لا يمكن أن يطبق، إذن كانت هناك الحاجة إلى الاجتهاد وبالتالي يصبح نوعاً من التدخل الذاتي، تدخل الذات بقانون السماء. ولكن الأرضية سماوية، أساس القانون عموده، ركنه سماوي وهنا حاجة الإنسان إلى الأنبياء بالإضافة إلى المرحلة الأساسية، لو لم يأت قانون السماء فالإنسان، خلال آلاف السنوات، سيحتاج إلى أن يتخبط في الظلام يفتش عن التجارب حتى يصل إلى قانون مع ما سيكتنف هذا القانون من ضعف ونقص نظراً لارتباطه بظروف وأفراد معينين...
ــــــــــــــ
الإصدار الجديد لـ"الحقيقة لن تغيب"
صدر عن مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات في بيروت – لبنان الطبعة الجديدة من "الحقيقة لن تغيب" وفي البداية عرض لحياة وسيرة الإمام الصدر ثقافياً وسياسياً وتربوياً واجتماعياً كما تتناول المراحل القضائية التي مرت بها حادثة الاخفاء (الاعتقال) ابتداءً من السفر إلى ليبيا في 25 آب 1978 وما تعرض له الإمام وصحبه من تعتيم وانقطاع في الاتصالات مع الوطن لبنان وأي مكان آخر، ونقصد ههنا عائلة الإمام المقيمة في فرنسا، وقد تم إرسال البعثة اللبنانية الأمنية بعد الحادثة برئاسة اللواء نبيه فرحات وإنما عادت أدراجها خائبة إلى لبنان بعد منعها من القيام بالتحقيقات اللازمة، لمنع هذه اللجنة من العثور على أي دليل يؤكد صحة أن الإمام وصحبه لم يغادروا الأراضي الليبية، وفيه عرض لمواقف الدولة اللبنانية والمجلس الشيعي الأعلى وآخر التطورات القضائية.فتطرقت إلى التحقيق القضائي الإيطالي وردود الفعل الليبية بالمقابل مع ما تخللها من تصريح موثق للعقيد القذافي يعلن فيه أن الإمام وصحبه لم يغادروا الأراضي الليبية. ونذكر أن الإجراءات القانونية المتبعة في قضية إخفاء الإمام الصدر قد وضع في دربها عقبات مفتعلة مترافقة مع تهديدات الأمر الذي أدى إلى انسحاب القضاة من تداولهم هذا الملف نتيجة التهديدات المباشرة التي تعرضوا لها. كما تناولت نتائج التحقيقات المقامة ضد العقيد معمر القذافي التي نتج عنها اتهامه مباشرة وكل من يثبته التحقيق مساهماً أو مشاركاً أو محرضاً.
وتتساءل "وكالة أخبار لبنان" وعائلة الزميل الأستاذ السيد عباس بدر الدين وبهذه المناسبة عن مكان وجود جواز سفر السيد عباس بدر الدين بعد أن سلمه القائم بالأعمال في السفارة اللبنانية في ليبيا الأستاذ نزار فرحات في فندق الشاطىء للنائب بشارة مرهج. حدث ذلك بعد مغادرة الإمام وصحبه الفندق بفترة قصيرة من الوقت. مع الإشارة أن الزميل عباس بدر الدين كان قد وعد أهله في لبنان أنه لن يغيب أكثر من 4 أيام ليعود ويمضي عيد الفطر المبارك في شهر آب تماماً كالشهر الفضيل الذي نمر فيه هذه السنة.
ملاحظة: النصوص الواردة أدناه مصدرها وسائل الإعلام والصحف اليومية، ولا تعبر بالضرورة عن رأي مركز الإمام الصدر ولا تشكل أية قرينة قانونية بالنسبة للموقف القانوني لعائلة الإمام الصدر أو الدعاوى القائمة أو التي قد تقام مستقبلاً في قضية إخفاء الإمام وأخويه.
وفيما يلي تنشر "وكالة أخبار لبنان" مضمون "الحقيقة لن تغيب" في عدده الجديد والأخير وجاء كما يلي:
الحقيقـة لـن تغـيب
(طبعة 2009) آب / 2009
إخفاء الإمام السيد موسى الصدر وأخويه
الأستاذ السيد عباس بدر الدين
وفضيلة الشيخ محمد يعقوب
أثناء زيارة رسمية في ليبيا
في رمضان المبارك 1398هـ / آب 1978 م.
- - - - - -
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى السنة 2000
الطبعة الثانية السنة 2000
الطبعة الثالثة السنة 2001
الطبعة الرابعة السنة 2002
الطبعة الخامسة السنة 2003
الطبعة السادسة السنة 2005
الطبعة السابعة السنة 2009
الناشر: مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات
بيروت، طريق المطار، مفرق الأوزاعي، قرب نادي الصداقة
مجمع الإمام السيد موسى الصدر الثقافي الاجتماعي، ط1.
هاتف: 454521 1 961+ فاكس: 454512 1 961+
This e-mail address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it
www.imamsadr.net
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿واذ يمكر بك الذين كفروا ... ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين﴾
[الانفال،30]
صدق الله العظيم
لكلمته الصولة
قديمًا قيل: للباطل جولة وللحق صولة، وما كان للباطل أن تقر جولاته، وليس أمام الحق إلا أن يصمد ليحقق صولاته، وهذا شأن قضايا الحرية مع أعدائها على مدى التاريخ، فلا هم أدركوا أن الحرية ليست أشخاصًا وأفرادًا تنتهي بإبعادهم عن الساح، ولا هي تملك ألا تكون، لأنها ليست هي صانعة نفسها. وإن كانت الأجرام نتيجة تفجرات كونية انبثقت عنها كواكب، أخذ كل كوكب دوره في حركة الكون، فقضايا الحرية تفجرات طموح الإنسان ليحقق ذاته في مدى التطلع.
أعداء الحرية يجولون، يغيِّبون، يغتالون، يحجزون، يخطفون، يرهبون، يعرقلون، يؤخرون، يعطلون، ثم ماذا؟ هل توقف قضية عادلة عن التحقق، وإن طال المدى؟ وقديمًا قيل: لا بد من صنعا وإن طال السفر.
ربما كان الظن أن القضايا التي طرحها هي قضاياه الشخصية فغيّبوه، ولكن بعضًا من القضايا تحقق، وبعضًا ما زال بين الجولة والصولة، وليس هذا فحسب، فحيث تدجنت قيادات، تصدت الحجارة للقيادة، وإذ صار هو إحدى قضايا الحرية، فكلمته سيكون لها الصولة.
ولا بد من صنعا وإن طال السفر. (انتهى)
ــــــــــــــــــــ
مدخل
واحد وثلاثون عامًا انقضت وعائلات الإمام الصدر وأخويه، وأبناء وطنه ما زالوا ينتظرون عودتهم من ليبيا.
واحد وثلاثون عامًا انقضت على غياب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى السيد موسى الصدر عن وطنه وأهله منذ زيارته وأخويه الصحافي الأستاذ السيد عباس بدر الدين وفضيلة الشيخ محمد يعقوب إلى ليبيا بدعوة رسمية من سلطاتها في 25 آب 1978م. ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم والقرائن تؤكد أن إخفاء الإمام وأخويه حصل في ليبيا، وأن السلطات الليبية ـ والقذافي تحديدًا ـ هي المسؤولة. هذه بالتحديد كانت النتيجة التي خلصت اليها أجهزة الأمن والقضاء الايطالية، كما أجهزة الأمن اللبنانية، التي كذّبت بعد تحقيقات مطولة ولأكثر من مرة الادعاء الليبي الرسمي بأن الإمام وأخويه تركوا ليبيا متجهين إلى ايطاليا. (انتهى)
ـــــــــــــــــــــــــ
الإمام موسى الصدر
مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات
بيروت 31 آب 2009م
ولد الإمام الصدر في الرابع من حزيران 1928م في قم المقدسة لعائلة من أصل لبناني(1). تابع تحصيله العلمي في مدارس ايران وجامعاتها وتخرج مجازًا في الاقتصاد السياسي من جامعة طهران في الوقت الذي كان يتابع فيه دراسة دينية في حوزاتها العلمية. أسس مجلة شهرية «مكتب اسلام»، ما زالت تصدر حتى الآن، وتولى رئاسة تحريرها ونشر فيها العديد من الأبحاث(2). كما أنشأ مع آخرين مؤسسات تعليمية ما قبل جامعية، أدارها ودرّس فيها.
انتقل إلى العراق لمزيد من التحصيل العلمي باحثًا ومحاضرًا في جامعاتها ومنتدياتها الثقافية وحط به الرحال في لبنان سنة 1959م كمرشد لإحدى مدن الساحل اللبناني صور.
في صور ـ لبنان لم يقتصر عمل الإمام الصدر على الرعاية الدينية بل تجاوزها ليشمل الخدمة العامة ببعدها التنموي المعاصر، وذلك ايمانًا منه بأهمية الإنسان، حريته وكرامته وبتنمية أبعاد شخصيته ليتكامل ويرتقي.
عمل على إنشاء مؤسسات عامة تعنى بالشؤون التربوية، المهنية، الصحية والاجتماعية. فكان من القلة السبّاقين للعمل على مستوى لبنان كله بمدنه وقراه زائرًا مناطق الحرمان، معايشًا إنسانها وهمومه، مُنشأً علاقات مع تجمعاته، محاضرًا في الكنائس والجوامع والجامعات والأندية، داعيًا إلى نبذ الطائفية والعنصرية (الأديان واحدة في البدء والهدف والمصير)(3) ومكافحة الآفات الاجتماعية واحترام الإنسان وحرياته (الحرية أم الطاقات) وتنمية مواهبه وكفاءاته، مُحثًا على التفاعل بين الجماعات والثقافات والحضارات، مما أكسب سعيه وحركته شعبية تجاوزت نطاق طائفته وشملت رموزًا وشخصيات سياسية وفكرية ودينية متعددة الانتماءات والولاءات. واعتبر برأي الكثيرين رمزًا من رموز الوحدة الوطنية، ومن السبّاقين في إطلاق موضوع الحوار الاسلامي ـ المسيحي والعاملين على تهيئة الظروف المناسبة لإنجاحه.
شارك الامام الصدر في «الحركة الاجتماعية» مع المطران غريغوار حداد في عشرات المشاريع الاجتماعية. وساهم في العديد من الجمعيات الخيرية والثقافية. أعاد تنظيم «جمعية البر والاحسان» في صور وتولى نظارتها العامة، وجمع لها تبرعات ومساعدات أنشأ بها مؤسسة اجتماعية لإيواء وتعليم الأيتام وذوي الحالات الاجتماعية الصعبة، ثم أنشأ مدرسة فنية عالية باسم «مدرسة جبل عامل المهنية»، وأنشأ مدرسة فنية عالية للتمريض وكذلك مدرسة داخلية خاصة للبنات باسم «بيت الفتاة». كما أنشأ في صور «معهد الدراسات الاسلامية»، وعمل على تأسيس جمعية «كشافة الرسالة الاسلامية».
عمل جاهدًا على وقف الحرب الأهلية في لبنان (فالسلاح لا يبني الأوطان ولا الانسان) بمبادراته ومواقفه ونداءاته الرائدة والتي توّجها باعتصام استمر لأيام خمسة احتجاجًا على استمرار الحرب. ووقف بشدة في وجه استغلال السياسيين للدين وضد فرض الاصلاحات الاجتماعية والسياسية بواسطة السلاح، فهذه لا يمكن تحقيقها إلا بالحوار والتعقل. أكد أن لبنان ضرورة حضارية للعالم وأن التعايش اللبناني هو ميزة لبنان ورسالته (ثروة يجب التمسك بها) وأساس للتواصل الحضاري بين شعوب المنطقة.
سافر الإمام الصدر إلى بلدان عدة عربية وافريقية وأوروبية(4)، وشارك في مؤتمرات عديدة في العالم العربي كما في أوروبا (جامعة ستراسبورغ في فرنسا 1968م; مؤتمر السلام في باريس 1974م). اتصل والتقى بشخصيات عالمية (حضر حفل تتويج البابا 1963م ـ ليبولد سنغور ـ اللورد كارادون، جاك شيراك، عبد الناصر وغيرهم)، كما كتب في كثير من الصحف العربية والايرانية والاوروبية(5). وصل الامام واخويه إلى طرابلس الغرب (ليبيا)، بدعوة رسمية من سلطاتها، في 25 آب 1978م واخفوه فيها. الامام السيد موسى الصدر متزوج منذ سنة 1955م وله أربعة أولاد.
تجاه اشتداد المحنة اللبنانية، وتعاظم الأخطار التي تهدد جنوبي لبنان بفعل العدو الإسرائيلي وممارساته اثر الاجتياح في 14/3/1978م والتي حالت دون تمكين الدولة اللبنانية من إخضاع هذه المنطقة لسلطتها لرفض إسرائيل الانسحاب من المنطقة الحدودية وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 425 وذلك من أجل خلق وضع يخدم مخططاتها.
وجد سماحة الإمام السيد موسى الصدر، قيامًا منه بمهام مسؤولياته، أن الواجب يدعوه لعرض تطورات الوضع العام في لبنان وحقيقة المخاطر التي تهدد جنوبه، على رؤساء الدول العربية ذات الاهتمام والتأثير المباشر في معالجة هذه الأوضاع.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) حول سيرة الإمام الصدر انظر: الإمام السيد موسى الصدر: محطات تاريخية، ط2، إعداد حسين شرف الدين، مركز الامام الصدر للأبحاث
والدراسات، بيروت، 2002.
(2) انظر: ابحاث في الاقتصاد، ط2، مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات، بيروت، 2007.
(3) انظر: أبجدية الحوار، ط2، مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات، بيروت، 2007 ص 165.
(4) انظر: حوارات صحفية: تأسيساً لمجتمع مقاوم، ط2، مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات، بيروت، 2007، ج1.
(5) منها Le Croix، Le monde.
أسباب وظروف زيارة سماحة الإمام إلى ليبيا
وفي هذا الإطار، قام سماحة الإمام بجولة شملت كلاً من الجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، داعيًا لعقد مؤتمر قمة عربي محدود سعيًا لإنهاء محنة لبنان وإنقاذ جنوبه، وهو ما أعلنه الإمام الصدر بنفسه في حديثه لصحيفة «أخبار الخليج» البحرينية والذي نقلت خلاصته صحيفة «النهار» في 24/7/1978م.
في الجزائر، أجرى سماحته محادثات مع سيادة الرئيس هواري بومدين ومع السيد محمد صلاح يحياوي ومع مسؤولين آخرين في جبهة التحرير الوطني الجزائرية. وفي إحدى جلسات هذه المحادثات، أُشير على سماحته بزيارة الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية لما لقادتها من تأثير على مجريات الوضع العسكري والسياسي على الساحة اللبنانية إكمالاً لجولته وخدمة لأهدافها القومية والوطنية. وأبدى سماحته أن زيارته الوحيدة لليبيا تمت عام 1975م، وذلك للمشاركة بمؤتمر إسلامي عام وأنه سيلبي دعوة توجه إليه من سلطاتها للقيام بهذه الزيارة والاجتماع برئيسها وقادتها.
بتاريخ 28/7/1978م استقبل سماحته في مكتبه القائم بأعمال السفارة الليبية في لبنان الذي أبلغه دعوة من مؤتمر الشعب العام في الجماهيرية العربية الليبية، لزيارة الجماهيرية والاجتماع بسيادة الأمين العام للمؤتمر، العقيد معمر القذافي متمنيًا بدء الزيارة في 19 أو 21 آب 1978م. قَبِل سماحة الإمام هذه الدعوة، وتريث في تحديد موعد بدء الزيارة.
بتاريخ 20/8/1978م أبلغ سماحته القائم بالأعمال الليبي رغبته في أن تبدأ الزيارة بتاريخ 25/8/1978م واضطراره إلى أن يغادر الجماهيرية قبل 1/9/1978م من أجل الاهتمام بزوجته المريضة التي تُعالج في فرنسا والعودة إلى لبنان لمتابعة شؤون ملحة. كما أبلغه أسماء أعضاء الوفد المرافق لسماحته.
قدمت سفارة الجماهيرية العربية الليبية في لبنان لسماحته، تذاكر سفره مع عضوي الوفد المرافقين الأستاذ السيد عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب. وقد تم حجز مقاعد لحساب السفارة بالدرجة الأولى في الطائرة بموجب كتابها إلى شركة طيران الشرق الأوسط رقم 4/3/430 تاريخ 24/8/1978م.
يوم الجمعة بتاريخ 22 رمضان 1398هـ الموافق 25 آب 1978م، سافر سماحة الإمام السيد موسى الصدر يرافقه الصحفي الأستاذ عباس بدر الدين (صاحب وكالة أخبار لبنان) وفضيلة الشيخ محمد يعقوب إلى الجماهيرية الليبية، وكان في عداد مودعيه في مطار بيروت القائم بالأعمال الليبي السيد محمود بن كورة. ولدى وصوله مطار طرابلس الغرب استقبله عن السلطات الليبية رئيس مكتب الاتصال الخارجي في مؤتمر الشعب العام السيد أحمد شحاتة.
أقام سماحة الإمام الصدر وأخواه في فندق الشاطئ بطرابلس الغرب، ضيوفًا على سلطات الجماهيرية الليبية.
أغفلت وسائل إعلام الجماهيرية الليبية أية إشارة إلى قدوم زائرها الرسمي سماحة الإمام الصدر، كما أغفلت أي خبر عنه خلال إقامته بضيافتها، لدرجة أن القائم بالأعمال اللبناني في طرابلس الغرب الأستاذ نزار فرحات لم يعلم بوجوده في هذه المدينة إلا عندما اتصل به الأستاذ عباس بدر الدين بتاريخ 28 آب 1978م، وذلك وفقًا لمضمون تقرير القائم بالأعمال الرسمي المحفوظ في وزارة الخارجية اللبنانية.
انقطاع أخبار الإمام وبدء التحرك الرسمي
ومنذ وصول سماحة الإمام الصدر إلى ليبيا، وطيلة الأيام اللاحقة، لم يرد منه أي اتصال هاتفي أو رسالة أو خبر لأي كان في لبنان(1)، وذلك خلاف عادته في أسفاره. وكذلك حال أخويه، علمًا بأن أحدهما وهو الأستاذ بدر الدين صَحب الإمام الصدر في هذه الزيارة من أجل تغطية أخبارها في وكالته، وهذا الأمر لم يتحقق.
بعد أن تأخرت عودة الإمام الصدر وأخويه من ليبيا، واستمر الاتصال بهم منقطعًا، طلب المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من القائم بالأعمال الليبي في لبنان بتاريخ 4 شوال 1398هـ الموافق 6 أيلول 1978م معلومات في الموضوع، فماطل في إجابة الطلب أربعة أيام عرض بعدها المجلس الموضوع على رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص الذي استدعى على الفور القائم بالأعمال الليبي بتاريخ 10 أيلول 1978م وأكد له الطلب رسميًا وبصورة مستعجلة. فأجابه ظهر اليوم التالي «أن الإمام الصدر ومرافقيه غادروا ليبيا مساء يوم 28 رمضان 1398هـ الموافق 31 آب 1978م إلى روما على متن طائرة الخطوط الجوية الإيطالية (الرحلة رقم 881)».
نظرًا لما أثاره هذا الجواب من قلق، حاول رئيس الجمهورية اللبنانية الأستاذ الياس سركيس بتاريخ 12 أيلول 1978م الاتصال هاتفيًا بالقذافي، لاستيضاحه في الموضوع وإبلاغه أن ضيوفه لم يصلوا إلى وطنهم ولم يظهروا خارج ليبيا، إلا أن هذه المحاولة لم تنجح بالرغم من تكرارها مرارًا في اليوم ذاته، فالمتكلم الليبي على خط الهاتف المطلوب في طرابلس الغرب كان يجيب أن القذافي غير موجود على هذا الخط وكان يعطي رقمًا آخر وكان هذا الرقم يطلب دون جدوى...
ــــــــــــــــــــــ
(1) الاتصال الوحيد مع الخارج كان عبر رسالة خطية بعث بها الإمام إلى عائلته في فرنسا مع صديقه اللبناني نزار علي يعلمهم بموعد قدومه إلى فرنسا
في الثاني أو الثالث من أيلول.
أما رئيس الحكومة اللبنانية فقد تمكن من الاتصال هاتفيًا في اليوم ذاته برئيس الحكومة الليبية الرائد عبد السلام جلود الذي استمهل في بادئ الأمر للإجابة، ثم أجاب في مخابرة لاحقة مكررًا الجواب الذي
قدّمه القائم بالأعمال الليبي، ومضيفًا «إن الإمام لم يكن راضيًا وغادر ليبيا دون إعلام الجهات الرسمية بموعد سفره ليجري وداعه رسميًا. وأن أحد الموظفين السيد أحمد الحطاب شاهد سماحة الإمام صدفة أثناء وجوده في مطار طرابلس الغرب فودّعه».
لدى استقصاء أخبار سماحة الإمام، بسؤال العائدين من ليبيا(1) بعد حضورهم احتفال «الفاتح من سبتمبر»، تبين:
* أنه كان في استقبال سماحته عند وصوله إلى مطار طرابلس الغرب السيد أحمد شحاتة رئيس مكتب الاتصال الخارجي في الأمانة العامة لمؤتمر الشعب العام.
* أن سماحته مع مرافقيه حلّوا ضيوفًا على الأمانة العامة لمؤتمر الشعب العام ونزلوا في فندق الشاطئ بطرابلس الغرب.
* أن السيد أحمد شحاتة أجرى مباحثات مع سماحته بتاريخ 26 و27 آب 1978م، وفي إحدى جلسات هذه المباحثات أجرى التلفزيون الليبي تصويرًا وسجل حديثًا لسماحته، لكن هذا التسجيل لم يبث.
* أنه سُجل حديث طويل لسماحته عن الشؤون اللبنانية والعربية الراهنة، من أجل بثه في إذاعة الوطن العربي في الجماهيرية، إلا أن إذاعة هذا الحديث مُنعت.
* أنه منذ وصول سماحته إلى طرابلس الغرب بتاريخ 25/8/1978م كان ينتظر إبلاغه موعد اجتماعه بالقذافي، وكان قد أبلغ عن اضطراره للسفر إلى باريس قبل 1/9/1978م.
* إن مرافقي سماحة الإمام كانا ينويان السفر إلى باريس. ولذا طلب أحدهما السيد عباس بدر الدين من القائم بالأعمال اللبناني في ليبيا بتاريخ 29/8/1978م تأمين تأشيرة له لدخول فرنسا. أما سماحته والشيخ محمد يعقوب فكانا حائزين تأشيرتين صالحتين من السفارة الفرنسية في بيروت.
* ان سماحته ومرافقيه شوهدوا معًا يخرجون من فندق الشاطئ حوالي الساعة الواحدة من بعد ظهر يوم 31/8/1978م ليستقلوا السيارات الموضوعة بتصرفهم، من أجل الانتقال للاجتماع بالقذافي الذي أكد فيما بعد أنه كان حدد موعدًا لهذا الاجتماع في الساعة الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم نفسه، وأن الاجتماع لم يتم وأن سيادته أُبلغ أن سماحته سافر.
إنتشر خبر اختفاء الإمام الصدر وأبرزته الصحف اللبنانية في صفحاتها الأولى بتاريخ 12 أيلول 1978م، وتناقلته الإذاعات ووسائل الإعلام العالمية، ولوحظ أنه في هذا التاريخ أوردت إحدى الصحف اللبنانية الوثيقة الصلة بالسلطات الليبية الخبر تحت عنوان «هل لأحداث إيران علاقة بهذا اللغز؟» وأدرجت هذه الصحيفة في متن الخبر أسبابًا تعلل بها التوجه نحو إمكانية علاقة القضية بأحداث إيران. كما لوحظ أن وكالة الأنباء الكويتية أوردت في نشرتها بالتاريخ ذاته أن الإمام الصدر موجود منذ بضعة أيام في إيران، ونسبت هذا الخبر إلى مصادر رسمية ليبية، وتبين أن مصدر هذا الخبر هو مدير مكتب وكالة الجماهيرية الليبية للأنباء في بيروت.
ملاحظات حول البيان الليبي الرسمي
تفاعلت القضية على الصعيد الشعبي في لبنان، وعلى الأصعدة الرسمية محليًا وفي الخارج، لبنانيًا وعربيًا وإسلاميًا، طوال الأيام اللاحقة، وتعددت الاتصالات من مراجع عدة بالقذافي، وبقيت السلطات الليبية ساكتة لا تولي القضية أي اهتمام، إلى أن اضطرت تحت ضغط المراجعات والرأي العام العالمي وبعد تحرك بعثة التحقيق اللبنانية وأجهزة التحقيق الإيطالية إلى إصدار بيان رسمي نشر بتاريخ 18 أيلول 1978م، تزعم فيه «أن الجماهيرية تولي الأمر اهتمامًا كبيرًا» و «أن الجماهيرية تلقي بكامل ثقلها مع القوى الإسلامية والتقدمية لمعرفة مصير الإمام موسى الصدر وإنقاذ حياته وحياة رفيقيه» (هذه الأقوال والتعهدات بقيت كلامًا دون أي تنفيذ).
وهذا البيان الليبي الرسمي، الذي أكد مجددًا أن الإمام الصدر وأخويه غادروا طرابلس الغرب في الساعة الثامنة والربع مساء 31 آب 1978م متجهين إلى روما بطائرة «أليطاليا» (الرحلة 881)، تضمن مغالطات عدة، منها:
1 - القول إن الإمام الصدر «زار الجماهيرية مرات عدة من قبل»: هذا الكلام غير صحيح لأن الإمام الصدر لم يزر ليبيا من قبل سوى مرة واحدة في أواخر شهر آب 1975م للمشاركة في مؤتمر فكري إسلامي.
2 - القول في مطلع البيان الرسمي إن الإمام الصدر «تربطه بالجماهيرية علاقات متينة مبعثها التقدير والاحترام»، وتكراره في ختام البيان بالقول «تؤكد أمانة الخارجية أن الإمام الصدر تربطه بالجماهيرية علاقات أخوية متينة وتكن له كل احترام وتقدير».
هذا القول عن العلاقات لا أساس له من الصحة، لأنه لم تقم بين الإمام وبين الجماهيرية الليبية أية علاقة، من أي نوع كانت.
أما القول عن التقدير والاحترام، فتدحضه ممارسة عبد السلام جلود الذي أقام في لبنان أكثر من /45/ يومًا خلال شهري حزيران وتموز 1976م، في ظروف القتال، عقد أثناءها اجتماعات ولقاءات مع مختلف القادة والزعماء ورؤساء الفعاليات والأحزاب والتنظيمات
ــــــــــــــــــــــ
(1) منهم السادة بشارة مرهج، اسعد المقدم، طلال سلمان، منح الصلح، محمد قباني، بلال الحسن، محمد سلمان إضافة إلى نزار فرحات القائم بالأعمال
اللبناني في ليبيا.
في لبنان، واستمع إلى وجهات نظر الجميع، من مختلف الفرقاء، دون أن يجتمع مع الإمام الصدر. وعندما التقيا صدفة في دمشق بتاريخ 12/7/1976م، وعد جلود الإمام بالاجتماع به في بيروت عند عودتهما إليها، وحصلت هذه العودة بتاريخ 14/7/ 1976م واستمر جلود في بيروت مدة أسبوعين بعدها متابعًا اجتماعاته واتصالاته الواسعة دون أن ينفذ وعده.
3 - أما الأقوال والوقائع الأخرى التي أوردها البيان الليبي الرسمي المنشور بتاريخ 18/9/1978م فتدحضها التحقيقات القضائية التي ستعرض نتائجها لاحقًا.
تصريح القذافي لوفد العلماء
بتاريخ 21/9/1978م توجهت مسيرة شعبية كبرى، من بيروت إلى دمشق حيث كان يعقد «مؤتمر قمة الصمود والتصدي» لإثارة قضية الإمام الصدر في هذا المؤتمر.
وبطلب من القذافي، جرى اجتماع خاص بينه وبين وفد من المسيرة تألف من العلماء أصحاب الفضيلة الشيخ عبد الأمير قبلان، الشيخ أحمد الزين، الشيخ عبد الحليم الزين والشيخ خليل شقير.
وفي هذا الاجتماع صرّح القذافي:
1 - أنه كان حدّد موعدًا للاجتماع بالإمام الصدر في الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر يوم 31/8/1978م، إلا أن الإمام لم يحضر وقيل للقذافي أنه سافر.
هذا القول يثير السؤالين الآتيين:
أ - لماذا لا يحضر الإمام الصدر هذا الاجتماع وهو الذي جاء إلى ليبيا من أجله، ومكث فيها أيامًا ينتظر موعده الذي حدّد قبل ست ساعات وخمس وأربعين دقيقة من التوقيت المحدد في البيان الليبي لإقلاع الطائرة التي قيل أن الإمام سافر بواسطتها إلى روما، علمًا بأن الطائرة أقلعت بعد ثلاثة أرباع الساعة من هذا التوقيت؟
ب - أين كان الإمام الصدر في ليبيا خلال الفترة الواقعة بين موعد الاجتماع بالقذافي وبين الموعد الفعلي لإقلاع الطائرة، وهي فترة بلغت سبع ساعات ونصف؟
ولماذا لم تُجْرِ السلطات الليبية تحقيقًا في هذا الأمر بعد انتشار نبأ الإخفاء؟
إلا أن المعلومات المتوافرة من مصادر عدة، تؤكد حصول الاجتماع ووقوع نقاش حاد خلاله وتباين شديد في وجهات النظر بمسألة محنة لبنان والدور الليبي.
وتأكد ذلك بشكل خاص في حديث الملك خالد والملك فهد بتاريخ 25/2/1979م للوفد الذي زار السعودية بموضوع الإمام وكان في عداده النائبان الأستاذان محمود عمار ومحمد يوسف بيضون.
وتوالت معلومات من مصادر دولية وخاصة ومنها أقوال صرح بها سرًا وزير الخارجية الليبي السابق التريكي تفيد أن الإمام وأخويه احتجزوا بعد الاجتماع.
2 - كما صرّح أن سفر الإمام الصدر ومرافقيه حصل دون إعلام السلطات الليبية. وأن أحد الموظفين الليبيين السيد أحمد الحطاب تعرّف عليه في المطار فقام بتوديعه. هذا القول يثير أيضًا سؤالين:
أ - لماذا يغادر الإمام الصدر ليبيا وهو بضيافتها الرسمية، دون إعلام السلطة المضيفة؟
ب - كيف يتيسّر للإمام ومرافقيه مغادرة الفندق مع حقائبهم باتجاه المطار، قاصدين السفر، دون أن تتمكن السلطة الليبية من معرفة هذا الواقع في حينه وهي التي تعتمد نظامًا صارمًا في المراقبة، لا سيما وأن الأمر يتعلق بضيف رسمي وبشخصية كبرى؟
3 - وصرح أيضًا بأنه يعتبر قضية إخفاء الإمام الصدر إهانة عربية وإسلامية لليبيا نظرًا لحرمة الضيف، ولذا فإنه يهتم بها ويضع كل إمكانياته لكشفها واتخذ إجراءات للتحقيق وأوفد بعثة إلى إيطاليا وأنه سيبلغ المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بالنتائج.
برقية أمانة الخارجية الليبية
هذا القول لم يقترن بأي عمل سوى كتاب وحيد أرسلته السفارة الليبية في بيروت بتاريخ 28/9/1978م إلى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وفيه تورد نص برقية أمانة الخارجية الليبية المتضمنة أن المخابرات الإيطالية أكدت حضور الإمام الصدر والشيخ محمد يعقوب إلى فندق «هوليداي إن» في روما بتاريخ 1/9/1978م، وأن حقائبهما سُلمت إلى النيابة العامة الإيطالية، وأن «جميع وسائل الإعلام الإيطالية تُجمع على أن الدلائل تثبت وصوله (أي الإمام الصدر) إلى روما، وأن اختفاءه قد يكون وراؤه أجهزة المخابرات المختلفة الإيرانية والإسرائيلية والأميركية وكذلك الكتائب الحمر والمنظمات الألمانية المتطرفة».
ملاحظات حول البرقية
فضلاً عن الاستخفاف الظاهر في سرد هذه المعلومات ومضمونها، فإن هذه المعلومات الرسمية الليبية تتنافى مع المعلومات الصحيحة التي توصلت إليها آنذاك أجهزة التحقيق الإيطالي التي كانت استجوبت:
1) عناصر الشرطة والجمارك في مطار فيوميتشينو ـ روما بتاريخ 20/9/1978م.
2) طاقم الطائرة الإيطالية للرحلة 881 التي غادرت طرابلس الغرب مساء 31/8/1978م بتاريخ 24/9/1978م.
3) ركاب الدرجة الأولى في هذه الطائرة، بتاريخ 25/9/1978م.
4) مستخدمي وعمال فندق «هوليدي إن» بتاريخ 26/9/1978م.
والذين توافقت إفاداتهم جميعًا ـ بعد إطلاعهم على صورة وأوصاف كل من الإمام الصدر وصحبه ـ وكشفوا حقيقة أن الإمام الصدر وصحبه لم يكونوا في عداد ركاب الطائرة المذكورة ولا في عداد الواصلين إلى مطار فيوميتشينو، وأن الشخصين اللذين حجزا غرفتين في الفندق المذكور باسم الإمام الصدر والشيخ محمد يعقوب وتركا فيه حقائبهما مع جوازي سفرهما، لم يكونا الإمام الصدر والشيخ محمد يعقوب المميزة أوصافهما. وهذه التحقيقات كانت أبلغت قبل 28/9/1978م إلى جميع المراجع القضائية والأمنية والحكومية المختصة في روما، بتقرير المفوض رئيس شرطة الحدود في مطار فيوميتشينو تاريخ 25/9/1978م وتقرير رئيس شرطة روما تاريخ 27/9/1978م.
شركة الخطوط الإيطالية
حسمت شركة «أليطاليا» المسألة بالنسبة إليها، ببلاغ صدر عنها وبثه التلفزيون الإيطالي مساء يوم 25/9/1978م متضمنًا أن سماحة الإمام السيد موسى الصدر والصحفي السيد عباس بدر الدين وفضيلة الشيخ محمد يعقوب، لم يكونوا بذواتهم وأشخاصهم في طائرة الشركة المذكورة (الرحلة رقم 881) التي أقلعت مساء يوم 31/8/1978م من مطار طرابلس الغرب إلى روما.
وبث التلفزيون الإيطالي، بعد هذا البلاغ مباشرة، مقابلة شخصية مع قائد الطائرة للرحلة المذكورة، أعلن فيها أنه بعد اطلاع طاقم الطائرة على صور سماحة الإمام والسيد عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب ، أكدوا جميعًا أن هؤلاء الأشخاص لم يكونوا على متن الطائرة في رحلتها هذه، لا بالملابس الدينية ولا بالملابس المدنية.
فندق "هوليداي إن"
أكد مدير هذا الفندق السيد سكرو كارو، في التحقيق المحلي وحسب المعلومات المتوافرة لدى البعثة الأمنية اللبنانية برئاسة الرائد نبيه فرحات، إن الشخصين اللذين دخلا الفندق في الساعة العاشرة من صباح يوم 1/9/1978م وعرفا عن نفسيهما باسم موسى الصدر ومحمد شحاده، لم يكونا سماحة الإمام الصدر ومرافقه الشيخ محمد شحاده يعقوب، وذلك بعد اطلاعه واطلاع مستخدمي الاستقبال في الفندق على صورتيهما. وأعطى مدير الفندق أوصاف كل من الشخصين اللذين دخلا الفندق، وهي لا تنطبق في شيء على أوصاف سماحة الإمام ومرافقه.
وأفاد المدير أنهما كانا حجزا غرفتين لمدة عشرة أيام، إلا أنهما لم يمكثا فيهما أكثر من عشر دقائق خرجا بعدها بثياب مدنية ودون عودة، تاركين في غرفتيهما حقائب وجوازي سفر، عرف في التحقيق أنها تعود لسماحة الإمام والشيخ محمد يعقوب ووجدت حقيبة اليد الخاصة بسماحة الإمام مخلوعة، وهي تفتح بطريقة الأرقام.
وهذه الإفادة والمعلومات أوردت معظمها وكالة «رويترز» في روما بتاريخ 2 و3/10/1978م كما هو ثابت في نشرتها. كما أدلى بها مدير الفندق في مقابلة بثها التلفزيون الإيطالي بالتاريخ ذاته.
وثمة ملاحظة مهمة، وهي أن الشخص المنتحل اسم الشيخ محمد يعقوب، ملأ بخط يده البطاقة المخصصة لنزلاء الفندق، عنه وعن رفيقه المنتحل اسم سماحة الإمام، وهذا الخط ليس خط الشيخ محمد يعقوب، ثم أن هذا الشخص أورد في البطاقة اسم «شحاده» على أنه اسم العائلة، في حين أن هذا الاسم هو اسم (الأب) وليس اسم (العائلة)، وهذا الالتباس وقع لأن الاسم الكامل في جواز السفر الذي كان في حيازته ورد هكذا: محمد شحاده يعقوب.
التأشيرات على جوازي السفر
تبين أن جواز سفر كل من سماحة الإمام والشيخ محمد يعقوب، تضمن تأشيرتين أعطيتا بتاريخ 31/8/1978م في طرابلس الغرب من السفارة الإيطالية والسفارة الفرنسية. وفي هذا الشأن تبرز الملاحظات الآتية:
الملاحظة الأولى: إن جوازي السفر المذكورين يحملان تأشيرتين صادرتين عن سفارة فرنسا في بيروت، وصالحتين، فلم يكن من موجب للتأشيرتين الجديدتين. هذا ما أثار استغراب سفارة فرنسا في ليبيا عند طلب التأشيرتين، وهي استوضحت سفارة فرنسا في بيروت بهذا الشأن قبل إجابة الطلب، وأفادت في الاستيضاح أن الذي حضر طالبًا التأشيرتين موظف في الخارجية الليبية حسب إفادته. وردًا على الاستيضاح أجابت السفارة في بيروت بتسهيل المعاملة كون صاحبها هو الإمام الصدر.
الملاحظة الثانية: إن سماحة الإمام والشيخ محمد يعقوب ليسا صاحبي الإرادة في الاستحصال على هاتين التأشيرتين اللتين لم يكن لهما لزوم بسبب حيازتهما تأشيرتين سابقتين صالحتين، وذلك يستنتج من كونهما لم يكلفا القائم بالأعمال اللبناني في ليبيا بهذه المهمة عندما كان بزيارتهما في الفندق قبل يومين فقط (أي بتاريخ 29/8/1978م) وتسلم بحضورهما من السيد عباس بدر الدين جواز سفره من أجل تأمين هذه التأشيرة له إلى فرنسا وهي لم تكن معطاة له في بيروت.
الملاحظة الثالثة: إن وجهة سفر سماحة الإمام بعد طرابلس الغرب، معروفة بتصريحات سماحته قبيل مغادرة بيروت وأثناء وجوده في ليبيا، وهذه الوجهة هي (فرنسا) حيث تُعالج زوجته ويقيم أولاده. ولذا لم يطلب تأشيرة سفر إلى إيطاليا قبيل مغادرته بيروت، كما لم يطلب بتاريخ 29/8/1978م من القائم بالأعمال اللبناني تأمين هذه التأشيرة ولم يطلبها منه أيضًا السيد عباس بدر الدين عندما سلمه جواز سفره بالتاريخ المذكور لتأمين تأشيرة فرنسا. علمًا بأن السيد بدر الدين اعتبر مسافرًا مع سماحة الإمام والشيخ محمد يعقوب بتاريخ 31/8/1978م في ذات الطائرة إلى روما، وهو لو كان حقيقة يرغب في هذا السفر لكان طلب التأشيرة إلى ايطاليا وفي وقت طلبها إلى فرنسا.
السلطات الإيطالية
إن المسألة بالنسبة للسلطات الإيطالية، كما هو ثابت في معلومات البعثة الأمنية اللبنانية إلى روما، هي أنه لا يوجد أي تأكيد بأن سماحة الإمام أو أيًا من أخويه دخل الأراضي الإيطالية أو مر بالترانزيت في مطار روما. بل أن بعض نواحي المعلومات لدى وزارة الداخلية الإيطالية تؤكد أنه لم يصل أي واحد منهم إلى إيطاليا.
وفيما يخص السيد عباس بدر الدين، الذي وجدت باسمه إجازة إقامة لمدة 48 ساعة ينزل خلالها في فندق «ساتلايت» بروما، ليتابع سفره إلى مالطا بتاريخ 1/9/1978م على متن طائرة أليطاليا (الرحلة 490)، فإن تحقيقات الانتربول أثبتت أن هذا الراكب لم يعثر له على أثر في الفندق المذكور ولم يغادر إلى مالطا أو سواها.
أما الصحافة الإيطالية التي استأثرت هذه القضية باهتمامها، وتابعت أخبار التحقيق فيها، وأفردت لها تحقيقات صحفية ومقالات، فإنها أكدت هذه المعلومات، ونقتطف هنا مما نشرته صحيفة «المساجيرو» في الأيام التي تلت تغييب الإمام تحت عنوان (هل اختطف حقًا الإمام موسى الصدر؟) وفيما يلي ترجمته حرفيًا:
«المؤكد أن سماحة الإمام ومستشاره ليسا الشخصين اللذين ركبا الطائرة التي غادرت طرابلس. وبالتالي فإن الإمام لم يغادر إطلاقًا العاصمة الليبية، وان الشخصين اللذين ركبا الطائرة ونزلا في فندق (هوليداي إن) في روما ليسا إلا شخصين متنكرين أُرسلا للتضليل والإيحاء بعملية اختطاف لم تتم إطلاقًا حتى في أي مكان آخر...»
رسالة المنظمة الارهابية:
تلازم كتاب السفارة الليبية مع رسالة منظمة إرهابية وهمية
تلازم كتاب السفارة الليبية المذكور أعلاه والمؤرخ في 28/9/1978م مع رسالة أودعت بذات التاريخ بريد المحطة المركزية للسكة الحديدية في روما موجهة إلى الصحيفة الإيطالية «بايزي سييّرا» وموقعه بإسم «منظمة اللبنانيين العلمانيين من أجل لبنان موحد وعلماني» جاء فيها:
«إن المنظمة اختطفت الإمام الصدر في 31/8/1978م فور وصوله إلى روما حيث كان سيلتقي ثلاثة ممثلين إيرانيين معارضين لنظام الشاه. وأن اختطافه تم بفضل عباس بدر الدين الذي ينتمي إلى المنظمة وهو الآن في أميركا الجنوبية». وأضافت الرسالة: «إن الشيخ محمد يعقوب قُتل، فيما هو يحاول الهرب من المكان الذي سجن فيه في روما، وسيعلن قريبًا المكان الذي دُفن فيه. وأن الصدر موجود الآن في أمستردام، وأن اختطافه ليس إلا بداية تحطيم دعائم الرجعية التي دمرت لبنان وأن الإمام خائن وسيحاكم ويلاقي حكم الشعب». وأضافت: «أن على المفاوضين من أجل إنقاذ الإمام أن يذهبوا إلى فندق «ماريوت» في أمستردام وفندق «شيراتون» في بروكسل وفندق «هوليداي إن» في روما، في العاشر من شهر تشرين الأول في العاشرة قبل الظهر...»
هذا ولقد أثبت التحقيق الإيطالي وكذلك التحقيق اللبناني عدم حضور أي شخص إلى أي من الفنادق المذكورة في الموعد المحدد، كما أثبت التحقيق أن هذه المنظمة لا وجود لها، وأن الرسالة من نسيج خيال الجهة التي احتجزت الإمام الصدر، وذلك بغية التضليل وتشعب التحقيق. وأعلن رئيس شرطة الأجانب في «أمستردام» أن زج اسم هذه المدينة في القضية ليس إلا مجرد عملية تضليل.
هذه النتيجة التي توصل إليها التحقيق بالنسبة إلى هذه الرسالة، تلتقي تمامًا مع حقيقة كتاب السفارة الليبية المؤرخ في 28/9/1978م الذي قصد منه الإيهام بأن وراء القضية منظمة إرهابية، ويظهر بجلاء أن الرسالة والكتاب المتوافقي التاريخ والمعنى هما من نسيج فكر واحد.
تصريحات مسؤولين ليبيين:
التصريحات اللاحقة الصادرة عن المسؤولين الليبين
بتاريخ 25/4/1979م نشرت صحيفة «كيهان» الإيرانية ووزعت وكالة الصحافة الفرنسية ووكالة أنباء الجماهيرية الليبية تصريحًا للرائد عبد السلام جلود الموجود في إيران آنذاك، تضمن: «أن وثائق قدمت إلى الحكومة الليبية تظهر أن الإمام الصدر غادر الجماهيرية فعلاً إلى روما حيث نزل في أحد الفنادق»، وقال: «إن الحكومة الإيطالية أبلغتنا بأن الإمام الصدر قد وصل بالفعل إلى إيطاليا».
هذا التصريح دفع الحكومة الإيطالية إلى إصدار تكذيب علني له، بواسطة سفيرها في طهران وسفيرها في بيروت، أُبلغ خطيًا ورسميًا إلى وزارتي خارجية إيران ولبنان وإلى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ونشرته الصحف الإيرانية واللبنانية بتاريخ 6/5/1979م.
وبعد هذا التكذيب سُئل في فاس (المغرب) أمين الخارجية الليبية الدكتور علي عبد السلام التريكي عن مكان وجود أو إخفاء الإمام الصدر، فأجاب: «اسألوا لبنان». لقد نشرت الصحف اللبنانية وقائع السؤال والجواب بتاريخ 11/5/1979م.
هذا الجواب فيه تراجع واضح عن الموقف الليبي السابق باتهام إيطاليا، وكان محل تعليق وزير الخارجية اللبناني بقوله: «إنه تصريح غريب وعجيب».
وأخيرًا عندما سئل القذافي خلال مؤتمر صحفي عقده في الكويت عن مكان الإمام الصدر، أجاب «... هو الآن بين إيطاليا وفرنسا (!!!) اختفت الحقيقة في هذه الساحة...».
التحقيق القضائي الإيطالي ونتائجه
ما إن نشرت وكالات الأنباء العالمية خبر القضية حتى تحركت فورًا بتاريخ 13/9/1978م النيابة العامة الإيطالية في روما وباشرت أجهزة الأمن والتحقيق المختلفة وظائفها لجلاء القضية. وجرت التحقيقات على أوسع نطاق، وبشكل دقيق ومفصل تناول أدق الجزئيات، وتتابعت باهتمام ملموس وبلا انقطاع ودون التوقف عند الحدود الإقليمية بحيث تيسّر لأجهزة الأمن الإيطالية كشف الحقيقة بشكل تام في مدى أسبوعين فقط. فتبين في ملف التحقيق:
1 - أن طائرة «أليطاليا» (الرحلة 881) التي أقلعت من مطار طرابلس الغرب مساء 31/8/1978م، تأخرت عن موعد إقلاعها ساعتين.
2 - أن بعض ركاب الطائرة أفادوا أن الركاب كانوا مجتمعين وانتظروا طويلاً في مطار طرابلس الغرب بانتظار دخول الطائرة، وأنهم لم يشاهدوا بينهم شخصًا بأوصاف الإمام الصدر كما لم يشاهدوا أي شخص بلباس ديني.
3 - ضبطت إفادات كل المضيفات والمضيفين في الطائرة، وعددهم خمسة، كما ضبطت إفادات عدد من ركاب الدرجة الأولى في الطائرة، وجميعهم نفوا أن يكون دخل الطائرة شخص بصورة الإمام الصدر وأوصافه أو أي شخص بلباس ديني.
4 - استجوب جميع عناصر شرطة الجوازات في مطار فيوميتشينو ومراقب الجمارك المناوب أثناء وصول ركاب الطائرة إلى هذا المطار، وكلهم نفوا أن يكونوا شاهدوا بين هؤلاء الركاب شخصًا بلباس رجل دين أو أي شخص بصورة الإمام الصدر وأوصافه.
5 - استجوب جميع مستخدمي الاستقبال ونقل الحقائب وخدم الغرف في فندق «هوليداي إن» في روما فنفوا جميعًا تطابق مواصفات الإمام الصدر والشيخ محمد يعقوب على مواصفات الشخصين اللذين حجزا غرفتين باسميهما في الفندق وأودعا فيه حقائبهما وجوازي سفرهما وغادراه بعد عشر دقائق من دخوله.
وتبين أن هذين الشخصين لم يدخلا وحدهما الفندق بل كانا مع مجموعة أشخاص يتكلمون اللغة العربية عندما تقدم واحد منهم إلى مكتب الاستقبال لطلب الحجز. كما تبين أن البطاقات التي ملأها النزيلان باسم الإمام الصدر والشيخ يعقوب، لم تُكتب أو تُوقع بخطيهما.
وتبين أيضًا أن هذين النزيلين دخلا الفندق حوالي الساعة العاشرة صباحًا أي بعد أكثر من إحدى عشرة ساعة من وصول طائرة «أليطاليا» (الرحلة 881) إلى المطار في الساعة الحادية عشرة ليلاً.
6 - تبين أن حقائب الإمام الصدر التي تركها النزيلان في الفندق، خُلطت فيها الألبسة مع الأوراق والملفات والحوائج الأخرى بشكل استدعى ملاحظة المحققين إلى أن أيادي غرباء سبق لها أن أفرغت محتويات هذه الحقائب ثم أعادتها إليها.
7 - كما تبين أن صورة سماحة الإمام الصدر على جواز سفره سبق نزعها منه قبل إعادتها إليه.
أنهت السلطات الأمنية والقضائية تحقيقاتها الدقيقة بقرار قاضي تحقيق روما بتاريخ 7/6/1979م بحفظ القضية والذي تضمن: الجزم بأن الإمام وصحبه لم يغادروا ليبيا بطائرة أليطاليا ولم يصلوا إلى إيطاليا بأية وسيلة نقل. وتضمنت مطالعة نائب المدعي العام الإيطالي المؤرخة في 19/5/1979م الجزم بأنهم لم يغادروا ليبيا.
أبلغت الحكومة الإيطالية رسميًا، كلاً من الحكومة اللبنانية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، وحكومة الجمهورية العربية السورية وحكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن الإمام الصدر وصحبه لم يدخلوا الأراضي الإيطالية ولم يمروا بها «ترانزيت».
تحقيق البعثة الامنية اللبنانية
بتاريخ 13/9/1978م كانت السلطة اللبنانية قد أوفدت إلى ليبيا وروما بعثة أمنية سياسية برئاسة د. عمر مسيكة أمين عام مجلس الوزراء اللبناني وعضوية الضابطين من الشعبة الثانية في الجيش اللبناني نبيه فرحات ونصوح مرعب للتحقيق في القضية. رفضت السلطات الليبية السماح لهذه البعثة بدخول أراضيها، في حين سمحت السلطات الإيطالية لها بدخول إيطاليا وممارسة مهمتها. أنجزت هذه البعثة مهمتها في روما بمدة خمسة عشرة يومًا قضتها في إجراء التحقيقات وجمع المعلومات بالتعاون مع السلطات الإيطالية. وقدمت في مطلع شهر تشرين الأول 1978م إلى السلطات الحكومية والقضائية في لبنان تقريرها الذي توافق تمامًا مع تحقيقات وتقارير الأجهزة الأمنية الإيطالية، وخلص إلى النتيجة الآتية:
إن الإمام الصدر وصحبه لم يصلوا إلى روما وأنهم لم يغادروا ليبيا في الموعد والطائرة اللذين حددتهما السلطة الليبية في بيانها الرسمي.
موقف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى
أعلن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، في بيانات عدة، وخاصة في مؤتمرين صحفيين عقدهما نائب رئيس المجلس سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين في بيروت بتاريخ 31/8/1979م و10/4/1980م، مسؤولية القذافي شخصيًا عن إخفاء الإمام الصدر وصحبه.
كما أعلن أن ملوكًا ورؤساء عرب أبلغوه وأبلغوا ممثلي المجلس مسؤولية القذافي عن هذا الإخفاء.
موقف منظمة التحرير (فتح)
أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية (فتح) مسؤولية القذافي عن هذه الجريمة في مقال افتتاحي في صحيفتها المركزية «فلسطين الثورة» العدد 949 تاريخ 11/12/1979م.
التحقيق القضائي الإيطالي الثاني
تقدمت السلطات الليبية من السلطات الإيطالية بطلب بتاريخ 15/2/1980م لإعادة التحقيق القضائي في القضية، معززة طلبها بتحقيق أمني ليبي مزعوم ـ ثبت فيما بعد تزييفه ـ ادعت أنها باشرته بتاريخ 3/11/1979م (أي بعد أكثر من أربعة عشرة شهرًا على حصول الجريمة).
وبعد تحقيقات واسعة أجراها القضاء الإيطالي مجددًا ووقف فيها على أدلة جديدة، وانتقل خلالها المحقق الإيطالي إلى ليبيا ثم لبنان حيث استمع في تحقيقاته إلى شهود عديدين بينهم أشخاص جالسوا الإمام الصدر وتحادثوا معه أثناء وجوده في ليبيا وشاهدوه مع أخويه ينتقلون من فندق الشاطئ في طرابلس لمقابلة القذافي (حيث جرى إخفاؤهم بعدها) ولم يعودوا إلى الفندق الذي بقيت فيه حقائبهم قبل ظهور بعضها لاحقًا في فندق «هوليداي إن» في روما، لفظ القضاء الإيطالي قراره النهائي بمطالعة النيابة العامة في روما تاريخ 20/12/1981م(1) وقرار قاضي التحقيق تاريخ 28/1/1982م(2) المتوافقين، والمتضمنين تثبيت نتيجة التحقيق الإيطالي الأول، بالإضافة إلى إعلان تزييف التحقيق الأمني الليبي.
المجلس يحمل ليبيا المسؤولية مرة أخرى
إعلان نتيجة التحقيق القضائي وتأكيد مسؤولية السلطات الليبية في مؤتمر صحفي بتاريخ 23/2/1982.
بتاريخ 23/2/1982م عُقد في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان مؤتمر صحفي بحضور ممثلي وسائل الأعلام المحلية ومندوبي وكالات الأخبار العالمية، جرى فيه توزيع نسخ عن مطالعة النائب العام الإيطالي وقرار قاضي التحقيق الإيطالي بالصيغة الأصلية مع ترجمتها القانونية إلى اللغة العربية، وأُعلن في المؤتمر بيان رسمي باسم المجلس المذكور يؤكد مسؤولية السلطات الليبية «التي انكشفت أمام العالم أنها احتجزت واعتدت على الإمام موسى الصدر الذي جاءها مستحثًا للمساهمة في إنقاذ لبنان وجنوبه»، ويدعو البيان السلطات الليبية إلى «الكف عن ممارسة أساليب الغش، والكف عن جريمتها المتمادية في حق الإمام الصدر الذي نذر نفسه للإنسانية وللمحرومين وللقيم وللقضايا العادلة وفي طليعتها قضية العرب الكبرى والأولى». واختتم البيان بإعلان «أنه إلى أن يعود الإمام إلى ساحة جهاده مع رفيقيه، فإن هذه القضية ستظل حية ونابضة ومحركة وفاعلة».
موقف القضاء اللبناني
كانت الحكومة اللبنانية قد أصدرت مرسومًا برقم 3794 تاريخ 4/2/1981م اعتبرت بموجبه إخفاء الإمام موسى الصدر وأخويه جريمة اعتداء على أمن الدولة الداخلي، وأحالت هذه القضية على المجلس العدلي.
وسندًا للمرسوم المذكور، أصدر وزير العدل اللبناني قرارًا برقم 72 تاريخ 6/2/1981م عيّن بموجبه القاضي طربيه رحمة محققًا عدليًا في هذه القضية.
وادعت النيابة العامة التمييزية في القضية بجريمتي الفتنة والحضّ على النزاع بين الطوائف في لبنان.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) وضع النائب العام في روما الدكتور سلفاتوري فكيوني مطالعة بتاريخ 20/12/1981م أورد فيها بتفصيل الأدلة على تزوير التحقيق الليبي المزعوم، وقال أنه تكونت لديه "قناعة ترتكز إلى أدلة ثبوت دامغة ومتطابقة بصورة دقيقة جداً فيما بينها، سواء من الناحية المنطقية أم من الناحية الحسية الملموسة" يتحصل منها بالضرورة "أنه ثبت بالتأكيد الجازم أنه في إيطاليا لم يرتكب أي جرم بحق الشخصيات الثلاث موضوع البحث".
(2) وضع قاضي التحقيق في روما الدكتور دومينيكو نوسترو Dr.Domenico Nostro بتاريخ 28/1/ 1982م تحت رقم 8168/81 (سجل عام غرفة التحقيق) قرارًا أورد فيه حرفيًا: "إن التحقيقات الإضافية المعمقة التي أجريت، عززت وأيدت بشدة، نتائج التحقيقات السابقة، وأفرزت أدلة ثبوت متطابقة لا يرقى إليها أدنى شك، وهي وفيرة جدًا، بحيث يترتب الجزم، بكل تأكيد، أنه لم يرتكب أي جرم على أراضي الدولة الإيطالية بحق سماحة الإمام موسى الصدر والأستاذ السيد عباس بدر الدين وفضيلة الشيخ محمد يعقوب ، لأنه ثبت أن المذكورين لم يصلوا مطار فيوميتشينو (روما) في ساعة متأخرة من ليل31 آب 1978على متن طائرة أليطاليا (الرحلة881) القادمة من طرابلس، وأن أشخاصًا آخرين غير معروفين انتحلوا شخصيات الأشخاص الثلاثة، وزيفوا أثارًا لدخولهم وإقامتهم على أراضي بلدنا". ونظراً لانحصار سلطان القضاء الإيطالي بالحدود الإقليمية بمبدأ إقليمية قانون العقوبات، ولكون الجرائم المقترفة بحق الإمام موسى الصدر وصحبه الأستاذ السيد عباس بدر الدين وفضيلة الشيخ محمد يعقوب لم ترتكب في إيطاليا، قرر التحقيق الإيطالي عدم لزوم تحريك الدعوى الجزائية وحفظ الأوراق.
وأصدر القاضي رحمة قراره الظني بتاريخ 18/11/1986م متضمنًا الأدلة وشهادات الشهود على اختفاء الإمام وصحبه داخل الأراضي الليبية وعلى أن أشخاصًا آخرين انتحلوا شخصياتهم وزيفوا آثارًا لدخولهم الأراضي الإيطالية، وان جريمتي خطف الإمام وحجز حريته لا تستهدفان الإمام شخصيًا لأنه لم يتبين وجود خلافات أو عداوات شخصية له، بل تستهدفان الساحة اللبنانية بغية خضها وتأجيج الاقتتال الدائر عليها.
وانتهى القرار بتأكيد اختصاص القضاء اللبناني للنظر في القضية وبإصدار مذكرة تحرٍّ دائم توصلاً لمعرفة الفاعلين والمحرضين والمتدخلين في الجرائم موضوعها.
وفيما يلي نص القرار الظني:
نحن طربيه رحمة قاضي التحقيق لدى المجلس العدلي، بعد الاطلاع على المرسوم رقم 3794 تاريخ 4/2/1981م المحالة بموجبه على المجلس العدلي قضية الاعتداء على أمن الدولة الداخلي الناتج عنها اختفاء الإمام موسى الصدر وصحبه السيد عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب.
وبعد الاطلاع على القرار رقم 72 تاريخ 6/2/1981م القاضي بتعييننا محققًا عدليًا في القضية المحكي عنها.
وبعد الاطلاع على ادعاء النيابة العامة التمييزية المؤرخ في 21/2/1981م وعلى التوضيح الصادر عنها بتاريخ 21/10/1986م وعلى مطالعتها النهائية المؤرخة في 6/11/1986م وأوراق الدعوى كافة.
تبين أنه أسند إلى:
1 - مجهولين:
انهم خارج الأراضي اللبنانية وبتاريخ لم يمر عليه الزمن أقدموا على خطف وحجز حرية الإمام موسى الصدر وصحبه السيد عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب وبالتالي تعريض لبنان للفتنة وإثارة النعرات المذهبية والنزاع بين الطوائف الجرائم المنصوص والمعاقب عليها في المرسوم الاشتراعي رقم 27 تاريخ 5/3/1959م والمادتين 308 و 317 من قانون العقوبات.
وتبين بنتيجة التحقيق:
بعد جمود في العلاقات بين المسؤولين الليبيين ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان الإمام موسى الصدر وبعد مداخلة قام بها الرئيس الجزائري المغفور له هواري بومدين تلقى سماحته دعوة رسمية لزيارة الجماهيرية الليبية سلمت إليه من قبل القائم بأعمال السفارة الليبية في لبنان بتاريخ الثالث والعشرين من شهر آب سنة 1978م فتوجه إلى طرابلس الغرب بعد يومين مصطحبًا الأستاذ السيد عباس بدر الدين وفضيلة الشيخ محمد يعقوب.
بعد وصوله إلى ليبيا بدا متضايقًا فلم يُجْرِ أي اتصال هاتفي بأحد في لبنان، أو بأحد أفراد عائلته الموجودين في فرنسا حيث كانت زوجته تعالج وخلافًا لما اعتاده في أسفاره.
بتاريخ الثامن والعشرين من آب المذكور قابله القائم بأعمال السفارة اللبنانية في ليبيا فأكد له أن بقاءه في الجماهيرية متوقف على تحديد مواعيد لبعض المقابلات الرسمية فإن تمت عاجلاً سافر على الأثر وإن أبلغ تعذر حصولها غادر أيضًا.
مساء 29/8/1978م حصل لقاء فكري حول «الكتاب الأخضر» بترتيب من السيد طلال سلمان بين الرئيس القذافي ووفد لبناني مؤلف من السادة: منح الصلح، محمد قباني، بلال الحسن، أسعد المقدم وبشارة مرهج فاستمر إلى ما بعد منتصف الليل علمًا أن هؤلاء وصلوا طرابلس الغرب يوم 26/8/1978م أي بعد وصول الإمام وصحبه إليها وقد زاروا سماحته بجناحه في فندق الشاطئ بعد انتهاء اللقاء صبيحة الثلاثين من آب سنة 1978م فأخبرهم انه كان على موعد تلك الليلة مع الرئيس الليبي وتلقى حوالي منتصف الليل مكالمة هاتفية تنبئ بتأجيله مما حمل السيد المقدم على الاعتقاد أن سبب التأجيل هو امتداد اجتماعهم مع الرئيس القذافي حتى ساعات الصباح الأولى.
يوم 31/8/1978م علم السيد المقدم من عباس بدر الدين أن مكالمة هاتفية جرت بين المسؤولين الليبيين والإمام وأن موعدًا للاجتماع بالرئيس الليبي حدد له وقد شاهده عند الساعة الواحدة والربع من بعد ظهر ذلك اليوم برفقة عباس المذكور يهمان بمغادرة الفندق مما جعله يستنتج انهما ذاهبان إلى الاجتماع المشار إليه.
بعد التاريخ والوقت المنوه عنهما انقطعت أخبار الإمام وصحبه انقطاعًا كليًا وما تزال، وقبيل العاشر من أيلول سنة 1978م أخذ القلق يساور أعضاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سيما وقد علموا أن الإمام لم يتصل بعائلته ولم يصل فرنسا بعد، فأبلغوا قلقهم للمسؤولين اللبنانيين على أعلى مستوياتهم وأعربوا عن خشيتهم من أن يكون سماحته والوفد المرافق قد تعرضوا للسوء.
بتاريخ الرابع عشر من أيلول سنة 1978م قابل الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء اللبناني الدكتور عمر مسيكة، الرائد عبد السلام جلود فأكد له المعلومات الرسمية المعطاة من السلطات الليبية ومفادها أن الإمام وصحبه غادروا ليبيا إلى إيطاليا على متن طائرة «أليطاليا» الرحلة 881 عند الساعة الثامنة والنصف من مساء 31/8/1978م، مضيفًا أنهم سافروا فجأة وموضحًا أن تحقيقًا بوشر مع سائقي السيارات التي كانت موضوعة بتصرف الإمام بشأن مرافقتهم له إلى المطار دون إبلاغ المراسم.
وضعت النيابة العامة للجمهورية في روما يدها على التحقيق على أثر ما نشرته وكالات الأنباء من أخبار وعلى أثر ما طلبه القائم بأعمال السفارة اللبنانية في روما من السلطات الإيطالية من إيضاحات، فتبين لها أنه بتاريخ 1/9/1978م ظهرًا حضر شخصان كان أحدهما يرتدي لباسًا دينيًا إلى فندق «هوليداي إن» عرفا عن نفسيهما أنهما الإمام الصدر والشيخ محمد يعقوب وطلبا إشغال غرفتين في ذلك الفندق فأعطيا الغرفتين 701 و 702 ودفعا الحساب سلفًا عن مدة أسبوع ثم بعد دخولهما الغرفتين لمدة عشر دقائق خرجا بلباسين مدنيين ولم يعودا، وعندما فتحت الغرفتان بنهاية المدة المدفوع أجرها عثر على جوازي سفر الإمام والشيخ محمد يعقوب وعلى أربع حقائب بينها واحدة لعباس بدر الدين وكانت محتويات الحقائب من أغراض ووثائق وثياب قد خلطت فيما بينها خلطًا فوضويًا واحتوت أغراضًا غير عائدة أصلاً للإمام وصحبه لا سيما المحفظة البنية الظاهرة عليها صورة العربة والحصان، وتبين أن استمارتي الفندق كتبهما الشخص الذي عرف عن نفسه أنه محمد يعقوب بأحرف كبيرة وخط بدائي وأغلاط كثيرة.
وتبين أن رحلة طائرة «اليطاليا» رقم 881 من طرابلس الغرب إلى روما مساء 31 آب سنة 1978م تأخرت ساعة كاملة وبعد وصول الطائرة إلى مطار فيوميتشينو عند الساعة الحادية عشرة والدقيقة الثانية عشرة ليلاً تقدم من مكتب الأمن العام رجل عرّف عن نفسه أنه عباس بدر الدين مصرّحًا أنه ينوي الاقامة في فندق «ساتلايت» طالبًا تأشيرة دخول لمدة ثمانٍ وأربعين ساعة لزيارة المدينة على أن يغادرها متابعًا سفره إلى مالطا في اليوم التالي على متن طائرة «أليطاليا» الرحلة 490.
ولدى التحقيق مع نيكولوزي ليونارد وكولانجيلو بياترو وزانبيغو مارغريتا وسيدروني البرتو ودورانته جيوزييه وهوبر زيغفريد والعاملين في فندق «هوليداي إن» نفوا أن يكون للشخصين اللذين دخلا الفندق وانصرفا بسرعة المواصفات الجسدية وملامح الوجه العائدة للإمام والشيخ محمد يعقوب. ونفى أفراد طاقم طائرة «أليطاليا»: استولفي اورلندو وبيجي بيارو وكوسياني ليسيا وكونتينو سرجيو وباغنيلو روبير ريشار والراكبان فالنتي السندرو ودونسلمان جوزفين وموظفا الأمن العام في مطار فيوميتشينو كاردوني اندريا وفيدال الفريد واللذان دققا جوازات سفر القادمين على الطائرة المحكي عنها، أن يكون شخص له مواصفات الإمام الصدر الذي عرضت صورته عليهم قد كان على متن الطائرة في تلك الرحلة، كما نفى العريف دوناتو زوطو أن تكون للشخص الذي طلب تأشيرة الدخول المؤقت ملامح عباس بدر الدين الذي عرضت عليه صورته.
بتاريخ 7/6/1979م صدر عن قاضي التحقيق في روما قرارًا يقضي بحفظ القضية لعدم وقوع أية جريمة في إيطاليا بحق الإمام الصدر وصحبه.
وبتاريخ 15/2/1980م طلب المكتب الشعبي للجماهيرية الليبية في روما من القضاء الإيطالي إجراء تحقيق إضافي حول اختفاء الإمام وصحبه رابطًا بمذكرته نسخة عن تحقيق بدأته الشرطة الليبية في 3/7/1979م تمحور حول إفادات أدلى بها شهود ليبيون وشاهد موريتاني انطوت على أن الإمام الصدر وصحبه غادروا الأراضي الليبية مساء 31 آب سنة 1978م على متن طائرة «أليطاليا» الرحلة رقم 881.
وبعد تحقيقات مطولة وتمحيص دقيق وشامل للأدلة أصدر قاضي التحقيق بتاريخ 28/1/1982م قرارًا بحفظ القضية مجددًا لكون الإمام وصحبه لم يدخلوا الأراضي الإيطالية مساء 31/8/1978م ولكون أشخاص آخرين بقوا مجهولين انتحلوا شخصيات هؤلاء الثلاثة وزيفوا آثارًا لدخولهم وإقامتهم على الأراضي الإيطالية.
وحيث أن هذه الوقائع ثابتة:
1 - بالادعاء.
2 - بأقوال الشهود.
3 - بالمستندات المبرزة.
4 - بالوثائق الرسمية الصادرة عن القضاء الإيطالي.
5 - بمجمل التحقيق.
وحيث أن الإمام الصدر وصحبه شوهدوا على الأراضي الليبية في الفترة الممتدة بين الخامس والعشرين من آب سنة 1978م والساعة الواحدة والربع من بعد ظهر الواحد والثلاثين منه.
وحيث أن السلطات الليبية أصرت على أنهم غادروا ليبيا إلى إيطاليا على متن طائرة «أليطاليا» الرحلة رقم 881 مساء 31/8/1978م.
وحيث أن القضاء الإيطالي نفى بعد تحقيقات مطولة ودقيقة أساسية وإضافية أن يكون سماحته ورفيقاه قد دخلوا الأراضي الإيطالية، مشددا على أن أشخاصًا آخرين انتحلوا شخصيات الثلاثة المذكورين وزيفوا آثار دخولهم وإقامتهم على الأراضي الإيطالية.
وحيث أن الاعتداء الواقع على الإمام وصحبه في الخارج يستدعي معرفة ما إذا كان القضاء اللبناني صالحًا للنظر في هذا الاعتداء سيما وأن مسألة الاختصاص تتعلق بالانتظام العام وتنبغي إثارتها عفوًا.
وحيث أن مرسوم الإحالة على المجلس العدلي لا يولي هذا المجلس الاختصاص، بل يفترض به وبقاضي التحقيق لديه بالتالي التثبت من اختصاصه على ضوء القوانين الجزائية اللبنانية.
وحيث أن المادة 19 من قانون العقوبات اللبناني توجب تطبيق الشريعة اللبنانية على كل لبناني أو أجنبي فاعلاً كان أو محرضًا أو متدخلاً أقدم خارج الأراضي اللبنانية على ارتكاب جناية مخلة بأمن الدولة.
وحيث أن الحكومة اللبنانية اعتبرت بالمرسوم رقم 3794 تاريخ 4/2/1981م هذه القضية مخلة بأمن الدولة الداخلي وأن النيابة العامة التمييزية ادعت بجريمتي الفتنة والحض على النزاع بين الطوائف المنصوص والمعاقب عليهما في المادتين 308 و317 من قانون العقوبات.
وحيث أن الجريمة الثانية هي من نوع الجنحة ولا تقع بالتالي تحت مظلة المادة 19 المشار إليها التي تلحظ حالة الجناية فقط، فينبغي حصر البحث في الجريمة الأولى باعتبارها من هذا النوع.
وحيث أنه ليس من الضروري أن ينتج عن اختفاء الإمام وصحبه وحجز حرياتهم، أو يتحقق على الساحة اللبنانية وجه مادي من اوجه الاعتداء التي لحظتها المادة 308 من قانون العقوبات، بدليل أن هذه المادة رفعت العقوبة إلى الإعدام إذا تم الاعتداء واعتبرت وقوع الاعتداء ظرفًا مشددًا.
وحيث أن المادة 313 من قانون العقوبات تعاقب على المؤامرة بقصد ارتكاب إحدى الجنايات المذكورة في نطاق الفتنة أي أنها تعاقب على مجرد الاتفاق الذي يستهدف تحقيق هذه الجرائم، دون الحاجة إلى القيام، حتى بأعمال مادية ترمي مباشرة إلى التنفيذ.
وحيث أنه لم يتبين حتى الآن أن ثمة خلافات أو عداوات شخصية حملت من قبيل الانتقام والتشفي على خطف الإمام وصحبه وحجز حرياتهم.
وحيث أن موقع الإمام الصدر على رأس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان والكثافة الشعبية التي يؤثر عليها وتتأثر به في لبنان والدور الذي كان يلعبه على الساحة اللبنانية إبان الاعتداء عليه واحتدام الصراع على هذه الساحة في المرحلة المذكور أمور يغلب معها أن يكون خطفه وحجز حريته لا يستهدفانه شخصيًا بقدر ما يستهدفان تلك الساحة.
وحيث أن المشتركين في جريمتي الخطف وحجز الحرية بقوا مجهولين. وحيث أن ما يربط اختصاص القضاء اللبناني أو لا يربطه على ضوء ما تقدم، هو اتجاه نية هؤلاء المشتركين إلى خض الساحة اللبنانية وتأجيج الاقتتال الدائر عليها أو عدم اتجاهها.
وحيث أن القول بعدم اتجاه النية على هذا النحو يعني استباقًا للأمور ودفاعًا عن الضالعين في الاعتداء، فيكفي مجرد احتمال وجود مثل هذا الاتجاه لمتابعة التحقيقات توصلاً للتثبت من حقيقة النوايا.
وحيث أنه يقتضي والحالة ما ذكر تأكيد اختصاصنا للنظر بهذه القضية.
وحيث أن التحقيقات الحاصلة لم تؤدِ إلى معرفة المشتركين في الجرائم موضوع القضية فيقضي إصدار مذكرة تحرٍّ دائم توصلاً لمعرفتهم.
لذلك نقرر وفقًا للمطالعة:
1 - تأكيد اختصاصنا للنظر في هذه القضية.
2 - إصدار مذكرة تحرٍّ دائم توصلاً لمعرفة الفاعلين والمحرضين والمتدخلين في الجرائم موضوعها.
قرار صدر بتاريخ 18/11/1986م
المحقق العدلي طربيه رحمة
التطورات القضائية:
مطالعة المدعي العام واستدعاء القذافي للاستجواب
بتاريخ 22/5/2001م تقدمت عائلات الإمام الصدر والأستاذ السيد بدر الدين والشيخ يعقوب باستدعاء طلبوا فيه اتخاذ جميع الإجراءات القانونية للتوسع في التحقيق في هذه القضية المحالة أمام المجلس العدلي توصلاً لكشف الحقيقة ومعرفة المجرمين. وإثر تقديم الاستدعاء، أصدر القاضي عدنان عضوم قرارًا أكد فيه متابعة تنفيذ قرار القاضي طربيه رحمة وقرر استنابة كل الأجهزة الامنية لإجراء التحريات اللازمة واتخاذ التدابير المناسبة... كما تقدمت العائلات أيضًا بشكوى مباشرة أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت حاتم ماضي اتخذوا فيها صفة الإدعاء الشخصي (على) كل من يُظهره التحقيق فاعلاً، متدخلاً أو شريكًا بجرم حرمان حرية الإمام الصدر وزميليه بالخطف أو بأي وسيلة أخرى.
القذافي: الإمام الصدر اختفى في ليبيا(*)
في خطابه السنوي الذي ألقاه بمدينة سبها في 31/8/2002م، وكنتيجة للمتابعات القضائية ولضغوط لبنانية وإيرانية، أقرّ القذافي، بخلاف كل تصريحاته السابقة، بأن الإمام الصدر اختفى في ليبيا مما حدا بمنظمة العفو الدولية إلى تضمين إقراره هذا في تقريرها السنوي للعام 2003م القسم الخاص بليبيا حيث جاء فيه «إن القذافي اعترف رسميًا... بأن الإمام الصدر اختفى في ليبيا أثناء زيارة سنة 1978».
…ملاحظة تخص "موسى الصدر" ... موسى الصدر هذا جاء الى ليبيا لا أعرف أي عام ... يعني بدعوة منه، نحن وجهنا له الدعوة مثل كل الشخصيات التي تحضر الاحتفال في عيد الثورة …واختفى هو ومعه اثنان صحفيان تقريباً، اختفى في ليبيا لا نعرف كيف ... موسى الصدر … يعني من الزعماء المرموقين في لبنان، ومن المقاومين للاحتلال، هو الذي أسس ألوية المقاومة اللبنانية وصاحبي ومعرفة ــــــــــــــــــــــــ
(*) الجزء الخاص بالإمام الصدر حرفياً كما ورد في خطاب القذافي في 31 أغسطس 2002:
تقابلت معه كم مرة ودعوته لحضور عيد الثورة واختفى. الحقيقة هذه مأساة، مأساة فعلاً أولاً فقدنا، أحد رموز المقاومة الوطنية اللبنانية وأحد رجالات الأمة الاسلامية، وخسارة يعني كان شخصاً عنده فاعلية ونشاط فقدناه … يعني واحد توجه له الدعوة ويأتي ويختفي ... كيف اختفى موسى الصدر؟ هذه قضية أقلقتنا، أقلقت ضمائرنا، يجب أن نتوصل فيها إلى حل، إلى تخمين، إلى نتائج، كيف تُشوّه ليبيا التي تدعوه؟ خاصة أنه ليس هناك أي سوء بينه وبين ليبيا لأنه من أنصار ليبيا، هو من الناس الذين نحن نؤيدهم ويختفي في ليبيا ...
الادعاء على القذافي وآخرين
بتاريخ 27/7/2004م تقدمت عائلات الإمام الصدر وصحبه بدعوى ضد العقيد القذافي ومسؤولين آخرين اتخذت فيها صفة الإدعاء الشخصي وحمّلتهم المسؤولية الكاملة والمباشرة عن عملية الخطف، وعلى كل من يُظهره التحقيق فاعلاً، متدخلاً، محرضًا أو شريكًا، في جرم إخفاء الإمام موسى الصدر وصحبه وخطفهم، الموجودين على الأراضي الليبية بدعوة من السلطات وأركان الدولة والإشتراك في المؤامرة المحاكة لإخفاء الجريمة والتمادي فيها، وإقدامهم على ارتكاب جرائم التزوير في سندات رسمية واستعمال المزور وانتحال الصفة وشهادة الزور.
مطالعة المدعي العام القاضي عدنان عضوم
في 2/8/2004م أصدر النائب العام التمييزي في لبنان القاضي عدنان عضوم، بوصفه مدعيًا عامًا عدليًا، قرارًا بجلب العقيد معمر القذافي وعدد من المسؤولين الليبيين، بصفة مدَّعى عليهم والتحقيق معهم في قضية إخفاء الإمام موسى الصدر وصحبه عام 1978م، وطلب بموجبه من المحقق العدلي في القضية القاضي طربيه رحمة الرجوع عن قراره السابق بحفظ الدعوى والتوسع بالتحقيق من جديد. وطلب إجراء التحقيقات اللازمة معهم وإصدار جميع المذكرات القضائية التي يستوجبها التحقيق بما فيها مذكرات التوقيف. وفيما يلي نصّ القرار:
«حضرة المحقق العدلي الأستاذ طربيه رحمة
لما كنتم قد أصدرتم بتاريخ 18/11/1986م قرارًا أكدتم بموجبه اختصاص القضاء اللبناني للنظر في هذه القضية، وأصدرتم مذكرة تحرٍّ دائم توصلاً لمعرفة الفاعلين والمحرضين والمتدخلين في جريمة خطف وحجز حرية الإمام موسى الصدر وصحبه الأستاذ السيد عباس بدر الدين وفضيلة الشيخ محمد يعقوب في الجرائم المنصوص والمعاقب عليها في المرسوم الاشتراعي رقم 27 تاريخ 5/3/1959م والمادتين 308 و317 عقوبات.
ولما كان المدّعون السيد صدر الدين الصدر والسيدة امتثال مصطفى سليمان زوجة الشيخ محمد يعقوب والسيدة زهرة موسى يزبك زوجة الأستاذ عباس بدر الدين قد اتخذوا صفة الإدعاء الشخصي بحق المدعى عليهم: محمود محمد بن كوره، معمر القذافي، أحمد الأطرش، عبد السلام جلود، عيسى البعباع، عاشور الفرطاس، علي عبد السلام التريكي، أحمد الشحاتي، المرغاني التومي، أحمد م. الحطاب، الهادي ابراهي الصداوي، عبد الرحمن غويلا، أحمد مسعود صلاح، ابراهيم خليفة، محمد خليفة صهبون، عيسى مسعود عبد الله المنصوري، محمد علي الرحيبي ومحمد محمود ولد داده، بالجرائم المنصوص عليها في المواد /569/ و/459/ و454/ و/408/ و392/ معطوفة على المواد /19/ و/212/ و/213/ و/217/ و/219/ من قانون العقوبات، وبيّنوا في ادعائهم توافر معطيات ووقائع وأدلة تثبت أن الإمام موسى الصدر وصحبه اختفوا في ليبيا وأنهم كانوا يقومون بزيارة إلى ليبيا بناء على دعوة من العقيد معمر القذافي، الذي كان يؤكد هو والمسؤولين الليبيين على امتداد 24 عامًا متواصلة أن الإمام وصحبه غادروا ليبيا إلى ايطاليا وقد تمّ إرفاق هذه الأدلة ربطًا بالادعاء المباشر المشار إليه أعلاه،
ولما كان مضمون الشكوى المقدمة والمستندات والوثائق المرفقة بها توفر معطيات وأدلة جديدة تستوجب الرجوع عن قرار الحفظ والتوسع في التحقيق من جديد خاصة وأن الجهة المدعية حددت هوية المدعى عليهم الذين تعتبرهم الجناة الذين قاموا بارتكاب فعل حجز حرية الإمام موسى الصدر وصحبه وتؤكد مسؤوليتهم الشخصية عن الجرم المرتكب ومسؤولية جميع الذين تورطوا بهذا العمل، ويقتضي الطلب الى حضرة المحقق العدلي إجراء التحقيقات الاستنطاقية بحق الأشخاص المدعى عليهم والمشار إليهم في متن هذا القرار وذلك بالجريمة المنصوص عليها في المرسوم الاشتراعي رقم 27 تاريخ 25/3/1959م وفقًا لادعاء النائب العام العدلي بتاريخ 21/2/1981م بموجب ورقة الادعاء رقم الأساس م.ع 1/81 وبالمادتين 308 و317 عقوبات وبالجرائم الاضافية المشار إليها في الشكوى المقدمة بتاريخ 27/7/2004م تحت رقم 295/م/2004 من الجهة المدعية بواسطة وكيليها الأستاذين فايز الحاج شاهين وشبلي الملاط المنطبقة على المواد المذكورة في صلب الشكوى وجلبهم بصفة مدعى عليهم لاستماعهم في هذه القضية وإصدار جميع المذكرات القضائية التي يستوجبها التحقيق بما فيه مذكرات التوقيف وكافة الاستنابات الضرورية لجلاء كافة الملابسات المحيطة بالموضوع وذلك على ضوء المعطيات والوقائع والمستندات والوثائق المبرزة ربطًا بالشكوى.
لذلك، نطلب إلى حضرتكم الرجوع عن قرار الحفظ الصادر عنكم بتاريخ 18/11/1986م والتوسع بالتحقيق من جديد عن طريق جلب الأشخاص المبيّنة أسماؤهم في الشكوى بصفة مدعى عليهم إلى جلسة تخصص لهذا الغرض وإجراء كافة التحقيقات الإستنطاقية وفقًا للإدعاء الأساسي والاضافي المشار إليهما أعلاه وإصدار جميع المذكرات القضائية التي يستوجبها التحقيق بما فيه مذكرات التوقيف وكافة الاستنابات الضرورية لجلاء كافة الملابسات المحيطة بالموضوع وذلك على ضوء المعطيات والوقائع والمستندات والوثائق المبرزة ربطًا بالشكوى».
القاضي عدنان عضوم
القاضي عبد الصمد يستدعي القذافي للتحقيق
في 22/10/2004م وفي خطوة إجرائية قضائية لافتة، حدّد المحقق العدلي في ملف إخفاء الإمام موسى الصدر وصحبه القاضي سهيل عبد الصمد السادس عشر من آذار 2005م موعدًا لمثول معمر القذافي وسبعة عشر شخصًا آخرين من أركان نظامه، لمباشرة التحقيق معهم بصفة مدعى عليهم في القضية، بعدما تقرر استدعاؤهم وإبلاغهم بالطرق الديبلوماسية عبر وزارة الخارجية والمغتربين.
وفي 16/3/2005م وبسبب تخلف المدعى عليهم عن الحضور أرجأ المحقق العدلي القاضي سهيل عبد الصمد، التحقيق في القضية إلى وقت لاحق واكتفى بسماع إفادة المدّعين من عائلات الصدر وبدر الدين ويعقوب الذين كرروا مضمون ادعائهم بحق الرئيس الليبي معمر القذافي وأعضاء حكومته بجرم إخفاء الإمام الصدر ومرافقيه في 31 آب من العام 1978م في ليبيا والتمادي في الجريمة وتضليل التحقيق وحجز حرية وطالبوا بإحالة المتهمين فورًا إلى المجلس العدلي.
تطورات غامضة في ايطاليا
في تطور مفاجىء وبطلب من السلطات الليبية على اثر زيارة رئيس وزراء ايطاليا برلسكوني إلى طرابلس الغرب، أعاد القضاء الإيطالي، بشكل غامض ودون اعلام عوائل المغيبين أو لبنان أو ايران، فتح الملف متجاهلاً القرار الصادر عنه سنة 1982م ومتجاهلاً الاعتراف الصريح للقذافي بإخفاء سماحة الإمام السيد موسى الصدر واخويه مكتفيًا بإعادة الاستماع إلى شهادة بعض الشهود الذين تم اثبات كذبهم امام القضاء في القرار الصادر عن القضاء الايطالي بتاريخ 28/7/1982م. وصدر اثر ذلك قرار بتاريخ 17/11/2005م عن قاضية التحقيقات في محكمة روما سيمونيتا داليساندرو بحفظ الملف مجددًا بعد نفيها وجود أية ادلة جديدة في الملف منذ حفظه موحية بشكل ملتبس بأن الإمام قد يكون اختفى على الاراضي الايطالية.
لبنان الرسمي يتابع قضية الإمام الصدر واخويه في روما
اثر الضجة التي رافقت صدور القرار الايطالي، اكد رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني بتاريخ 15/2/2006م بعد استقباله نظيره اللبناني فؤاد السنيورة في روما، ان ايطاليا ستبذل قصارى جهدها لمساعدة لبنان على «كشف الحقيقة» في قضية اخفاء سماحة الامام السيد موسى الصدر كما ابدى استعداد ايطاليا لبدء التواصل بين وزيري العدل في ايطاليا ولبنان للبحث في مدى امكان القيام بخطوات الى الامام في هذه القضية.
كما زار رئيس المجلس النيابي نبيه بري ايطاليا لأيامٍ أجرى خلالها محادثات تناولت المستجدات المتعلقة بقضية سماحة الامام السيد موسى الصدر واخويه.
وفي وقت لاحق كلف مجلس الوزراء اللبناني قاضي التحقيق العسكري سميح الحاج السفر إلى ايطاليا لمتابعة المباحثات في القضية مع السلطات الايطالية فزار روما في حزيران 2006م.
تنحي عبد الصمد وتعيين الحاج محققًا عدليًا
بعد طلب القاضي سهيل عبد الصمد، المحقق العدلي في ملف اخفاء سماحة الامام السيد موسى الصدر، تنحيه عن متابعة النظر في الملف لأسباب شخصية، وبعد موافقة مجلس القضاء الاعلى في جلسته برئاسة الرئيس الاول انطوان خير وحضور الاعضاء بتاريخ 1/7/2006م اصدر وزير العدل قراره رقم 625 بتاريخ 3/7/2006م عيّن فيه القاضي سميح الحاج، قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية، محققًا عدليًا في «قضية الاعتداء على أمن الدولة الداخلي التي نتج منها اخفاء سماحة الإمام السيد موسى الصدر وأخويه الاعلامي الاستاذ السيد عباس بدر الدين وسماحة الشيخ محمد يعقوب ».
وجاء في القرار: «ان وزير العدل يقرر ما يأتي: المادة الأولى: عين القاضي السيد سميح الحاج، قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية، محققًا عدليًا لدى المجلس العدلي في قضية الاعتداء على أمن الدولة الداخلي والتي نتج منها اخفاء سماحة الإمام السيد موسى الصدر وأخويه سماحة الشيخ محمد يعقوب والاعلامي الاستاذ السيد عباس بدر الدين وما يتفرع عنها وجميع الأشخاص الذين اشتركوا أو تدخلوا فيها بأي صفة كانت...».
القضاء اللبناني يستدعي 17 قياديًا ليبيًا لاستجوابهم في قضية إخفاء الامام الصدر وأخويه
وبتاريخ 29/5/2007م عقد المحقق العدلي القاضي سميح الحاج جلسة اطلع خلالها على معطيات الملف، وقرر في ختامها تحديد جلسة في الثاني من شهر تموز المقبل تخصص لاستجواب 17 مدعى عليه من اركان القيادة الليبية باعتبارهم «شركاء» في خطف وإخفاء الصدر وصحبه والتمادي في الجريمة حتى الآن.
وفي تاريخ 2/7/2007م وبعد «تعذر ابلاغهم» عبر القنوات الديبلوماسية في أماكن اقامتهم في ليبيا حسب وثائق الخارجية، قرر القاضي الحاج ابلاغ المدعى عليهم في القيادة الليبية عبر الصاق مذكرات جلبهم على لوحة على مدخل مبنى المحكمة.
اما المدعى عليهم المقرر ابلاغهم لصقًا فهم: المرغني مسعود التومي، احمد محمد الحطاب، الهادي ابراهيم مصطفى السعداوي، عبد الرحمن محمد غويلة، محمد خليفة سحيون، عاشور الفرطاس (وكيل الخارجية الليبية عام 1978)، احمد شحاته (رئيس مكتب الاتصالات الخارجي في الامانة العامة لمؤتمر الشعب العام 1978)، احمد مسعود صالح ترهون، محمد علي الرحيبي (مقدم في شرطة المباحث الليبية)، ابراهيم خليفة عمر، عيسى مسعود عبد الله المنصوري، علي عبد السلام التريكي (الخارجية ـ الامم المتحدة منذ 1978 حتى 2004)، عبد السلام جلود، عيسى البعباع (وكيل امانة الخارجية الليبية 1978)، محمود محمد بن كورة (القائم بأعمال سفارة ليبيا في لبنان 1978) ومحمد ولد دادا (السفير الموريتاني في ليبيا 1978).
القضاء يقرر ملاحقة مسؤولين ليبيين بتهمة إخفاء الإمام الصدر وأخويه
وبتاريخ 3/8/2007م ونتيجة لتخلف المدعى عليهم عن المثول أمام القضاء، أصدر المحقق العدلي في قضية إخفاء الإمام موسى الصدر وصحبه في العام 1978م، القاضي سميح الحاج، ست مذكرات توقيف غيابية بحق مسؤولين ليبيين شغلوا مناصب عدة خلال العام المذكور، كما سطّر القاضي الحاج مذكرات بحث وتحرٍّ بحق أحد عشر شخصًا لمعرفة كامل هوياتهم تمهيدًا لإصدار مذكرات غيابية بحقهم.
وكان سبق للقاضي الحاج أن أبلغ المدعى عليهم السبعة عشر لصقًا، على باب المحكمة العسكرية حيث مقر مكتبه.
القضاء يحوّل مذكرات توقيف مسؤولين ليبيين لمذكرات دولية
وفي 21/8/2007م عمّم القضاء اللبناني مذكرات التوقيف الغيابية التي أصدرها بحق ستة من أركان القيادة الليبية عبر الأنتربول الدولي طالبًا تنفيذ مضمونها وتوقيفهم أينما عثر عليهم وهم المرغني مسعود التومي، أحمد محمد الحطاب، الهادي ابراهيم مصطفى السعداوي، عبد الرحمن محمد غويلة، محمد خليفة سحيون وعيسى مسعود عبد الله المنصوري باعتبارهم متهمين بالاشتراك مع أحد عشر آخرين من كبار القيادة الليبية بخطف وإخفاء الإمام موسى الصدر وصحبه الصحافي السيد عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب في العام 1978م. وجاء التعميم بعد تحويل المذكرات اللبنانية الى مذكرات توقيف دولية وفق الأصول المتبعة، علمًا ان مذكرات البحث والتحري الصادرة بحق المسؤولين الليبيين الآخرين عممت ايضًا ليصار الى بيان كامل هوياتهم تمهيدًا لاتخاذ الاجراءات المناسبة في حقهم.
كما عين المحقق العدلي اللبناني القاضي سميح الحاج لجنة فنية للتدقيق في جواز سفر الإمام الصدر الذي عثر عليه في ايطاليا قبل ثلاث سنوات وسلّم للسلطات اللبنانية بعد ثبوت تلاعب وتزوير فيه، والتثبت مما اذا كان شخص آخر استخدم هذا الجواز وانتقل بواسطته من طرابلس الى روما للتضليل.
القذافي أمام المحقّق العدلي بقضيّة خطف الامام الصدر وأخويه
وفي تاريخ 7/2/2008م استدعى المحقق العدلي القاضي سميح الحاج الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي للمثول أمامه عند الساعة التاسعة من صباح 23/4/2008م. وألصقت الدعوى حاملة الرقم 1/1981 على باب المحكمة العسكرية، وجاء فيها أن القذافي مدعى عليه من الحق العام والجهة المدعية بجرم «خطف وإخفاء وحجز حرية وانتحال صفة وتزوير واستعمال المزور»، كما جاء في الاستدعاء أنه إذا لم يحضر القذافي في الموعد المحدد للاستجواب والاستماع لدفاعه في الجرائم المدعى عليه بها فسوف «يُحاكم غيابيًا وفقًا لأحكام المادتين 165 و166 من أصول المحاكمات الجزائية».
ختم التحقيق في قضية تغييب الامام الصدر وأخويه ومذكرة غيابية بتوقيف القذافي
في ختام جلسة 23/4/2008م قرر القاضي سميح الحاج المحقق العدلي اللبناني في قضية إخفاء سماحة الإمام السيد موسى الصدر وأخويه الاعلامي الاستاذ السيد عباس بدر الدين وسماحة الشيخ محمد يعقوب ، اختتام تحقيقاته في القضية، وأحال الملف على النيابية العامة التمييزية لإبداء مطالعتها بالأساس قبل إصدار قراره الاتهامي.
وذكرت مصادر قضائية أن الحاج أصدر مذكرة توقيف غيابية بحق الرئيس الليبي معمر القذافي في القضية بجرم «خطف وإخفاء وحجز حرية وانتحال صفة وتزوير واستعمال المزوّر».
وسبق للحاج أن أصدر ست مذكرات توقيف غيابية أخرى بحق مسؤولين ليبيين سابقين في القضية نفسها وسطر بلاغات بحث وتحرٍ بحق أحد عشر آخرين لمعرفة كامل هوياتهم.
وتتضمن التحقيقات الاستنطاقية في الملف تقرير لجنة من الخبراء الذين كلّفهم الحاج التدقيق في جواز سفر الإمام الصدر وأظهر وجود تلاعب وتزوير فيه.
* البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية:
البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية (تموز - آب 2008) يؤكد متابعة قضية تغييب الإمام الصدر وأخويه في ليبيا :
جاء في هذا البيان الذي وافق عليه مجلس النواب اللبناني في اوائل آب 2008م:
«وفي متابعة قضية تغييب سماحة الإمام موسى الصدر وصحبه والصحافي الأستاذ السيد عباس بدر الدين وسماحة الشيخ محمد يعقوب في ليبيا وهي قضية وطنية كبرى، ستبذل الحكومة اللبنانية الجهود الحثيثة، على مختلف الأصعدة، بما في ذلك على مستوى جامعة الدول العربية، من أجل التوصل الى معرفة مصيرهم وتحريرهم ومعاقبة المسؤولين عن جريمة اخفائهم ومنفذيها والمتورطين بها. وهي ستستمر في متابعة هذه القضية والطلب إلى الجهات القضائية المعنية التعجيل في إنجاز عملها واتخاذ الإجراءات التي تفرضها القوانين اللبنانية».
مطالعة النائب العام التمييزي تطلب اتهام القذافي وستة مسؤولين ليبيين في قضية اخفاء الإمام الصدر وأخويه في ليبيا:
بتاريخ 7/8/2008م ابدى النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا مطالعته في قضية إخفاء الإمام موسى الصدر وأخويه الصحافي السيد عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب في الحادي والثلاثين من شهر آب عام 1978م في ليبيا.
واحال القاضي ميرزا بصفته مدعيًا عامًا عدليًا في القضية ملف التحقيق الى المحقق العدلي فيها القاضي سميح الحاج، لاصدار قراره الاتهامي.
وذكرت مصادر مطلعة ان القاضي ميرزا طلب في مطالعته من المحقق العدلي اتهام الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي وستة مسؤولين ليبيين هم المرغني مسعود التومي، احمد محمد الحطاب، الهادي ابراهيم مصطفى السعداوي، عبد الرحمن محمد غويلة، محمد خليفة سحيون وعيسى مسعود عبد الله المنصوري، بجرم إخفاء الإمام الصدر وصحبه وبالاشتراك في المؤامرات لتغطية الجريمة والتمادي فيها، والتزوير في مستندات رسمية واستعمال المزور، وانتحال صفة والشهادة زورًا.
كما طلب ميرزا اصدار مذكرات القاء القبض بحق المتهمين المذكورين وسوقهم الى محل التوقيف الكائن لدى المجلس العدلي.
كذلك طلب اصدار مذكرات تحرٍّ دائم توصلاً لمعرفة كامل هوية احد عشر مسؤولاً ليبيًا اخرين وهم وزير الخارجية الليبي عام 1978 عاشور الفرطاس، رئيس مكتب الاتصالات الخارجي في الامانة العامة لمؤتمر الشعب عام 1978، احمد شحاته، احمد مسعود صالح ترهون، مقدم في شرطة المباحث الليبية، محمد علي الرحيبي، ابراهيم خليفة عمر، وكيل امانة الخارجية الليبية عام 1978، احمد الاطرش، وكيل الخارجية والامم المتحدة حتى آب عام 2004، علي عبد السلام التريكي، عبد السلام جلود، وكيل امانة الخارجية الليبية عيسى البعباع، القائم بأعمال السفارة الليبية في لبنان في آب عام 1978، محمود محمد بن كورة، والسفير الموريتاني في ليبيا عام 1978 محمد ولد دادا.
وكان القاضي الحاج قد اصدر مذكرات توقيف غيابية بحق القذافي والمسؤولين الستة الليبيين المذكورين في الثالث والعشرين من نيسان الماضي.
المحقق العدلي اصدر قراره الاتهامي بقضية تغييب الإمام الصدر وأخويه موجهًا اتهامات إلى القذافي ومسؤولين ليبيين بالتحريض والمشاركة في الخطف:
اصدر قاضي التحقيق العدلي سميح الحاج بتاريخ 21/8/2008م قراره الاتهامي بتغييب الامام موسى الصدر وأخويه الصحافي عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب. وقد وجه القاضي اتهامات الى الرئيس الليبي القذافي و17 مسؤولاً ليبيًا بالتحريض والاشتراك في خطف الامام وصحبه. كما اصدر القاضي الحاج مذكرة القاء قبض بحق كل من المدعى عليهم وسوقهم مخفورين إلى محل التوقيف التابع للمجلس العدلي في بيروت.
وهنا نص القرار الاتهامي الذي نشر في الصحف:
قرار رقم 1/2008 ـ مجلس عدلي
نحن سميح الحاج قاضي التحقيق العدلي،
بعد الاطلاع على جميع الأوراق والتحقيقات، تبين انه أسند الى المدعى عليهم ومن يظهره التحقيق، انهم خارج الأراضي اللبنانية، وبتاريخ لم يمر عليه الزمن، أقدموا على خطف وحجز حرية سماحة الإمام موسى الصدر وصحبه الصحافي السيد عباس بدر الدين وفضيلة الشيخ محمد يعقوب ، وبالتالي تعريض لبنان للفتنة واثارة النعرات المذهبية والنزاع بين الطوائف،
الجرائم المنصوص عنها والمعاقب عليها في المرسوم الاشتراعي رقم 27 تاريخ 5/3/1959 والمواد 569 و450 و459/454 و392 و408 و213 و217 و218 و219 و308 و307 من قانون العقوبات اللبناني، (...)
(...) لذلك تقرر:
أولاً ـ اتهام المدعى عليه معمر القذافي المبينة هويته اعلاه بمقتضى المادة 569/218 من قانون العقوبات اللبناني لجهة التحريض على خطف وحجز حرية كل من سماحة الإمام السيد موسى الصدر والصحافي السيد عباس بدر الدين وفضيلة الشيخ محمد يعقوب، الجريمة الحاصلة بتاريخ 31/8/1978م.
ثانيًا ـ اتهام كل من المدعى عليهم: المرغني مسعود التومي، وأحمد محمد الحطاب، والهادي ابراهيم مصطفى السعداوي، وعبد الرحمن محمد غويلة، ومحمد خليفة سحيون، وعيسى مسعود عبد الله المنصوري، المبينة كامل هوياتهم أعلاه، بمقتضى المادة 569/213 من قانون العقوبات اللبناني لجهة اقدامهم على الاشتراك في خطف الإمام الصدر وصحبه.
ثالثًا ـ اتهام المدعى عليهم: العقيد معمر القذافي، والمرغني مسعود التومي، وأحمد محمد الحطاب، والهادي ابراهيم مصطفى السعداوي، وعبد الرحمن محمد غويلة، ومحمد خليفة سحيون، وعيسى مسعود عبد الله المنصوري، بمقتضى أحكام المادة الثانية من قانون 11/1/1958
رابعًا ـ الظن بالمدعى عليهم المذكورين في البند ثالثًا أعلاه، بالجنح المنصوص عنها في المواد 317 و463 و463/ 454/213 و392/213 عقوبات.
خامسًا ـ اصدار مذكرة القاء قبض بحق كل من المدعى عليهم المذكورين أعلاه وسوقهم مخفورين الى محل التوقيف التابع للمجلس العدلي في بيروت.
سادسًا ـ اتباع الجنحة بالجناية لعلة التلازم.
سابعًا ـ تسطير مذكرة تحرٍّ دائم توصلاً لمعرفة كامل هوية كل من المدعى عليهم: عبد السلام جلود، محمود محمد بن كورة، أحمد الأطرش، عيسى البعباع، عاشور الفرطاس، علي عبد السلام التريكي، أحمد شحاته، أحمد مسعود صالح ترهون، ابراهيم خليفة عمر، محمد علي الرحيبي، محمد ولد دادا.
ثامنًا ـ تدريك المتهمين والأظناء الرسوم والنفقات كافة.
تاسعًا ـ اعادة الأوراق الى جانب النائب العام لدى المجلس العدلي لايداعها مرجعها المختص.
النص الرسمي للبيان الليبي الصادر عن أمانة الخارجية للجماهيرية الليبية بتاريخ 17/9/1978م
يعتبر الإمام الصدر من الشخصيات الإسلامية الكبيرة وزعيماً لطائفة الشيعة الإسلامية في لبنان وتربطه بالجماهيرية علاقات متينة مبعثها التقدير والاحترام للدور المهم الذي يقوم به الإمام الصدر في المجالات الإسلامية والسياسية عربياً وإسلامياً، وقد زار الجماهيرية مرات عدة من قبل وفي يوم 18/7/1978م اتصل عصام مكي ممثل الإمام موسى الصدر الذي كان موجوداً في الجزائر آنذاك بسفارتنا معرباً عن رغبة الإمام في زيارة الجماهيرية. وقد أبلغت سفارتنا في بيروت يوم 19/7/7م الترحيب بالزيارة.
وعند اتصال القائم بأعمال سفارة الجماهيرية بالإمام أبلغه أنه نظراً إلى انشغاله في ذلك الوقت يقترح أن تتم الزيارة خلال النصف الثاني من شهر رمضان المبارك، وحدد الإمام يوم 25/8/1978م موعداً لزيارته.
ووصل إلى طرابلس واستقبل استقبالاً حاراً وأجرى أثناء زيارته العديد من اللقاءات.
ثم طلب الإمام الحجز له للسفر إلى روما ومنها إلى باريس فقامت اللجنة الشعبية في مطار طرابلس العالمي بالحجز له على طائرة الخطوط الإيطالية "اليطاليا" المتجهة إلى روما على الرحلة 188 مع مرافقيه الأستاذ السيد عباس حسين بدر الدين وفضيلة الشيخمحمد شحاته يعقوب.
ونظراً إلى عدم وجود أماكن في الطائرة المذكورة على الدرجة الأولى، فقد قام ممثلو شركة " اليطاليا" في طرابلس بناء على طلب اللجنة الشعبية للمطار، بإنزال راكبين من ركاب الدرجة الأولى وتحويلهما إلى الدرجة السياحية لتمكين الإمام ومرافقيه من السفر على الدرجة الأولى وهذان الراكبان هما السيد "فالنتي" الموظف في شركة اليطالية في طرابلس والسيدة "دونسلمان"، وهما إيطاليا الجنسية.
وسافر الإمام الصدر على متن طائرة الخطوط الإيطالية إلى روما ( الرحلة رقم 881) يوم الخميس 28 رمضان 1389 هـ الموافق 31 أغسطس 1978 الساعة الثامنة والربع مساء، وقام بتوديعه الأخ أحمد الحطاب عن مكتب الاتصال العربي في مـؤتمر الشعب العام ومندوب عن اللجنة الشعبية للمطار وممثل عن الشركة الناقلة " اليطاليا".
وفي يوم 12/9/1978م تسلم ممثل شركة "اليطاليا" في طرابلس برقية موجهة من المدير الإقليمي للشركة في بيروت عند الساعة العاشرة صباحاً يستفسر فيها عن المسافرين موسى وعباس ويعقوب على الرحلة 881 في تاريخ 31/8/1978م. وقد رد عليه مندوب شركة "اليطاليا" في طرابلس ببرقية الساعة 30،14 من اليوم نفسه مؤكداً له أن الإمام موسى الصدر وعباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب غادروا طرابلس على رحلة "اليطاليا" الرقم 881 في تاريخ 31/8/1978م المتجهة إلى روما.
وإذ تؤكد أمانة الخارجية أن الإمام الصدر، الذي تربطه بالجماهيرية علاقات أخوية متينة وتكن له كل احترام وتقدير قد غادر طرابلس إلى روما، تؤكد كذلك أن الإشاعات التي ترددها بعض الدوائر المشبوهة المغرضة تريد بها أن تفجّر الموقف في لبنان آخر معاقل الثورة الفلسطينية. ولذلك فإن الجماهيرية تلقى بكامل ثقلها مع القوى الإسلامية والتقدمية لمعرفة مصير الإمام موسى الصدر وإنقاذ حياته وحياة رفيقيه. وإننا على اتصال مستمر مع الحكومة الإيطالية التي سافر إليها الإمام الصدر على متن إحدى طائرات خطوطها في هذا الشأن وإن الجماهيرية تولي الأمر اهتماماً كبيراً. (انتهى)
________________________________________________
الامام الصدر محتجز في مبنى وسط غابة مسورة... بمدينة سرت...
الثلاثاء, 01 ت1, 2002
المصدر: صحيفة الشرق الجديد المصرية
رسالة مُغْفَلة تلقتها "الشرق الجديد" على البريد الالكتروني... وصف كاتبها نفسه بانه قريب من نجل معمر القذافي سيف الإسلام... وانه مع حوالي 60 من الحرس والمرافقين قاموا بزيارة مبنى في سرت محاط بسور يبلغ محيطه 3 كيلومترات .. وسط اشجار كثيفة لا يمكن ان تخترقها العيون.. وشاهد بأم عينه الإمام المغيب موسى الصدر وقد شاخ واكتهل يستقبل سيف الإسلام القذافي جالساً وفي يده كتاب وعلى عينه نظارتين... وقد دام اللقاء حوالي نصف ساعة... غادر بعدها سيف الإسلام المكان... دون ان يقوم الإمام لوداعها(انتهى).
_______________________________________________________
الجزائر تايمز: موسى الصدر حيّ يرزق في ليبيا...
الاربعاء :19-8-2009
كشف مصدر ديبلوماسي ليبي إنشقّ عن نظام العقيد معمر القذافي لـ "الجزائر تايمز"، أن زعيم حركة المحرومين في لبنان السيد موسى الصدر ما زال على قيد الحياة في عهدة الأجهزة الليبية وفي مكان خاص جدا , و كان السيد موسى الصدر قد أقلق العديد من الجهات في لبنان التي أبطل مشاريعها التدميرية , و قد حاولت جهة فلسطينية إغتياله في لبنان , فقال عمامتي ستحمي المقاومة الفلسطينية , وتحل هذه الإيام ذكرى تغييب وإختطاف موسى الصدر في ليبيا , وللإشارة فإنّ السيد موسى الصدر وصل الى ليبيا بتاريخ 25/8/1978 يرافقه الشيخ محمد يعقوب والد النائب اللبناني حسن يعقوب والصحافي عباس بدر الدين ، في زيارة رسمية، وحلوا ضيوفاً على السلطة الليبية في "فندق الشاطئ" بطرابلس الغرب.
وكان الامام الصدر قد أعلن قبل مغادرته لبنان، أنه مسافر إلى ليبيا من أجل عقد اجتماع مع العقيد معمر القذافي , الذي طلبه شخصيا , و كان للعقيد القذافي مصالح كبيرة في ليبيا .
وقد أغفلت وسائل الاعلام الليبية أخبار وصول الامام الصدر إلى ليبيا ووقائع أيام زيارته لها، ولم تشر إلى أي لقاء بينه وبين العقيد القذافي أو أي من المسؤولين الليبيين الآخرين و شوهد في ليبيا مع رفيقيه، لآخر مرة، ظهر يوم 31/8/1978.
و بعد أن انقطعت أخباره مع رفيقيه، وأثيرت ضجة عالمية حول اختفاءه معهما، أعلنت السلطة الليبية بتاريخ 18/9/1978 أنهم سافروا من طرابلس الغرب مساء يوم 31/8/1978 إلى ايطاليا على متن طائرة "أليطاليا".
وجدت حقائبه مع حقائب فضيلة الشيخ محمد يعقوب في فندق "هوليداي ان" في روما.
أجرى القضاء الايطالي تحقيقاً واسعاً في القضية انتهى بقرار اتخذه المدعي العام الاستئنافي في روما بتاريخ 12/6/79 بحفظ القضية بعد أن ثبت أن الامام الصدر ورفيقيه لم يدخلوا الأراضي الايطالية.
وتضمنت مطالعة نائب المدعي العام الايطالي المؤرخة في 19/5/79 الجزم بأنهم لم يغادروا ليبيا.
وحسب الديبلوماسي المنشّق فإن ملف السيد موسى الصدر ورفيقيه بيد العقيد القذافي شخصيا وثلاثة أشخاص من دائرة نظامه الضيقة, وحسب هذا المصدر فإن التسريبات في البداية كانت مدروسة أوحت أن الصدر قتل فورا , و أن العقيد القذافي سلمه لجهة فلسطينية نفذت إعدامها في حق السيد موسى , غير أن الواقع أن السيد موسى ما زال على قيد الحياة و أنه بات طاعنا في السن , و أنتج عشرات المؤلفات...
و عن إغلاق هذا الملف من قبل العقيد معمر القذافي قال هذا الديبلوماسي أنّ الضغط العربي والإسلامي يجب أن يصل إلى حده الأكبر ليغلق هذا الملف كما أغلق ملف لوكربي وغيره من الملفات ...(انتهى)
ـــــــــــــــــــــ
ليبيا: يجب إخلاء سبيل جميع المحتجزين ظُلماً
إطلاق سراح 88 شخصاً بداية جيدة، لكن يبقى غيرهم الكثيرون
الجمعة, 16 ت1, 2009
المصدر: موقع HUMAN RIGHTS WATCH
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على ليبيا إثر إطلاقها سراح 88 سجيناً عشية 15 أكتوبر/تشرين الأول 2009 أن تُفرج عن جميع السجناء السياسيين، ومن تم احتجازهم ظلماً في السجون الليبية.
المفرج عنهم منهم 45 عضواً من جماعة الجهاد الإسلامي الليبية، وأغلبهم في السجن منذ أواسط التسعينات، إثر إدانتهم في محاكمات مجحفة جراء محاولة الانقلاب على الزعيم الليبي معمر القذافي. يأتي الإفراج عنهم إبان إعلان الجماعة نبذ العنف في أغسطس/آب 2009. وقد أفرجت سلطات سجن بوسليم أيضاً عن 43 "عضواً من الجماعات الجهادية"، حسب الوارد في بيان صحفي لمؤسسة القذافي.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إطلاق سراح هؤلاء السجناء خطوة إيجابية، خاصة بما أن الكثير منهم أدينوا في محاكمات مجحفة". وتابعت: "والآن على الحكومة أن تمضي قدماً وتحرر جميع السجناء السياسيين، وهم أشخاص سُجنوا لمجرد إبداء آراء ينتقدون فيها الحكومة، ويجب أن تطلق معهم سراح جميع المحتجزين ظُلماً".
سجناء جماعة الجهاد الإسلامي الليبية نالوا محاكمات أمام محكمة الشعب ومحكمة أمن الدولة، وتم توجيه الانتقادات لهذه المحاكمات لكونها مجحفة؛ لأنها من بين أسباب أخرى، لم يمثلهم خلالها محامين. وقد دخلت الجماعة في مفاوضات مع الأمن الداخلي بتيسير من مؤسسة القذافي ، مما أسفر عن إطلاق سراح 136 سجيناً من أعضاء الجماعة على مدار العامين الماضيين.
وما زالت السجون الليبية تحف بعشرات السجناء المحكوم عليهم إثر محاكمات مجحفة جراء تعبيرهم عن آرائهم السياسية. عبد الناسر الرباصي، الكاتب، ما زال سجيناً في سجن بوسليم، حيث قابلته هيومن رايتس ووتش في أبريل/نيسان الماضي. وهو يُمضي عقوبة بالسجن لمدة 15 عاماً جراء كتابته رواية عن الفساد وحقوق الإنسان. وبإقرار من وزارة العدل نفسها، فإن 200 سجين تقريباً أمضوا عقوباتهم بالفعل ومعهم بعض من برأتهم المحاكم الليبية رهن الاحتجاز بموجب أوامر من الأمن الداخلي. والأمن الداخلي، التابع لوزارة الداخلية، يشرف على سجنين، هما عين زارة وبوسليم، حيث يتم احتجاز المحتجزين "الأمنيين". وقد رفض الأمن الداخلي تنفيذ أوامر قضائية بإطلاق سراح هؤلاء السجناء، رغم دعوات من وزير العدل بالإفراج عنهم.
وفي إعلان إيجابي آخر، قالت مؤسسة القذافي أيضاً إن الحكومة ستغلق قريباً سجن بوسليم، وسوف تنقل السجناء النزلاء فيه إلى سجن مؤقت، لكن لم يوضح التصريح متى أو كيف سيحدث هذا. ولطالما استخدمت الحكومة هذا السجن، الشهير بتعرض نزلاءه للتعذيب والانتهاكات، في حبس النشطاء السياسيين والكتاب والصحفيين الذين ينتقدون الحكومة.
بوسليم شهد مذبحة سجن 1996 وفيها قُتل 1200 سجين. كما لم تكشف الحكومة الليبية علناً عن أية تفاصيل حول ما حدث أو هي حاسبت أحد على تلك الواقعة. وفي 6 سبتمبر/أيلول، بعد 13 عاماً من حادث القتل، شكل القائم بأعمال الأمين العام للدفاع، هيئة تحقيق من سبعة قضاة، برئاسة قاضٍ سابق بمحكمة عسكرية، لإجراء تحقيق في الواقعة.
وقالت سارة ليا ويتسن: "إغلاق سجن بوسليم، الذي شهد انتهاكات حقوقية مروعة على مدار عشرات السنين، هو لفتة هامة للغاية من النظام". وأضافت: "لكن على الأقل يجب نقل جميع السجناء فيه إلى سجون وزارة العدل، ويجب الإفراج فوراً عن أي سجين تعرض لمحاكمة مجحفة أو تم احتجازه تعسفاً".(انتهى)




