بيروت في: 19/8/2002
بقلم محمد البعلبكي - نقيب الصحافة اللبنانية
أربعة وعشرون عاما مضت على تغييب الزميل عباس بدر الدين مع سماحة الإمام موسى الصدر والشيخ محمد يعقوب وهذا التغييب حمل الاسى والحزن إلى عائلته وإلى الجسم الصحافي الذي عرف الزميل بدر الدين صاحب قلم حر وجريء صرف أيامه بين الحبر واليراع يسعى وراء الحدث، فيلاحقه ويغربله وينشره بأمانة.
بدا ولعه بالصحافة باكراً فنشر نفثات أقلامه في مجلة "الأحد" لصاحبها النقيب الشهيد رياض طه الذي أخذ بيده وشجعه على المضي قدما في مهنة المتاعب متسلحا بالخبر الصادق والأمانة وحرية الرأي والأسلوب اللبق. وكان للصحافي يومها وفي كل يوم دور في توجيه الرأي العام والكشف عن تقصير المسؤولين في معالجة هذه القضية أو تلك التي تهم الشعب.
وبحكم عمله في الصحافة أقام علاقات وطيدة مع رجال السياسة والفكر والاجتماع في لبنان والعالم العربي فنشر أخبارهم في مطبوعته "وكالة أخبار لبنان" .وكان بعض السياسيين يزوده بأخبار ينفرد بها فغدت "وكالة أخبار لبنان" مع مرور الأيام كأنها الناطقة بإسمهم.
وكانت علاقة الزميل عباس بدر الدين بسماحة الإمام موسى الصدر علاقة مبنية على التقدير والإعجاب والمحبة. فالإمام الصدر هو من رجال الدين الحجة، شرع بابه لكل سائل ولا سيما المستضعفين والمحرومين والمغلوب على أمرهم. وأقام حوارا عقلانيا مع كل العائلات الروحية في لبنان. وألقى المحاضرات فوق منابرها داعيا اللبنانيين إلى الانصهار في بوتقة الوحدة الوطنية وإلى نبذ كل الاشكالات الطائفية وإلى حب الوطن والذود عن حياضه بالمهج والغالي.
لازم رفيقنا المغيب سماحة الإمام الصدر في كل تنقلاته فأصبح مستشاره وأحد أبرز المقربين إليه. ورافقه في جولاته العربية حيث التقى الملوك والرؤساء والقادة وكتب عنهم، ودون الأحاديث التي جرت بينهم وبين السيد موسى.
وبحكم علاقته مع سماحة الإمام شارك عباس بدر الدين في تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. وانتخب أول أمين عام له. على أنه ترك المنصب للدكتور أحمد زورة كي ينصرف إلى الوكالة فيعطيها كل وقته وكل جهده وكل ما يتطلبه العمل الصحافي من مثابرة واهتمام بالخبر والحدث.
وآخر رحلة له كانت مع الإمام الصدر والشيخ محمد يعقوب إلى الجماهيرية الليبية في 25/8/1978 تلبية لدعوة رسمية من العقيد معمر القذافي. وكان من المفترض أن يعودوا جميعهم في 31 من الشهر ذاته إلى الوطن الأم وحتى هذه اللحظة ما زالوا مغيبين.
ولقد كان الزميل عباس بدر الدين ذا حدس صحافي مميز وأخلاق مهنية رفيعة. وضع "وكالة أخبار لبنان" في مصاف وكالات الأخبار التي تبحث بصدق وجدية عن الخبر لتنقله إلى قرائها بأمانة.
واليوم يتابع نجله الزميل زاهر بدر الدين حمل هذه الأمانة فيصدر الوكالة يومية متشحة بثوب التجدد والاندفاع وراء الحدث مهما كان نوعه وبعده. ويكمل المسيرة بدأب وصبر ليسلمها إلى والده عندما يعود من غيابه القسري بإذن الله.