عباس بدر الدين النبأ الوحيد الذي لا يمكن تصديقه!

PDF Print E-mail

بيروت في 15/1/2002
بقلم ملحم كرم
   مرت على الصحافة اللبنانية في القرن العشرين وجوه وأقلام عرف أصحابها كيف يصنعون لاسمائهم بريقاً ساحراً ولأعمالهم تألقاً خالداً لا تمحوه الأيام ولا السنون.
  ومن هؤلاء أصحاب صحف ومحررون وكتاب لم يغيبوا حتى اللحظة عن الذاكرة، فإذا ذكر النجاح لمعت أسماؤهم لتحتل صدارة الأسماء وإذا ورد ذات يوم حديث عن الاستقامة والصدق والشهامة كانوا في مقدمة الذين يشار إليهم، على هذا الصعيد، بالبنان.

   وكثيرون هم الصحافيون اللبنانيون الذين بنوا لأنفسهم وللصحافة مجداً حقيقياً وكانوا أصحاب مدرسة بكل ما تعنيه الكلمة، فلما رحلوا أو غيبوا بقي مجدهم وبقيت مدرستهم ينهل منها الذين جاؤوا، بعدهم، من علمهم وتجاربهم وسلوكهم الكثير من القيم والمبادئ والمثل.
   وعباس بدر الدين واحد من هؤلاء وقد عرفته، كما عرفه الكثيرون غيري، صحافياً خلوقاً ومهذباً وصادقاً. وكانت هذه الصفات النادرة والمحببة تتجلى على صفحات "وكالة أخبار لبنان" المؤسسة الإعلامية المتفوقة التي أنشأها في أواخر الخمسينات لتزود الصحف الصادرة في تلك الأيام بالأنباء المحلية على اختلافها، وكانت هذه الأنباء دائماً تتميز بأناقة تعكس شخصيته الفريدة وحرصه الشديد على أن تأتي واقعية ورصينة وبعيدة عن الإثارة والتهويل. ولذلك كانت الصحف ومحرروها يعتمدونها بلا أي تردد، ودون أن يضطروا للتدقيق في صحة مصادرها. فما دامت واردة من "وكالة أخبار لبنان" فهذا يعني أنها صحيحة وصادقة بعكس ما كانت تحمله إليهم بعض وكالات الأنباء الأخرى.
   وظل عباس بدر الدين يعمل في هذا الإطار حتى اليوم الأخير من أيام عمله الزاخرة بكل مفيد وجميل. ولما حملت الأنباء، يوماً نبأ اختفائه في رحلته الأخيرة مع سماحة الإمام موسى الصدر لم يصدق أحد أنه لن يعود إلى وكالته وأصدقائه وعائلته. وربما كان هذا الاختفاء النبأ الوحيد الذي لا يمكن تصديقه والذي حملته "وكالة أخبار لبنان" ذات يوم من العام 1978 فقال الذين قرأوه "هذا خبر غير معقول... فلا بد أن يعود عباس ولو بعد حين". وأضافوا: "كيف يمكن لصحافي مثله أن يختفي أو يغيب فلا يعرف مصيره وهو الخلوق الآدمي الذي لم يؤذ طوال حياته أحداً من زملائه وأصدقائه، أو من السياسيين الذين كانت وكالته تعنى بأخبارهم، أو من الذين كانوا يستحقون الأذى ممن كانوا يؤذون لبنان وشعبه علناً وعلى رؤوس الاشهاد".
   واليوم، وبعد مضي سنوات طويلة على غيابه المؤلم والغريب، يظل عباس بدر اليدن، بروحه ودماثه خلقه، معنا. ذلك أن غيابه يعني غياباً للقيم التي عاشت معه وعاش معها، وضياعاً للمثل العليا التي اتخذ منها دوماً نبراساً يهتدى به.
   ونقابة المحررين التي تفتقده اليوم تشعر بألم كبير لاستمرار غيابه، وتسأل الله أن لا يكون قد أصيب بمكروه استوجب هذا الغياب فيعود إلى أسرته وإلينا سالماً معافى ليواصل عطاءه الخير في عالم الصحافة والحريات.
   وكان الله مع أخي عباس في غيابه، وكان بعونه أينما كان وحيثما هو الآن.

 
القائمة الرئيسية
  • الرئيسية
  • الأرشيف
  • عن الوكالة
  • عباس بدر الدين
  • قالوا في عباس بدر الدين
  • الصحف اليومية
  • راسلنا
Banner
Banner
حول ملف الإخفاء
  • س س
  • العقيد القذافي
    • ليبيا القذافي
  • لكلمته صولة
  • مطالبات
  • مطالبات - تابع
  • التوطين
  • د.مسيكة :هذه هي وقائع التحقيق
  • التحقيق الايطالي في جريمة الاخفاء
  • من المؤكد
  • قانون انشاء المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ونظامه الداخلي وملاك موظفيه العام
  • موسى الصدر لماذا هو؟
  • معلومات عن خطف الإمام وصحبه
Banner
للعلم والمعرفة
  • العلمنة
  • الوفاق الذي عاش 30 عاماً
  • مصير لبنان في مشاريع
  • تاريخ قوات حفظ السلام في لبنان
  • الخريطة الاميركية للشرق الاوسط
  • الاستراتيجية الاميركية في المنطقة
  • الثورة الإسلامية الإيرانية
  • طائرة الموت الايرانية
Banner
Banner
Banner
Banner

Copyright © 2010 LNA.
All Rights Reserved.

Designed by MS Graphics.